الوقت- في عام 1948 وقعت النكبة و احتل الصهاينة جزء كبير من فلسطين ما شرد و هجر الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم. وبعد ذلك حدث ما يدعى بالنكسة عام 1967 واكتملت المأساة الفلسطينية و احتلت اسرائيل أكثر من 80% من الأراضي الفلسطينية و ازدادت معضلة اللاجئين الفلسطينيين و بعد ذلك بدأت السياسة الصهيونية في التضييق على الشعب الفلسطيني لتحقيق هدفها في الاستيلاء على الأرض و طرد الشعب الفلسطيني الآمن من أرضه. ونتيجة لذلك كان هناك فصل وتشتت بين العائلات الفلسطينية و منذ ذلك الحين أخذت الأسرة الفلسطينية تحاول جمع شملها من داخل و خارج فلسطين.
"لم الشمل" حقي
بدأت محاولات لم الشمل لدى الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم للعودة لأهلهم الذين بقوا داخل الأراضي المحتلة في عام 1948ولكن سلطات الاحتلال الاسرائيلية كانت و لاتزال تسعى لإبقاء أعداد المواطنين الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 ضمن الحدود الدنيا حيث عملت السلطات اليهودية عام 2003 على وضع قانون المواطنة و هو عبارة عن قانون يتم تمديده سنوياً و ينص القانون على منع توحيد و لم شمل عائلات فلسطينية ممن يحملون هوية السلطة الفلسطينية مع من يعيشون في الأراضي المحتلة عام 1948 و أرادوا الانتقال للعيش بينهم داخل الأراضي المحتلة عام 1948. بطبيعة الحال يتقدم بطلبات "لمّ الشمل" فلسطينيون يقيمون في الأراضي المحتلة، لصالح أزواجهم أو أقربائهم من الدرجة الأولى من غير المسجلين في سجل السكان الفلسطيني الذي تديره إسرائيل، والذين حضروا بطرق مختلفة منها تصاريح دخول إسرائيلية.
حيث تعاني أكثر من 30 ألف عائلة منذ عام 2003 من هذا القانون الذي يعتبر تكريساً للعنصرية التي تمارسها الصهيونية تجاه أصحاب الأرض. و تَسوق إسرائيل الذرائع الأمنية في تبريرها لهذا القانون، لكن يظلّ الهاجس الديموغرافي لديها هو الأساس فيه.
وقام حراك :لم الشمل حقي" بتنظيم وقفة احتجاجية أمام هيئة الشؤون المدينة في مدينة رام الله الفلسطينية يوم الأحد 8 فبراير للمطالبة بإنهاء معاناة آلاف العائلات الفلسطينية المشتتة و تحريك ملف لم الشمل والضغط على السلطات الاسرائيلية بعد تجميدها للملف لوقت طويل. دعا خلاله الوزير حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية إلى توسيع دائرة الضغط على الكيان الصهيوني لدفعها لإعادة تحريك ملف لم الشمل عبر التواصل مع المؤسسات الدولية و مؤسسات حقوق الانسان محلياً و اقليمياً و دولياً. وقال الشيخ إن اسرائيل تجمد لم شمل الفلسطينيين بقرار سياسي و ذرائع و اهية و أكد أن هذا الملف لم يغب أبداً عن اللقاءات مع الجانب الاسرائيلي و أن عدم الحصول على موافقات اسرائيلية على لم الشمل ما هو إلا " جزء من العقوبات و الاجراءات الاحتلالية الاسرائيلية التي يفرضها الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني. وقد كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي قد وافقت قبل عشر سنوات على لم شمل نحو 50 ألف مواطن لكنها عادت و رفضت تحريك الملف.
أين هم العرب من حق "لم الشمل"؟
في ظل مغازلة دول عربية عدة للكيان الصهيوني و اصطفافها منتظرة أخذ الرضا و توقيع اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني تعمل السلطات الاسرائيلية على التضييق أكثر و أكثر على الشعب الفلسطيني وقد حصلت على الضوء الأخضر بلا رقيب و لا حسيب للتفنن في التضييق على الشعب الفلسطيني الأعزل. وكان الشعب الفلسطيني قد انتفض غاضباً تجاه قيام عدد من الدول العربية بتوقيع اتفاقية تطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وخصوصاً أن هذه الدول لم تستطيع أن تؤثر على الكيان الصهيوني و قوانينه العنصرية و توسعه في الاستيطان قبل قرار التطبيع فهل ستؤثر بعد التطبيع؟!
وفي السياق ذاته كانت تغريدة (ببساطة فلسطين ليست قضيتي) لأحد الاعلاميين السعوديين المقربين من الحكومة السعودية مؤشر واضح على الموقف السعودي من القضية الفلسطينية و مظلومية الشعب الفلسطيني. فالنزاع العربي-الاسرائيلي لم يعد كما كان من قبل عقود و تحديداً عندما قاطعت الدول العربية مصر وعلقت عضويتها لسنوات في الجامعة العربية غداة توقيعها اتفاقية "كامب ديفيد" مع اسرائيل. ومن مدة طويلة لم يعد هناك حديث عن نزاع عربي-اسرائيلي و إنما نزاع فلسطيني- اسرائيلي و هو تصريح عربي واضح في التخلي عن القضية الفلسطينية ومن أبرز المؤشرات على ذلك ترحيب الدول العربية باتفاقيات التطبيع التي وقعتها كل من الامارات و البحرين و المغرب والسودان مع الكيان الصهيوني. غير أن الشعب الفلسطيني منذ فترة طويلة لم يعد يراهن على الحكومات العربية الذليلة و مساندتها للقضية الفلسطينية.
بنهاية المطاف ينطوي حرمان الشعب الفلسطيني من حق لم الشمل في ظل الممارسات العنصرية الاسرائيلية، فالعنصرية متأصلة بالحركة الماسونية منذ الأزل. وفي السياق نفسه تعتبر كلاً من العنصرية الاسرائيلية و الأمريكية يسيران بخطين متوازيين حيث إن العنصرية الأمريكية تدعم تلك الاسرائيلية. والعنصرية الاسرائيلية لا تقتصر على اضطهاد السلطات الاسرائيلية لحق لم الشمل فحسب إنما تشمل قتل و اعتقال الشعب الفلسطيني الأعزل، سرقة أراضيهم و منازلهم، حرمانهم من المياه، حرمانهم من حرية الحركة و محاصرتهم، حرمان المرضى من تلقي العلاج و المس بحقوق الانسان كافة المتعارف عليها في العالم وكل ذلك يحدث في ظل صمت دولي وعربي تام!!