الوقت- انتهت أخيرًا فترة 12 عامًا لرئاسة نتنياهو وحزب الليكود في السلطة والحكم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بتصويت أعضاء الكنيست على الثقة بالحكومة الائتلافية الجديدة بقيادة نفتالي بينيت.
لقد تسبب الجدل حول بقاء نتنياهو أو رحيله في أزمة سياسية كبيرة في المجتمع الإسرائيلي خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى إجراء أربعة انتخابات مبكرة وحكومات غير مستقرة.
ومع ذلك، فإن الرأي العام الإسرائيلي والمحللين ينتظرون الآن لمعرفة ما إذا كانت الأزمة السياسية ستنتهي برحيل نتنياهو أم لا. من ناحية أخرى، خلال سنوات حكم نتنياهو، وخاصةً خلال فترة اصطفاف المعارضة للإطاحة به ومزاعم الفساد ضده وضد أسرته، اشتدت السياسات المناهضة للفلسطينيين والمغامرات الإسرائيلية الإقليمية.
وبالقدر نفسه، اشتدت قضية التهديدات الأمنية ضد الکيان، لدرجة أنه في الحرب الأخيرة على غزة، شهدت معظم الأراضي المحتلة قصفًا غير مسبوق من قبل الفلسطينيين.
وبهذا المعنى، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، إلى أي مدى ستتغير سياسة الحكومة الصهيونية الجديدة تجاه الفلسطينيين، وكذلك مغامراتها الإقليمية؟
الحركة البطيئة للحکومة الائتلافية نتيجة الخلافات الثقيلة
تعود إحدى سمات الانسداد السياسي في المجتمع الصهيوني في السنوات الأخيرة، إضافة إلى النظام الانتخابي الذي يسمح للأحزاب الصغيرة بدخول البرلمان، إلى الفجوة الداخلية الواسعة في الساحة الاجتماعية والسياسية.
وبسبب هذه الفجوة، لا يمكن تشكيل حكومة متماسكة من ائتلاف اليمين أو تحالف اليسار والوسط. وتتجلى هذه الفجوة في مجموعة متنوعة من قضايا السياسة المحلية، بما في ذلك التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة.
ويمكن رؤية وجود مثل هذا الوضع بوضوح في الحكومة الائتلافية لنتنياهو وغانتس(من حزب أزرق أبيض)، والتي، على الرغم من الحاجة إلى تشكيل الحكومة أثناء تفشي كورونا، لكنها لم تدم طويلاً وتمت الإطاحة بها بعد أشهر قليلة في ظل الخلافات حول القضايا الداخلية.
والحکومة الائتلافية الجديدة ليست استثناءً. وما أدى إلى نجاح الحكومة الائتلافية لـ لبيد زعيم حزب يش عتيد(من اليسار الوسط) ونفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي(اليمين المتطرف)، كان في الواقع الإرادة الواسعة لمعارضي نتنياهو للإطاحة به من السلطة بأي طريقة ممكنة.
وهذا يعني أن الائتلاف الأخير لا يقوم على الاتفاق علی البرامج والسياسات المحلية، وسيواجه بالتأكيد نفس مصير تحالف نتنياهو - غانتس في المستقبل القريب جدًا.
حتى أن هذا الوضع قد أثار الآمال لدی نتنياهو في أنه قد يستطيع الإطاحة بحكومة لبيد في المستقبل القريب، وأن يقود الأمور إلى إجراء انتخابات مبكرة أخرى.
حيث وصف نتنياهو في کلمته بالكنيست يوم الأحد الحكومة الجديدة بـ "التحالف الخائن"، وأكد أن فترة حكومة نفتالي بينيت ستكون قصيرةً للغاية، وأن الليكود سيعود إلى السلطة بقوة وأنه سيتولى زمام الأمور مرةً أخرى.
النزعة الاحتلالية جزء من طبيعة الکيان؛ استمرار السياسات المعادية للفلسطينيين
لكن البعد المهم الآخر في النظر إلى سياسات وتوجهات الحكومة الصهيونية الجديدة، يتعلق بسياسة تل أبيب الخارجية ومعاملة الحكومة الجديدة للفلسطينيين ومراعاة حقوقهم في عهد نفتالي بينيت.
لا يمكن إنكار أن جزءًا من التيارات الفلسطينية وحتى الأطراف الأجنبية التي تدعم التسوية والمفاوضات الفلسطينية مع الکيان الصهيوني، تأمل أنه مع رحيل نتنياهو، سيفتح الطريق أمام الصهاينة للعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الخلافات والتوصل إلى اتفاق جديد.
لكن ما إذا كان الکيان الصهيوني سيعدل سياسات نتنياهو القمعية والإجرامية تجاه الفلسطينيين، والسياسات المزعزعة للاستقرار على المستوى الإقليمي خلال تحالف بينيت – لابيد، هو سؤال يمكن معرفة استحالته من خلال النظر إلى مواقف نفتالي بينيت وشريكه الذي يوصف بالمعتدل.
حتی يمكن الادعاء بأن جزءًا من حجة بينيت للانفصال عن ائتلاف حكومة نتنياهو خلال فترة توليه منصب وزير التعليم، مثل أفيغور ليبرمان زعيم حزب "اسرائيل بيتنا"، كان احتجاجه واحتجاج حزبه على عدم فعالية سياسات نتنياهو المعادية للفلسطينيين، وضرورة اتخاذ إجراءات أكبر لقمع الفلسطينيين واحتلال أراضيهم في الضفة الغربية والقدس الشريف.
"سأفعل كل ما في وسعي لضمان عدم حصولهم(الفلسطينيين) على دولة أبدًا". هذا هو أحد المواقف الواضحة لنفتالي صديق نتنياهو القديم ضد الفلسطينيين، والذي أعلنه في عام 2012، وحتى الآن اتخذ دائمًا مثل هذه المواقف، بل حتى أقوى منها.
کما أنه يعدّ من المؤيدين الجادين لبناء المستوطنات الإسرائيلية، وفي الواقع سياسة تهجير الفلسطينيين واحتلال أراضيهم.
في الواقع، كما رأينا في أول رد فعل لحرکة حماس على تغيير الحکومة في الکيان الصهيوني، فإن حكومة تل أبيب الجديدة إذا لم تكن أكثر حدةً وراديكاليةً في سياساتها المعادية للفلسطينيين من حكومة نتنياهو، فإنها لن تکون الأقل. وبناءً على ذلك، إذا كان من الممكن في المستقبل رؤية تغييرات في مواقف وأفعال الحكومة الائتلافية بزعامة نفتالي بينيت ولبيد في الأداء الإجرامي لنتنياهو، فإن هذه التغييرات ستكون فقط بسبب الخوف من قوة المقاومة ومواجهة مصير نتنياهو.