الوقت- لطالما كان الخليج الفارسي أحد الأسواق المزدهرة والمفضلة للدول التي تبيع الأسلحة العسكرية. ومن بين دول المنطقة، طورت قطر أحد أكثر برامج الأسلحة طموحا في السنوات الأخيرة. وبهدف الوصول الى هذه الغاية، وقع القطريون اتفاقيات عسكرية واسعة النطاق مع مختلف القوى الإقليمية والدولية في السنوات الأخيرة. وفي هذا الصدد، بدأت الحكومة القطرية في الأيام الأخيرة، محادثات لتعزيز التعاون العسكري مع بريطانيا وامريكا وتركيا.
ووفق وزارة الدفاع القطرية، فإنه في إطار الاتفاق الأخير مع بريطانيا، سيجري البلدان مناورات عسكرية مشتركة على استخدام طائرات هوك «Hawk» وطائرات فوييجر «Voyager» لتزويد طائرات القوات الجوية القطرية بالوقود. يعد أسطول سلاح الجو الملكي البريطاني فوييجر RAF Voyager احدى الشركات العسكرية البريطانية النشطة في جميع أنحاء العالم وستكون مؤسسة الطيران القطرية AAR جزءاً من هذه الفعالية على مدار العامين المقبلين.
بعد وقت قصير من هذا الاتفاق، قالت وزارة الدفاع القطرية في بيان لها إن كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين والقطريين في اجتماع بالدوحة بحثوا سبل تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين. وفي وقت سابق، في ديسمبر 2020، وقعت قطر اتفاقية عسكرية مع الحكومة الامريكية بشأن الأنشطة البحرية. كما أعلنت قطر يوم الثلاثاء الماضي عن دخول مزيد من القوات التركية إلى قاعدة الدوحة العسكرية.
ومن بين جميع أفرع الجيش القطري، فإن القوة الجوية هي الأكثر توسعا. حيث تطور سلاح الجو القطري من 12 طائرة عام 2017 إلى 96 طائرة مقاتلة وشراء المزيد من الطائرات.
وفي عام 2017، احتوت القوات الجوية القطرية الملكية (QEAF) على عشر طائرات مقاتلة فرنسية الصنع من طراز ميراج 2000. ولم يكن لهذا العدد من المقاتلات ان يفي بالغرض للدفاع عن النفس امام القوات الجوية الكبيرة والحديثة التي تمتلكها السعودية والإمارات. لكن قطر قامت بموازنة هذا التعادل نسبيا من خلال ثلاث عمليات شراء كبيرة لطائرات مقاتلة جديدة ومتقدمة.
وفي عام 2017، وقعت قطر عقدا بقيمة 12 مليار دولار مع شركة Boeing الأمريكية لشراء 36 مقاتلة متطورة من طراز F-15QA.
ووقعت قطر اتفاقية مع بريطانيا في سبتمبر 2017 لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون Eurofighter Typhoon في محاولة لتنويع قوتها الجوية.
وفي مايو 2015، وقعت الدوحة صفقة بقيمة 6 مليارات دولار مع عملاق الفضاء الفرنسي Dassault لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز رافائيل. وكجزء من الصفقة الأولية، تم طلب 12 طائرة أخرى في عام 2018، ليصل إجمالي عدد الطائرات إلى 36. كما تنوي قطر أيضا شراء 36 طائرة أخرى من هذه الوحدات، وأعربت عن اهتمامها بشراء نظام الدفاع الجوي S-400 من روسيا.
وفي تتمة لهذه العملية، اشترى القطريون ست طائرات دون طيار من طراز Bayraktar TB2 من تركيا. كما ان الدوحة حصلت على سفينتي تدريب كبيرتين تم بناؤهما في تركيا، إضافة إلى أسطول من سفن الدوريات لخفر السواحل. كما وقعت الدوحة اتفاقية مع إيطاليا لبناء غواصة وقاعدة بحرية للبحرية القطرية.
ومن جهة اخرى على مستوى القوات البرية فإن قطر مصممة على تعزيز قدراتها العسكرية ووسعت بشكل كبير أسطول دباباتها، واشترت 62 ليوباردز 2A7 الألمانية المتقدمة للغاية.
العبرة المأخوذة من جرح الحصار الذي دام 3 سنوات
لا شك أن الأحجية الأمنية في الخليج الفارسي وسباق التسلح بين دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العقد الماضي كان السبب الرئيسي وراء ميل قطر إلى زيادة قوتها العسكرية. حيث انهارت العلاقات بين دول مجلس تعاون الخليج الفارسي وخاصة بين القطبين الرئيسيين للمجلس، وهما إخوان قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، بعد تشكيل ما سمي "الربيع العربي"، حيث يسعى كل من هذين القطبين لمساعدة الفصائل المختلفة في الصراع الجاري في ليبيا وسوريا.
ومع ذلك، فإن نقطة التحول في عملية رفع مستوى جهوزية الجيش لتعزيز القوة العسكرية للبلاد من قبل حكام الدوحة يجب أن تكون مرتبطة بالأزمة في مجلس التعاون والحصار الذي فرض على قطر من قبل الدول الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر والذي اقترب للوصول الى حد النزاع العسكري. ففي بداية الأزمة في يونيو 2017، وعلى الرغم من اعتماد قطر على المظلة الأمريكية، كان من غير المصدق أن البيت الأبيض أعطى الضوء الأخضر للسعودية والإمارات لتنفيذ الحصار وتهديد الدوحة بعمل عسكري ضدها.
ومن خلال وضع 13 شرطاً مهيناً عدائياً ضد الدوحة، كان من الواضح أن هناك خلافا كبيرا في دول مجلس التعاون الخليجي من غير المرجح أن يتحسن في أي وقت قريب. وفي ظل هذه الظروف، سعت قطر بهدوء إلى تعزيز قواتها العسكرية الضعيفة ووقعت اتفاقية دفاع عسكري مشترك مع تركيا.
وبموجب اتفاقية عام 2016، تم السماح لتركيا بإنشاء قاعدة عسكرية في قطر، استوعبت في البداية مئات الأفراد الأتراك المبعوثين لتدريب القوات القطرية. تأسست هذه القاعدة العسكرية بموجب اتفاقية وقعت عام 2014. وكان الإغلاق الفوري للقاعدة التركية أحد الشروط الـ13 المعلنة لقطر.
ومن المؤكد أن قرار قطر بالاستمرار في سياستها المتمثلة في زيادة التعاون العسكري مع الدول الأخرى لتعزيز قدراتها العسكرية، من جهة، يُظهر الفشل في حل الأزمة بشكل كامل في مجلس التعاون بعد قمة العلا للمصالحة في السعودية، والتي أنهت الازمة ورفع الحصار عن قطر ظاهريا فقط. وفي خضم الاجتماع اندلعت التوترات الحدودية بين البحرين وقطر، حيث وصف معظم المحللين اعتداء المقاتلات البحرينية للمجال الجوي القطري بانه جاء مع ضوء أخضر سعودي. ومن جهة أخرى، يظهر هذا الامر التغيير في وجهة نظر قادة الدوحة في الاعتماد على الدعم العسكري الخارجي للحفاظ على الأمن ووضع كل بيض الشراكة العسكرية في السلة الأمريكية.