الوقت- في ظل تكثيف الهجمات الصهيونيّة على الفلسطينيين، بعد فشل محاولات سلب ديارهم في العاصمة الفلسطينيّة المحتلة، ومع تصاعد التضامن الشعبيّ العربيّ والإسلاميّ مع فلسطين التي ترزح تحت العدوان الصهيونيّ الإجراميّ، طالبت 10 أحزاب سياسية مصريّة و3 حركات سياسيّة وعدد من الشخصيات العامة، بإلغاء كافة اتفاقيات "السلام" والتطبيع مع كيان العدو، وتقديم الدعم اللازم لتعزيز صمود الشعب الفلسطينيّ وكسر الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر بشكل دائم، فيما طالب 92 نائباً أردنياً بقطع العلاقات مع تل أبيب وطرد سفيرها، ما يعني مزيداً من الضغط على الكيان الصهيونيّ المُستبد الذي لم يعرف السلام يوماً.
دعوة تاريخيّة
من الطبيعي جداً أن يطالب المصريون بإلغاء اتفاق العار الذي وقّعها الرئيس المصريّ أنور السادات مع رئيس وزراء العدو، مناحم بيغن، في العاصمة الأمريكيّة واشنطن، في 26 آذار 1979، في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد لعام 1978، وقد تضمنت قائمة الأحزاب الموقعة على البيان، كلا من، الكرامة، والتحالف الشعبي الاشتراكي، الحزب العربي الديمقراطي الناصري، والحزب الاشتراكي المصري، والسلام الديمقراطي، والوفاق، والدستور، والعيش والحرية تحت التأسيس، والشيوعي المصري، والعمل الاشتراكي، إضافة إلى الشعبية المصرية لمقاومة الصهيونية، ومصريات مع التغيير، والجبهة الوطنية لنساء مصر.
وبما أنّ الجمهوريّة المصرية للأسف، هي أول دولة عربيّة شرعت أبواب الخيانة مع عدو العرب والمسلمين الأول، يؤكّد المصريون على أهميّة أن تكون بلادهم أول من يتخلى عن هذه الخطيئة التاريخيّة والعودة إلى الصواب، وإنّ من بين الشخصيات المهمة التي وقعت على البيان، المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، و وزير الصحة السابق عمرو حلمي، ووزير القوى العاملة السابق كمال ابو عيطة، والكاتب أحمد الخميسي.
ومثلما قوبلت معاهدة الخيانة المصريّة قبل أكثر من 40 عاماً برفض كامل في جميع أنحاء العالم العربيّ، حيث أدينت واعتبرت طعنة في ظهر فلسطين والعرب، لاقى البيان المصريّ أصداء ايجابيّة للغاية على الساحتين العربية والفلسطينية، وقد أشارت الأحزاب والقوى الوطنية المصرية الموقعة على البيان، إلى أنّها "من موقع التأييد والدعم والافتخار، تابعت الانتفاضة البطولية الفلسطينية المشرفة التي يخوضها الأشقاء في الأراضي المحتلة، والذين برهنوا لأحرار العالم – كل العالم– من جديد على حيويّة وعافية خيارات النضال والمقاومة في مواجهة أخس الظواهر الاستعماريّة التي مرت في تاريخ هذه الأمة".
ومع الأخذ بعين الاعتبار أنّ مصر تُعد شريكاً استراتيجيّاً مهماً للكيان الغاصب، أضاف البيان: "بينما كانت الهرولة مستمرة ومخزية في ركب التطبيع مع العدو، جاء المقاومون الفلسطينيون لينزعوا بانتفاضتهم ومرابطتهم أي مشروعيّة عن كل تواطؤ أو توافق جرى أو يجري باسمهم مع الكيان الصهيونيّ"، الشيء الذي يوحي بأنّ اتفاق العار الذي وقعته القاهرة مع الكيان ليس مقدساً، بل يجب إلغاءه بالفعل بسبب تصاعد إجرام العدو ا الصهيونيّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين والعرب.
وبالتزامن مع المتغيرات غير المسبوقة التي شهدتها الساحة الفلسطينيّة، وبالأخص في القدس واللد وغزة وغيرها من الأراضي المحتلة، شدّد المصريون على دعمهم المُطلق لاتساع بقاع التحركات المناوئة لعصابات الاحتلال وحكومته، التي تسعى لحصر المواجهة أو إعادة توصيفها لتأكيد التقسيم أو الاستقطاع، معبرين أنّ الفلسطينيين داخل وخارج الحدود المزعومة أكدوا مجدداً صواب المعركة ووحدتها، وكشفوا زيف التنسيقات التي لطالما انخرط البعض في إطارها.
