الوقت - بعد خمسة أيام من اندلاع الحريق الهائل في أنطاليا، لا تزال النيران تحرق غابات الساحل الجنوبي لتركيا. وحسب آخر التقارير، ارتفع العدد الإجمالي لضحايا الحريق إلى ثمانية مع مقتل شخصين آخرين في بلدة مانافجات. وحسب وزارة الغابات التركية، فإن 13 طائرة و45 مروحية إطفاء و828 سيارة إطفاء تعمل على مدار الساعة لاحتواء الحريق، واتخذ الجيش التركي مؤخرًا إجراءات لإخماد النيران الهائلة الحالية.
يأتي هذا الوضع في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التركي يوم السبت "حالة المناطق المنكوبة" في المناطق المتضررة بعد حرائق الغابات واسعة النطاق في غابات البلاد. تشير تقارير جديدة إلى أنه إضافة إلى تركيا واليونان وإيطاليا، فإن كرواتيا تصارع أيضًا مع ألسنة اللهب، وهناك أدلة على انتشار حرائق الغابات في مناطق الغابات في هذه البلدان. في مثل هذا الوضع الحرج، أصبحت قضية البيئة الآن أكثر من أي وقت مضى محور اهتمام وسائل الإعلام وحتى المراقبين السياسيين والاجتماعيين.
تزعم وسائل الإعلام التركية تورط مجموعات إرهابية
في الأيام الأخيرة، كانت قضية منفذي حريق غابات تركيا محط اهتمام المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام. حتى في الأيام القليلة الماضية، أعلن رجب طيب أردوغان عن اعتقال أحد المشتبه بهم في حرائق الغابات بالقرب من بلدة ميلاس في مقاطعة موغلا. لكن مصادر إخبارية تركية زعمت مؤخرًا أن مجموعة فرعية من جماعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية كانت مسؤولة عن هذه الخطوة. وقالت جماعة تابعة لحزب العمال الكردستاني في بيان "حان الوقت الآن لتركيع تركيا على ركبتيها"، واسم هذه المجموعة هو "مجموعة مبادرة أطفال النار". الجماعة هي فرع من حزب العمال الكردستاني وتدعي أنها نفذت عشرات عمليات الحرق العمد منذ عام 2019. وكانت الجماعة قد أعلنت في وقت سابق أنها ستواصل إضرام النيران بشكل منهجي في المنشآت والمناطق التركية. في وقت سابق من اليوم، قالت الجماعة في بيان على موقع إلكتروني موالي لحزب العمال الكردستاني، إنها قامت بين 11 يوليو و 27 أغسطس 2019، بتنفيذ 27 حريقا منفصلا في مدن رئيسة بغرب تركيا، بما في ذلك حريق في مقاطعة إزمير الغربية. وفي الحالة الأخيرة تم تدمير حوالي 500 هكتار من الغابات في مناطق "كاراباجلار" و "مندرس" و "سفاري حصار".
انعكاس بيئي لتركيا
على الرغم من مزاعم وسائل الإعلام التركية بأن جماعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية وغيرها من الجماعات المناهضة للحكومة قد تورطت في الحرائق الهائلة الأخيرة في البلاد، هناك أيضًا حقيقة أنه في السنوات الأخيرة، تم تكثيف قضية الحرب البيئية من قبل مختلف الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية. في الواقع، تعتبر السياسة البيئية قضية مهمة من قبل الحكومات المختلفة، وبالتالي فإن القادة السياسيين في العديد من البلدان، وخاصة في منطقة غرب آسيا، يحاولون دمج بيئتهم، والتي تكون أحيانًا مترابطة مع دول الجوار الأخرى لصالحهم ولصالح الآخرين. وفي الوقت نفسه، كانت تركيا أحد اللاعبين الرئيسيين والرائدة في مجال السياسة البيئية. على مدى العقدين الماضيين، أغرقت البلاد موارد المياه في العراق وسوريا في أزمة كبيرة من خلال بناء السدود على مياه نهري دجلة والفرات. كما اتبعت سياسة تدمير وحتى نقل البيئة في الأراضي المحتلة في سوريا والعراق في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، في الأشهر القليلة الماضية، نشر الجيش التركي العديد من الوثائق حول قطع الأشجار في شمال العراق. حتى بعد احتلال أنقرة لعفرين، هناك أدلة كثيرة على أن البلاد نقلت أشجار الزيتون في شمال غرب سوريا إلى تركيا.
دخان نار في عيون حكومة أردوغان
لا يمكن اعتبار الحريق الأخير من وجهة نظر بيئية فقط، لكن من المؤكد أنه يمكن أن يكون له عواقب سياسية بعيدة المدى. لا شك أن الحريق الأخير بسبب حدوثه في المناطق الجنوبية الغربية، وخاصة أنطاليا، أكبر مركز سياحي لتركيا، سيتسبب بلا شك في أضرار جسيمة لقطاع السياحة في البلاد، والتي تعد أحد المصادر الرئيسة للتمويل والازدهار الاقتصادي لتركيا. بالطبع يمكن اعتبار رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية أهم الفاعلين المتأثرين بهذا الحدث. كان أردوغان ومسؤولون حكوميون أتراك آخرون يأملون في الاستفادة من الوضع لتقوية الاقتصاد التركي وتحسينه بعد انحسار الازمة الأولى الناجمة عن تفشي فيروس كورونا في البلاد، وبالتالي الاحتفاظ بفرصة الأغلبية في الانتخابات البرلمانية. يبدو أن الحرائق الأخيرة قد تصعد الضرر إذا تركتها الحكومة التركية دون رادع، ما يضع أردوغان في الموقف السياسي للمعارضة. حتى إدارة هذا الحدث من قبل حزب العدالة والتنمية يمكن أن تنظر فيه المعارضة التركية.
صمت أوروبي على المساعدات لتركيا
قضية أخرى مهمة فيما يتعلق بالنيران الأخيرة في تركيا هي الصمت الكبير للدول الأوروبية في تقديم المساعدة وحتى التعاطف مع تركيا. حتى الآن، تدخلت دول مثل إيران وروسيا وأوكرانيا وجمهورية أذربيجان لمساعدة رجال الإطفاء الأتراك، وأعلنت دول مثل كازاخستان واليونان استعدادها للمساعدة، على الرغم من رفض طلب أردوغان لأثينا، فإن صمت الدول الأوروبية في تقديم المساعدة لتركيا يشير بوضوح إلى إضفاء الطابع المؤسسي المتزايد على الاختلافات بين تركيا وأوروبا. كما أنه لم يكن سرا في السنوات الأخيرة أن علاقات أنقرة مع الدول الأوروبية شهدت أزمات عميقة. قد يكون الحريق الأخير أيضًا دليلًا على حقيقة أن قضية تحالف تركيا الاستراتيجي مع العالم الغربي قد انتهت إلى الأبد.