الوقت- ما تفعله قوات سوريا الديمقراطية في مدينتي الحسكة والقامشلي لا منطقي ولا أخلاقي. في النهاية هي تحاصر مدينتين سوريتين وأهالي هاتين المدينتين هم من ساعدوها في طرد قوات "داعش" وهم من كانوا في مقدمة المدافعين عن الاكراد. الأكراد هم مكون سوري لكنهم في الحقيقية لا يفرقون عن الاسرائيلي اليوم بشيء. دعم أمريكي وحماية دولية وحصار مدن سورية كما تفعل اسرائيل في الجولان وقتل المدنيين وكل من يقف في وجههم، وقبل يومين قتلت قوات "قسد" شخص وجرحت اربعة جرّاء إطلاق قوات "قسد" الرصاص الحيّ على متظاهرين من أهالي مدينة الحسكة، أمام أحد حواجز القوات الكردية بالقرب من نقطة "كاراج النجمة" في شارع فلسطين.
في الوقت الحالي تفرض "قسد" حصاراً على الأحياء السكنية الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في مدينتي الحسكة والقامشلي عبر إغلاق المداخل ومنع وصول المواد الغذائية إليها، ولكن ما غايات "قسد من هذا الاجراء"؟.
أولاً: تتذرع أنها تصعد أمنياً رداً على حصار تفرضه قوات الجيش السوري على تل رفعت، وأحياء الشيخ مقصود، والأشرفية في حلب، كما تقول، وهو أمر تنفيه المصادر الرسمية تماماً.
ثانياً: ما تفعله "قسد" في الحقيقة جاء استجابة لمطالب أميركية، من أجل التضييق على معاقل الدولة السورية في المدينتين، ضمن شروط أربعة أخرى، عشية وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، تشمل وقف توريدات النفط بشكل نهائي إلى مناطق الدولة السورية، وإنجاز الحوار الكردي الكردي، وتخفيف التوتر مع الجانب التركي.
قسد التي عمدت الى هذا التصعيد بالتوازي مع تصعيد اخر في البادية السورية يقوده تنظيم داعش الارهابي، يؤكد المراقبون في دمشق ان ما يجري يأتي ضمن تعليمات امريكية في ظل ادارة البيت الابيض الجديدة ويدفع ثمنها حوالي مليون مدني.
قسد تحاصر المناطق في الحسكة والقامشلي ارضاءا للامريكي وتمعن في حصار الشعب السوري لتؤكد اوراق اعتمادها لدی الادارة الجديدة في واشنطن في ظل المتغيرات السياسية الكثيرة التي طالت المنطقة
وقال عبد الساتر إن "قسد" أفرجت عن العديد من عناصر تنظيم داعش المسجونين لديها بطلب أمريكي، وأنه تمّ إرسالهم إلى منطقة التنف.
تهجير "داعش" من السّجون إلى البادية مجدداً قد يمنحه فرصة لإعادة تنظيم صفوفه والقيام بعمليات منسقة ضد الجيش السوري، وربما محاولة غزو مدن أو مناطق سورية يتحصّن بها لتأمين قواعد خلفية لعملياته، وهو ما تريده واشنطن لتعقيد المشهد السوري مجدداً ضمن استراتيجية الضغط إلى الدرجة القصوى على دمشق وحلفائها.
وجدت واشنطن في مسلّحي التنظيم داخل سجون "قسد" ورقة استثمار سياسي وميداني، لتحويل البادية السورية وشريان الإمداد البري بين دول المحور، طهران وبغداد ودمشق، إلى واحة للتنظيم الإرهابي مرة أخرى، وخصوصاً بعد ترك الممرات مفتوحة بين البلدين، فليس مصادفة أن يتحرك التنظيم في هجمات متزامنة بين ساحتي سوريا والعراق منذ نهاية العام الفائت، في لحظة استحقاقات سياسية في انتخابات رئاسية سورية وبرلمانية عراقية.
"قسد" تغلق الباب تماماً كما يبدو أمام أي تفاهم مع دمشق، إرضاء للأميركيين وللإدارة الجديدة، التي ضيّقت عليها هامش الوقت، والخيارات السياسية والميدانية، عشيّة وصول بايدن إلى البيت الأبيض، و قبل تحديد وجهة السياسة الأميركية الجديدة في سوريا.
فأي مصلحة تجمع "قسد" بأنقرة عدوتها اللدودة؟ هل تخشى أجندة بايدن؟ أم أن أصل تحركها يأتي بإيعاز أميركي؟ السؤال يبدو مشروعاً، لأن طلبات كردية كثيرة قابلتها دمشق بمرونة، ولا سيما بعد الوساطة الروسية.
ولا تنتظر التحركات الأميركية على الأرض خارطة طريق لسياسة بايدن في سوريا، فكل المؤشرات تؤكد استمرار سياسة ترامب وأوباما أو ربما سياسة أكثر عدائية. وقد وصلت تعزيزات عسكرية غير مسبوقة إلى المالكية في المثلث الواصل بين الحدود العراقية والسورية والتركية في أقصى الشمال السوري، مع تسيير دوريات على الحدود، وسط أنباء عن إقامة قاعدة عسكرية أميركية في المدينة التي هددت أنقرة قبل أيام بعملية عسكرية للسيطرة عليها لطرد "قسد" منها.
تعيد واشنطن استثمار الجميع وتوحيد كلّ الأوراق لتبقي على جبهة مواجهة وحيدة مع الجيش السوري وحلفائه، في رهان على إعادة إحياء مشروع تقسيم سوريا الذي لم تتمكن من تحقيقه طيلة 10 سنوات من الحرب السورية، لكن دمشق لا تزال تملك الكثير من الخيارات العسكرية والسياسية قبل أن تحسم واشنطن أمرها في شرق سوريا.
الاهالي عبروا عن غضبهم من ممارسات قسد التعسفية، انتقدوا ايضا سياسة المجتمع الدولي في التعاطي مع المناطق المحاصرة في شمال شرق البلاد، رافعين مطالبهم بفك الحصار وعودة الدولة السورية الى كافة مناطق المحافظة التي هي بالأصل حقوقهم المشروعه في الاعراف والقوانين الدولية، وما تفعله "قسد" ستحصد نتائجه عاجلاً أم آجلاً فالأمريكي لن يكون في صف الأكراد على حساب علاقته مع أنقرة والأيام أثبتت ذلك والأكراد يعلمون أنهم ورقة "رخيصة" بيد الأمريكي ومع ذلك يستمرون في تحقيق أجندته دون هدف محدد. أيظنون أن بإمكانهم تحقيق دولتهم القومية، هم واهمون لأن تركيا والعراق وسوريا وحتى المجتمع الدولي لن يسمح لهم بذلك، والأيام ستكشف حقيقة هذا الامر.