ولا يخفى على أحد أنّ القضيّة الفلسطينيّة تواجه أًصعب الظروف في تاريخها، والمتمثلة بـ "صفقة القرن" الرامية إلى تصفيّة القضيّة، والتطبيع الذي شكل طعنة في ظهر هذا البلد، ناهيك عن مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين، بالإضافة إلى الحصار والإجرام الإسرائيليّ الممنهج بحق أصحاب الأرض والمقدسات، وهنا تشير الأحزاب المصريّة إلى أنّها تنظر من مقعد الدارس المتعلم، إلى الشعب المصريّ الذي عبر مجدداً عن فطرة وطنية سليمة لم تغادره يوماً، داعما فلسطين “قضية العرب الاولى” بل ”قضية القاهرة الأولى”، ورابطاً بين التهديدات المتواصلة على مياه النيل والدعم “الصهيوني” لتلك المساعي.
وقد مثلت التصريحات الفلسطينيّة صوت الشعوب في مختلف دول العربية، وأوصلت رسالة للكيان الصهيوني الإرهابيّ وداعميه، مفادها بأنَّ الأحرار في كل مكان عربيّ لا يمكن أن يستكينوا أو يخنعوا لجبروت المستبدين أو اتفاقاتهم أو مشاريعهم، حيث أعربت الفعاليات السياسيّة والشعبيّة المصريّة عن تطلعها لعدم التضييق الأمني على الفاعليات الخاصة بدعم وتأييد الانتفاضة الفلسطينية، مذكرة الجميع بمسؤولياتهم الوطنية والقومية، وأن انتهاك العدو لكل مقدس وفي شهر معظم، ليس سوى استعراض للسطوة الإقليميّة ليس فقط في القدس، بل رسالة لكل عاصمة عربية، لا يصح ولا يليق أن تكون بلا رد.
وبالاستناد إلى ضرورة توحيد الصف الفلسطينيّ من أجل تحدي الاحتلال الغاصب ومقاومة التهويد والضم والاستيطان المستمر، دعت الأحزاب المصريّة، القوى الوطنية الفلسطينية إلى تجاوز كل خلاف يمنع وحدة الإرادة والمعركة، وتوحيد صفوفها من أجل مجابهة المشروع الصهيوني لتطوير الانتفاضة حتى تسترد كامل فلسطين وعاصمتها القدس الشريفة، حيث إنّه لا يمكن أن يواجه الفلسطينيون التحديات إلا بوحدة وشراكة حقيقية من خلال الاتفاق على إستراتيجيّة وطنيّة يعيدون فيها بناء مؤسساتهم، ويطلقون يد المقاومة ليدفع الاحتلال الصهيونيّ، بحسب تصريحات سابقة لحركة "حماس".
موقفٌ مُشرف
في الوقت الذي لا تكف فيه قوات المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، طالب 92 نائباً في البرلمان الأردنيّ، حكومة البلاد، باتخاذ موقف قويّ بقطع العلاقات مع الكيان الغاشم التي بدأت في 26 تشرين الأول عام 1994م، وطرد السفير الصهيونيّ من عمان وسحب سفير الأردن لدى تل أبيب، واعتبر النواب الأردنيون أنّ هذا الإجراء هو "رد فعل على انتهاكات الصهاينة بحق المقدسات وسياسات تهجير الفلسطينيين من القدس المحتلة ومن حي الشيخ جراح"، حيث اعتبرت المواقف الأردنيّة مشرفة للغاية أوصلت رسالة لأبناء فلسطين بأنّهم ليسوا وحدهم في معركة الوجود مع الكيان الصهيوني الأرعن، عقب ارتفاع حدة الخيانة والعمالة من قبل بعض الحكومات العربيّة والخليجيّة تحديداً.
وفي هذا الشأن، ناشد رئيس مجلس أوقاف القدس المحتلة، عبد العظيم سلهب، في وقت سابق، الملك الأردنيّ عبد الله الثاني، صاحب الوصاية على المقدسات في القدس، أن يبذل قصارى جهده لوقف الاعتداءات على المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى، فيما نفذ المئات من الأردنيين، وقفات احتجاجيّة قرب سفارة العدو في العاصمة عمان، دعما للفلسطينيين في القدس المحتلة، مجددين مطالبتهم بطرد السفير.
خلاصة القول، من الضروريّ أن تؤخذ المطالبات المصريّة والأردنيّة على محمل الجد من قبل حكومتيّ البلدين، لإنهاء الاحتلال والجرائم التي يرتكبها العدو الصهيونيّ السفاح بحق الفلسطينيين والعرب لتتغير كل الموازين السياسيّة، وخاصة أنّ الصهاينة باعترافهم لا يمكن أن يتوقفوا عند حدود معينة، وقد أثبتت الأيام الأخيرة حقيقة أن الكيان "أوهن من بيت العنكبوت".