الوقت - أجرى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، زيارة إلى تركيا، يوم الجمعة 9 يوليو، استمرت 3 أيام، وذلك استجابة لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وخلال هذه الزيارة التقى الرئيس التركي نظيره الفلسطيني محمود عباس في إسطنبول، يوم السبت، وبحث الرئيسان سبل تعزيز التعاون بين البلدين، إضافة إلى مناقشة التطورات الأخيرة للوضع في فلسطين.
وبحسب الاناضول، تبادل الرئيسان وجهات النظر بشأن القضية الفلسطينية، ومسيرة المصالحة بين الأطراف الفلسطينية والانتخابات المقبلة.
وخلال اللقاء الثنائي أكد الرئيس التركي أنه من غير الممكن إرساء السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة، طالما استمرت إسرائيل في سياسات الاحتلال وضم الأراضي.
في حين قدم الرئيس الفلسطيني الشكر لتركيا على ما تقدمه من دعم سياسي لفلسطين في المحافل الدولية، وعلى مساعداتها لبلاده.
وعقب اللقاء الثنائي المغلق بين الرئيسين، جرى لقاء موسع بين وفدي البلدين، وضم الوفد التركي وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان.
ومن الطرف الفلسطيني، حضر السفير الفلسطيني في أنقرة فائد مصطفى ووزير الخارجية والمهاجرين رياض المالكي ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، ورئيس المخابرات ماجد فرج.
وعن الزيارة قال فائد مصطفى، سفير فلسطين لدى تركيا، السبت، إن زيارة الرئيس محمود عباس إلى تركيا "مهمة وتأتي في توقيت مهم".
وقال مصطفى إن "الزيارة تأتي في توقيت مهم بعد التطورات الأخيرة التي عصفت بالمنطقة، والتي شهدتها القضية الفلسطينية، بما في ذلك العدوان على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في الضفة الغربية وفي مدينة القدس". وذكر أن اللقاء "فرصة لمناقشة قضايا متعددة، في ظل علاقة ثنائية طيبة تجمع تركيا وفلسطين".
وقال إن التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية في الشأن السياسي ستكون حاضرة على أجندة البحث. وأردف إن "الوفد الكبير والمهم" الذي يرافق الرئيس الفلسطيني، سوف يجري لقاءات مع المسؤولين الأتراك "بهدف تمتين وتقوية العلاقات بين البلدين والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك".
واختتم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأحد، زيارته إلى تركيا، استمرت 3 أيام، وقال فائد مصطفى، سفير فلسطين لدى تركيا لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية: "الزيارة اختتمت هذا اليوم (الاحد)، ويغادر السيد الرئيس عائدا إلى الوطن، بعد هذه الزيارة الناجحة".
وأضاف: "استطعنا فيها (الزيارة) التوافق على كثير من القضايا، بما في ذلك قضايا الشأن الوطني الفلسطيني".وتابع أن عباس أطلع الرئيس التركي "على الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الفلسطينية، الرئيس التركي بارك هذه الخطوات".
وقال مصطفى، إن "علاقات واسعة تربط تركيا مع فلسطين، توليها تركيا اهتماما خاصا سواء اقتصادية أو تجارية أو سياسية". وأضاف إن تركيا تتحرك في العديد من البؤر في العالم، وتجري اتصالاتها مع عدد من الدول "من أجل نصرة شعبنا وقضيته العادلة وتنسق الجهود مع القيادة الفلسطينية".
وتحدثت مصادر عربية عن ان أبو مازن طلب من أردوغان أن يجمع وجهات النظر بشكل مؤقت بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، بعدما رفضت كلا من مصر والأمم المتحدة وأميركا، تسليم ملف إعادة الإعمار للسلطة منفردة، وأن يكون هناك إشراف أممي ومصري على تصرف السلطة.
وأكدت المصادر أن السلطة الفلسطينية كانت تظن أن حرمان حماس من المشاركة في ملف إعادة الإعمار، سيتيح لبقية الفصائل السيطرة على الأموال المقدمة من أجل إعادة الإعمار، ولكنها أحبطت بسبب عدم ثقة المجتمع الدولي بها أيضا.
المصادر أشارت الى أن محمود عباس يسعى لوساطة أردوغان بين فتح وحماس، مقابل تمكينه من السماح لاستغلال السواحل الفلسطينية للتنقيب عن الغاز، بالإضافة إلى إعادة تركيا إلى الواجهة من جديد في استغلال القضية الفلسطينية، لمساندة أردوغان في أزماته الداخلية والخارجية، في وقت يشتد الهجوم عليه من الخصوم والحلفاء، ولاسيما بعد أزمته الأخيرة مع الإخوان.
وقالت مصادر فلسطينية إن زيارة عباس لتركيا تأتي بسبب رغبته في كسر شبه العزلة التي يعاني منها، وخاصة مع تدهور علاقاته الإقليمية والدولية ومع الضغوط الداخلية، في ظل اضطرابات لديه في ممارسة دوره كقائد حركة فتح، وفشله في التنسيق مع حركة حماس وخاصة فيما يتعلق بالحرب الأخيرة، ما يعتبر مصالح مشتركة ظرفية فرضتها الأحداث الجيوسياسية الأخيرة.
ويرى مراقبون أن اختيار عباس هذا التوقيت لتلبية دعوة أردوغان لا يخلو من رسائل سياسية في ظل الأزمات التي تحاصره في الداخل، وفتور علاقته بمصر، التي لم تعد تخفي تبرّمها من طريقة تعاطي الرئيس الفلسطيني، ومسايرته غير المقبولة للدائرة الضيقة المحيطة به، وهو ما ترجم في عزوف القاهرة عن توجيه أي دعوة له على مدار الأشهر الماضية، على الرغم من أنها الممسكة حاليا بملفي المصالحة الفلسطينية والتهدئة مع الكيان الصهيوني.
