الوقت - مع استكمال حصار الجيش واللجان الشعبية لمدينة مأرب، ووصول الحرب اليمنية إلى منعطف حاسم، نقلت وسائل الإعلام عن موقع "الصحافة اليمنية" قوله إن عدداً من مشاة البحرية الأمريكية قد وصلوا مطار "الغيضة" الذي تسيطر عليه السعودية في محافظة المهرة بشرق اليمن.
بايدن يقدِّم التنفس الاصطناعي للجثة العسكرية للتحالف
منذ بداية العدوان العسكري للتحالف بقيادة السعودية على اليمن، شاركت الولايات المتحدة علانيةً وسريةً في الجرائم ضد اليمنيين إلى جانب السعوديين.
وأصرت الولايات المتحدة على مدار هذه السنوات على أن المشاركة في الحرب اليمنية اقتصرت على بيع الأسلحة للإمارات والسعودية، والتعاون مع التحالف للعمليات الجوية، وتقديم الدعم الاستخباراتي، والمساعدة في التزود بالوقود أثناء الطيران.
ومن خلال إنكار وجود مباشر في ساحة المعركة ضد الشعب اليمني، أعلنت واشنطن أن قمع القاعدة في المناطق الجنوبية من اليمن، وخاصةً في محافظتي البيضاء وأبين، هو السبب الوحيد للعمليات العسكرية لمشاة البحرية.
ومع ذلك، فإن الانتقادات المحلية والعالمية لدعم الولايات المتحدة للجرائم السعودية، ما يجعل اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم في السنوات الأخيرة، دفعت جو بايدن إلى التعهد خلال حملته الانتخابية بأن الولايات المتحدة ستنسحب بالكامل من الحرب في اليمن، وتحاول إجبار الرياض على إنهاء الحرب. ومع دخول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، تم الإعلان عن قطع الدعم عن العمليات الهجومية السعودية في فبراير 2021.
ومن المهم الإشارة إلى أن تصرفات البيت الأبيض بإعلان انسحابه من الحرب اليمنية ومحاولة إطلاق محادثات سلام في مسقط، جاءت في أعقاب تطورات مأرب وهزيمة المرتزقة التابعين للسعودية ورئيس الوزراء اليمني المستقيل منصور هادي.
وكانت محاولة إنقاذ الجبهة العسكرية السعودية المفككة في آخر معاقلها الرئيسية في شمال اليمن في محافظة مأرب الاستراتيجية، الهدف الرئيسي للبيت الأبيض خلف الكواليس في إعلان دعمه لوقف إطلاق النار خلال المفاوضات.
والآن أيضاً، وعلى الرغم من عدم تحديد عدد القوات الأمريكية التي تم نقلها إلى محافظة المهرة، وهي محافظة رئيسية أخرى تسيطر عليها السعودية في شرق اليمن، إلا أن مساعدة التحالف العسكري السعودي للحفاظ على السيطرة على هذه المنطقة قد تكون الرسالة الرئيسية لحضور القوات الأمريكية.
يبدو أن إدارة بايدن تعتبر أن تغيير ميزان القوى من الناحية العسکرية هو على حساب السعوديين ولصالح أنصار الله، فعادت مرةً أخرى إلى تقديم الدعم المباشر للسعوديين لوقف تقدم اللجان الشعبية والجيش اليمني.
وهذه القضية وإن كان يمكن اعتبارها ذريعةً لتحقيق التوازن في ساحة المعركة لتعزيز طاولة المفاوضات، ولكن بالنظر إلى أن الشعب اليمني يقاتل لطرد المعتدين الذين يحاولون علانيةً الاستيلاء على أجزاء من البلاد وتقسيمها، فقد أظهرت مرةً أخرى صحة استراتيجية أنصار الله في عدم الثقة في الوساطة الأمريكية.
اليوم، هناك تقارير عديدة وذات مصداقية من وسائل الإعلام الدولية وحتى من حلفاء السعودية في المعركة، بأن الرياض تستخدم إرهابيي القاعدة وداعش لحماية مأرب والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها، وأرسلتهم على نطاق واسع إلى ساحات القتال في مأرب.
وإذا كانت شعارات البيت الأبيض حول محاربة القاعدة في اليمن صحيحةً، فلا داعي للقلق بشأن انتصار أنصار الله، العدو الرئيسي للقاعدة في اليمن.
دعم الرياض في المنافسة الإقليمية في المهرة
لا شك في أن الوجود في محافظة المهرة المحاذية لمحافظة حضرموت النفطية كقاعدة تقليدية للوجود السعودي ونفوذها في الحرب اليمنية، يعني الاستعداد لدعم الرياض في الجبهة التالية لتقدم أنصار الله لتحرير مناطق أخرى من وجود المعتدين.
محافظة المهرة لها أهمية خاصة للسعوديين في مستقبل اليمن. وقد أدت التوترات المتكررة مع إيران وعدم اليقين بشأن استمرار الاعتماد على الطريق الاستراتيجي لمضيق هرمز لصادرات النفط من منطقة الخليج الفارسي، إلى مزيد من الضغط على السعودية للبحث عن بدائل في السنوات الأخيرة.
في أغسطس 2018، أشارت وثيقة مسربة إلى أن الرياض تخطط لبناء خط أنابيب نفط من السعودية إلى شواطئ المهرة وميناء "نشتون"، ما سيوفر منفذًا مباشرًا إلى بحر العرب والمحيط الهندي.
وبعد رفض الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لخطة منح السعودية السيطرة على هذا الممر الإقليمي، رأى السعوديون في الأزمة اليمنية فرصةً فريدةً لتنفيذ هذا الهدف.
ومع ذلك، فإن موقعها الجغرافي على طول الحدود السعودية العمانية، جعلها منطقةً خاضعةً لسيطرة البلدين. ومنذ منتصف نوفمبر 2017، بدأت الرياض في بناء مستوطنات عسكرية حول البنية التحتية الرئيسية والمناطق الساحلية، والسيطرة على مرافق البنية التحتية في المهرة، بما في ذلك ميناء نيشتون وميناء سرفيت ومنافذ "شهن" الحدودية ومطار الغيدة.
ومع ذلك، هناك منافسة واسعة النطاق بين السعودية وسلطنة عمان والإمارات على النفوذ في هذه المنطقة. وقد شهدت المهرة في الآونة الأخيرة خلافات غير مسبوقة بين السكان المحليين حول دعم هاتين الجماعتين المتقاتلتين من أجل قيادة المجلس العام للمهرة وسقطری.
وفي هذا السياق، عُقد اجتماع محلي بقيادة الشيخ "عبود حبود قمصيت" لدعم عبدالله بن عيسى العفر، وهو خيار قريب من الإمارات، ويقيم حاليًا في هذا البلد.
کما تقدم عُمان أيضًا بشكل تقليدي المساعدة الإنسانية للسكان المحليين، في محاولة للحفاظ على توازن القوى الحالي وكبح الطموحات السعودية في المنطقة. وفي العام الماضي، أطلقت عمان قناة المهرية الفضائية، التي تركز على انتقاد الوجود العسكري السعودي والإماراتي في المهرة وسقطرى.
لذلك، فإن خيار الصراع الدموي بين أنصار التيارات الإقليمية الثلاثة في المهرة مرجح للغاية، وفي غضون ذلك يجري السعوديون حاليًا تنسيقًا كاملاً مع الأمريكيين بحجة محاربة الإرهاب.