الوقت_ عجّت الموقع الإخباريّة بالرسالة الحادة التي نقلتها فصائل المقاومة الفلسطينيّة إلى الوسيط المصري، وتحذيرها الشديد من أن المهلة التي أُعطيت لتثبيت وقف إطلاق النار مع العدو الصهيونيّ شارفت على الانتهاء دون أيّ التزام منه بموجباتها، الشيء الذي سيدفع المقاومة إلى التصعيد مجدّداً، في ظل ارتفاع حدّة التهديدات الصهيونيّة ضد قطاع غزة المحاصر، بالتزامن مع الجولات المكّوكية التي يقوم بها الوفد المصريّ بين القطاع وتل أبيب لتثبيت التهدئة، حيث وصل وفد مصريّ مؤخراً إلى القطاع للمرّة الثالثة، للقاء فصائل المقاومة واستكمال مباحثات وقف إطلاق النار.
ومع تصاعد نبرة التهديد الصهيونيّة بالاستمرار في سياسة الاغتيالات للتخفيف من حجم الهزيمة الأخيرة، فاجأ قائد حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" في غزة، يحيى السنوار، العدوّ، بجولة ميدانيّة علنية على بيوت عزاء الشهداء، الأمر الذي اعتبره معلّقون صهاينة ترسيخاً للنصر الذي حقّقته المقاومة، بالرغم من محاولة إخفاء ذلك، حيث حملت الرسائل تحدٍّ كبيرة، في وقت هدّدت فيه المقاومة بالعودة إلى التصعيد بسبب الاستفزازات التي يقوم بها العدو، بالأخص في العاصمة الفلسطينيّة المحتلة، وحمايته عمليات اقتحام المسجد المبارك من قبل الصهاينة المتشددين، وفرض حصار على حيّ "الشيخ جراح" بعد فشل محاولات سلب منازل الفلسطينيين هناك.
وبعد ساعات من تهديد وزير الحرب في حكومة العدو، بيني غانتس، بأنّه لن يسمح بعودة تنقيط الصواريخ أو البالونات من غزة، وزعمه أن سياسة الردّ سيتمّ تشديدها بشكل أكبر، اندلعت حرائق عدّة في ما يُسمى "غلاف غزة" نتيجة إطلاق بالونات حارقة من القطاع، بحسب وسائل إعلام عبريّة، ما زالت تنتظر رد الكيان إلى الآن.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينيّة أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على غزة باتت وراء ظهور الفلسطينيين، شملت رسالة المقاومة تهديداً مباشراً وصريحاً، بأنّ أيّ اعتداء على القطاع سيتمّ الردّ عليه بالمثل، خاصة في ظلّ محاولة تل أبيب فرض معادلة جديدة في ما يتعلّق بإطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة التي أرقت الكيان.
وفي هذا الشأن، أوضح الوفد المصريّ أنّهم وجّهوا تحذيراً إلى الكيان الغاشم من الإقدام على عمليات اغتيال ضدّ قادة المقاومة، وبالأخص خلال فترة المباحثات التي ترعاها القاهرة بدعم من الرئيس الأميركيّ، جو بايدن، وتعهّد المصريون للفصائل بأن يتمّ حل مشكلة إغلاق معابر القطاع المحاصر والبحر، وتأخُّر إصلاح خطوط الكهرباء المُغذِّية خلال أيام، فيما بيّنت المقاومة أن تلك القضايا تقع خارج إطار مباحثات وقف إطلاق النار، مشدّدة على أنّ تعنّت الاحتلال فيها سيؤدي إلى إفشال الجهود المصريّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ حركة حماس رحبت بطرح الوفد المصري تجديد مباحثات صفقة تبادل الأسرى، واعتبرت أنه لا جديد في موقفها الداعي إلى إتمام الصفقة، وأنّ كيان الاحتلال هو الذي يرفض دفع الثمن الذي تطلبه المقاومة للإفراج عن الجنود الأربعة، مضيفة أنّ ربط ملف إعادة إعمار قطاع غزة بالتبادل قضية خاسرة، ولا يمكن ابتزاز الحركة به نهائياًّ، فيما أبلغت حماس المصريين، بتشكيل مجلس أعلى في قطاع غزة ليكون بمثابة مرجعية لإدارة ذلك الملف، بمشاركة بين المجتمع المدني وأطراف حكومية ومؤسّسات دولية، مُنبّهة في الوقت ذاته إلى أن إعمار ما دمرته الآلة العسكريّة للكيان ليس بحاجة إلى آليات خاصة أو معقدة.
ورداً على تصريحات رئيس هيئة أركان جيش العدو، أفيف كوخافي، حول تغيير آلية إدخال الأموال القطريّة ومِنَح الإعمار لغزة، لتكون عبر السلطة الفلسطينية برئاسة عباس دون أن تصل إلى حماس، وتنفيذ هجمات عنيفة ضدّ القطاع ردّاً على إطلاق الصواريخ أو البالونات أو فعاليات الإرباك الليليّ، أشارت الحركة إلى أنّها تدرك جيداً محاولات تهرّب الكيان من حالة الفشل لدى جيشه خلال المعركة الأخيرة، في ضوء اتهامات يسوقها رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو ضدّ الجيش، وهذه وصفة سريعة لنسف جهود الوسطاء والعودة إلى مربّع المواجهة الذي انتصرت فيه المقاومة.
يُذكر أنّ عمال شركة الكهرباء التابعة للعدو شرعوا، بإصلاح الأعطال في الخطوط الواصلة إلى غزة، بسبب الخشية من أن يؤدّي استمرار تعطّلها إلى تسرّب مياه الصرف الصحيّ إلى شواطئ "زيكيم" و"نيتسانيم" و"عسقلان" و"أسدود"، وبالتالي إغلاقها أمام الناس، عدا عن التأثير السلبيّ على مشروع تحلية المياه وتسمّم الأسماك، ويأتي ذلك بعد أيام من ربط نقابة عمال شركة الكهرباء في كيان الاحتلال، إصلاح خطوط الكهرباء التي تُغذّي قطاع غزة بعودة الجنود الأسرى من القطاع.
في النهاية، تُدرك المقاومة أنّ لغة الحوار لا تنفع مع العدو الذي تسبب خلال 11 يوماً فقط، باستشهاد مئات الأبرياء، بينهم عشرات الأطفال والنساء والمسنين، وإصابة ما يقارب 9000 آخرين، ناهيك عن الخراب الذي خلّفه العدوان الغاشم، وبناء على ذلك لا يجب أن يجرب الصهاينة آلاف الصواريخ مرة ثانية، لأن الهزيمة القادمة ستكون أشد وطأة وتأثيراً على كافة الأصعدة.