الوقت- توفي القاضي محمد عريبي الخليفة، يوم الجمعة عن عمر ناهز 52 عاما، في مستشفى ببغداد، حيث كان يعالج من مضاعفات فيروس كورونا.
ونعى مجلس القضاء الأعلى في العراق الخليفة في بيان جاء فيه: "يعزي مجلس القضاء الأعلى الأسرة القضائية وعائلة القاضي المتقاعد محمد عريبي الذي وافاه الأجل لإصابته بوباء كورونا. ويود مجلس القضاء الأعلى أن يؤكد أن القاضي الشجاع محمد عريبي كان من أبرز القضاة الذين يتحلون بكل الصفات الإيجابية للقاضي المثالي، وأبرزها شجاعته في التصدي لمحاكمة رموز النظام الدكتاتوري السابق. لذا سوف يبقى خالدا في نفوس العراقيين بشكل عام والقضاة بشكل خاص".
ومن جانبه، نعى رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، القاضي العريبي، حيث قال في وفق ما نقل موقع "كردستان 24": "تلقينا بأسف بالغ نبأ رحيل القاضي محمد عريبي مجيد الخليفة، وإذ ننعي هذا القاضي الجليل، نستذكر باعتزاز أداءه في محاكمة من تلطخت أياديهم بدماء أبناء شعبنا بجرائم الأنفال وغيرها من الجرائم البشعة بحق العراقيين، والاقتصاص منهم على ما اقترفوه، تاركا بذلك بصمة واضحة وأثرا طيبا وذكرا نبيلا في سعيه لإحقاق العدالة".
ووفق تقرير نشره موقع حكومة إقليم كوردستان عام 2007، فإن صدام حسين قبل إعدامه بأيام قليلة كتب عبارة على قصاصة من الورق للقاضي العريبي قائلاً: "أكرهكك كثيرا ولا أطيق رؤيتك وسوف لا أحضر جلسات المحكمة مستقبلاً".
وسبق أن أكد القاضي محمد العريبي في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية في شباط 2015، أنه من حق المتضررين بفاجعة حلبجة "المطالبة بالتعويض عما لحق بهم من أضرار في المحاكم المدنية"، مبيناً أن "المحكمة الجنائية العراقية العليا، احتفظت للمتضررين بحق مراجعة المحاكم المدنية لغرض المطالبة بالتعويض".
من هو القاضي الراحل؟
العريبي، قاض عراقي (ولد في عام 1969) في الكرادة الشرقية ببغداد، وتخرج في كلية القانون قسم الحقوق جامعة بغداد عام 1992، ثم دخل المعهد القضائي عام 1998، وتم تعيينه قاضياً عام 2000 بمرسوم جمهوري واشتهر بعد أن تم تعيينه قاضي تحقيق في محاكمة صدام ونظامه في أغسطس 2004.
وتولى لاحقا منصب كبير قضاة محاكمة صدام بتهمة الإبادة الجماعية، التي شملت أيضا ابن عم صدام علي حسن المجيد، المعروف باسم علي الكيماوي وخمسة متهمين آخرين في تهم تتعلق بأدوارهم في حملة 1987-1988 الدموية ضد الأكراد والمعروفة باسم "حملة الأنفال" في وقت لم يتجرأ فيه العديد من القضاة على أخذ محاكمة الطاغية على عاتقهم.
وتخللت جلسات المحاكمة التي ترأسها العريبي، مشادات كلامية مع صدام حسين أفضت في أكثر من مرة إلى طرد الأخير وترتيب أثر قانوني جراء عدم الانضباط والتزام الهدوء داخل القاعة القضائية.
محاكمة صدام
كان أول قضاة صدام حسين الكردي رزكار محمد أمين، الذي استقال من المحكمة بعد عدة جلسات نتيجة تعرضه إلى ضغوط من جهات سياسية، مثلما أعلن عند إعلانه الاستقالة. أما القاضي الثاني عبد الله العامري، والذي أقيل من منصبه بعد أن أعلن أثناء المحكمة مخاطباً صدام حسين بأنه ليس ديكتاتوراً. وفيما استمر العريبي فترة طويلة في محاكمة صدام حسين، فإن القاضي الكردي رؤوف محمد رشيد هو الذي أصدر حكم الإعدام بحق صدام حسين.
هذا وحلّ عريبي محل القاضي عبد الله العامري الذي أقيل وسط اتهامات بأنه كان لينا للغاية مع صدام أثناء محاكمته. وتحمل عريبي عددا قليلا جدا من المقاطعات من صدام والمتهمين الآخرين خلال المحاكمة، حتى أنه طرد صدام من قاعة المحكمة عدة مرات وسط تبادل كلمات ناري بينهما. وفي إحدى الجلسات، وبعد صياح بينهما، أمر باحتجاز صدام في الحبس الانفرادي لعدة أيام.
وفيما بعد تعرض عدد من أفراد أسرة العريبي لمحاولات تصفية سابقة، اتهم حزب البعث بالوقوف وراءها ضمن أهداف انتقامية.