حماس: نأمل أن تسهم زيارة عباس إلى تركيا في دفعه للالتزام بإجراء الانتخابات الفلسطينية
وعلق رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس، سامي أبو زهري، على زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى تركيا في أعقاب دعوة رسمية تلقاها من أنقرة.
وقال أبو زهري:” نأمل أن تسهم زيارة محمود عباس إلى تركيا في دفعه للالتزام بإجراء الانتخابات الفلسطينية وعدم تعطيلها”.
وطالب برفع القبضة الأمنية عن الشعب الفلسطيني، والتي نتج عنها اعدام الناشط نزار بنات، كما دعا إلى كف يد الأجهزة الأمنية عن ملاحقة الصحفيين والنشطاء.
مئات الفلسطينيين يتظاهرون وسط رام الله مطالبين برحيل عباس
وتزامناً مع هذه الزيارة تظاهر المئات وسط مدينة رام الله يوم الأحد 11 يوليو 2021 مطالبين برحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس احتجاجا على وفاة ناشط خلال عملية اعتقاله نهاية الشهر الماضي.
ورفع المشاركون في المظاهرة الأعلام الفلسطينية ولافتة كتب عليها "ارحل يا عباس احنا بدنا انتخابات" وأوراقاً صغيرة كتبوا عليها "إرحل".
وردد المشاركون في المظاهرة خلال سيرهم في بعض شوارع المدينة، ودون سلوك الطريق المؤدي إلى مقر الرئيس الفلسطيني كما جرت العادة، "ارحل ارحل يا عباس.. يسقط يسقط حكم العسكر".
ورأى مراقبون ان المظاهرات والمظاهرات المضادة كانت في ذروتها في الضفة الغربية، ولعل ذلك ما دفع الرئيس محمود عباس للتوجه إلى تركيا على أمل إحياء المصالحة الفلسطينية وإخراجها من الغيبوبة التي دخلتها عقب لقاءات القاهرة التي عطلها موقف السلطة المتوجس من الانتخابات التشريعية والرئاسية ومن إصلاح منظمة التحرير، بل ومن حكومة الوحدة التي اقترحتها السلطة ذاتها في رام الله، فالسلطة في رام الله متوجسة من كل شيء، غير متمكنة من الحاضر، ولا متفائلة بالمستقبل وما يخبئه.
فمن الصعب ان تنجح الوساطة التركية في تهدئة الشارع واحتواء المظاهرات الرافضة التي ترى ان لا مكانة لعباس لدى الفلسطينيين لا في الضفة ولا في خارجها ولن يتمكن ابو مازن من خلال هذه الزيارة إعادة المحتجين على مقتل بنات الى بيوتهم.
كما يعتقد محللون ان الخيارات أمام السلطة في رام الله وقيادة فتح تضيق؛ فإما أن يتدارك القادة في السلطة وحركة فتح الأمر قبل غياب الرئيس الثمانيني، وإما ان يدخلوا في نفق يصعب التكهن بمساره وتداعياته لا على الشارع الفلسطيني بل على حركة فتح وقيادات السلطة في رام الله. فسلطات الاحتلال تعمل ليل نهار على تفكيك السلطة وقيادة فتح وشرذمتها كمقدمة عملية تحويل الضفة الى كنتونات يحكمها قادة أمنيون وزعامات جهوية؛ كل يعمل على هواه.
ويسعى الرئيس الفلسطيني الذي يواجه رفضاً داخلياً واسعاً بسبب ما وصف بانه دور سلبي للسلطة الفلسطينية في الحرب الأخيرة بين حماس والكيان الصهيوني وكذلك ملف مقتل المعارض الفلسطيني نزار بنات والتي فجرت احتجاجات واسعة في الضفة الغربية الى الخروج من شبه عزلة مع تدهور علاقاته الاقليمية والدولية ومع الضغوط الداخلية.
كما يبدو ان الرئيس التركي يسعى لاستغلال هذه التطورات بغاية مد النفوذ حيث ترتبط انقرة كذلك بعلاقات وثيقة مع حركة حماس وهو ما اغضب الجانب الإسرائيلي في العديد من المرات.
وبالتالي يرى مراقبون ان تطور العلاقات بين تركيا والسلطة الفلسطينية يأتي وفق مصالح مشتركة ظرفية فرضتها التحالفات الجيوسياسية مؤخرا. وتنظر الدول العربية بكثير من القلق تجاه التدخل التركي المتواصل في شؤونها الداخلية خاصة في ليبيا وسوريا والعراق اضافة الى الساحة الفلسطينية المشتتة.
ويواجه الرئيس محمود عباس أزمة مزدوجة في غياب أي شرعية لاستمراره على رأس السلطة وتآكل شعبيته التي تعمّقت بعد وفاة الناشط المعارض نزار بنات الشهر الماضي، حيث تتهم عائلته والمقربون السلطة بالتسبّب في وفاته.
وكان نزار بنات توفي بعد ساعات قليلة من اعتقاله من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية في منزله بالضفة الغربية، وقد تم تشخيص أثار تعذيب عل جسده. وأثارت الحادثة موجة غضب في الشارع الفلسطيني وسط مطالبات لعباس بالرحيل، وانتقادات من قبل القوى الغربية التي لطالما أبدت دعما ومساندة للسلطة.
وإلى الآن لم تصدر أي نتائج عن التحقيق الذي فتح بشأن وفاة بنات، فضلا عن ذلك تمادت السلطة الفلسطينية في قمعها للأصوات الداعية إلى الكشف عن الحقيقة، حيث جرى اعتقال العديد من النشطاء خلال الأيام القليلة الماضية.