الوقت- قدمت لجنة الخبراء المستقلين والمراقبين لنظام العقوبات الخاص باليمن والتابعة لمجلس الأمن تقريراً مكون من 248 صفحة تتهم فيه الحكومة اليمنية التي شكلتها السعودية برئاسة معين عبد الملك وتحت رعاية مباشرة من رجل السعودية الأول في اليمن "عبد ربه منصور هادي" بتبييض الأموال والفساد وممارسة خروقات واسعة والتربح الاقتصادي على حساب الشعب اليمني الذي يعاني من ويلات الحرب السعودية عليه.
وجاء في التقرير أن السعودية قدمت ما يقارب من ملياري دولار تحت مسمى "دعم برامج التنمية وإعادة الإعمار" للبنك المركزي اليمني في شهر يناير من عام 2018 ولكن البنك المركزي ومسؤولين في الحكومة السعويمنية انتهكوا قواعد صرف العملات وتلاعبوا بأسعار الصرف وقاموا "بتبييض جزء لا يستهان به من المبلغ المذكور وذلك عبر آلية معقدة للتبييض" وهذا خولهم باختلاس مبلغ ما يقارب من 423 مليون دولار!.
كما أوضح التقرير أن هذه المبالغ تم تحويلها إلى شركات خاصة وهمية يديرها أعضاء في الحكومة السعويمنية وأن البنك المركزي اليمني والحكومة اليمنية لم تستطيع نفي ذلك ولذلك تم تحميلها المسؤولية المباشرة على عملية التبييض والفساد.
يبدو أن التقرير الأممي الجديد يكشف جانباً من أسباب الأزمة الإنسانية في اليمن، فملايين اليمنيين يعانون من تداعيات تهاوي العملة وانهيار الاقتصاد والغلاء الفاحش إلى جانب العدوان السعودي الذي طال على أبناء الشعب اليمني المظلومين، ومن جهة أخرى كان المراقبون اقتصاديون يشيرون دائماً إلى تكون شبكات فساد حكومية تنشط في قطاعات المشتقات النفطية والصرافة والعقارات والكهرباء وتمتد إلى كشوفات الرواتب العسكرية، شكلت في إطارها شبكات واسعة من الأعمال التي وجد فيها تجار الحرب في اليمن وسيلتهم السريعة نحو الإثراء وتكديس الأموال الضخمة.
يكشف هذا التقرير أن أعضاء الحكومة اليمنية يستغلون السعودية من جهتين الأولى لإعطائهم صفة الشرعية التي سلبها منهم الشعب والثانية من أجل ملئ الخزائن والحسابات الخاصة من الأموال وحرمان الشعب اليمني المظلوم من أبسط مقومات الحياة.
فشل الإخضاع العسكري فتم اللجوء للإخضاع الاقتصادي
منذ بداية العدوان الأمريكي على فيتنام في عام 1964 ميلادي قال أحد القادة الأمريكين حينها أن أمريكا ستعيد فيتنام إلى العصر الحجري الا ان ارادة الشعب الفيتنامي هي التي انتصرت في النهاية على الجبروت والطغيان الاميركي.
ويبدو الآن أن أمريكا تطبق نفس المقولة ضد الشعب اليمني المظلوم عن طريق أدواتها في المنطقة مثل السعودية وحلفها المزعوم، والمثير للانتباه هو أن العالم الغربي بأسره كان يصمت كما تصمت الأصنام حيال الغارات الوحشية السعودية ضد الشعب اليمني والتي أدت إلى استشهاد عشرات آلاف المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب اليمني وجرح وإعاقة مئات الآلاف، كما منعوا الأغذية والأدوية ومقومات الحياة وهذا كان السبب الرئيسي في انتشار المجاعة وسوء التغذية والأمراض، ألا يمكن أن نسمي كل هذا بالإبادة المنهجية للشعب اليمني؟!
يبدو أن السبب الرئيسي وراء إخضاع اليمن والسيطرة عليه يكمن في الموقع الجغرافي لليمن حيث أنها تمتلك حدوداً بطول 2000 كم مع السعودية كما تقع على مدخل البحر الأحمر الذي يصل بين المحيط الهندي والبحر المتوسط مروراً بقناة السويس وميناء ايلات الصهيوني، لذلك قررت أمريكا ومن خلفها الكيان الاسرائيلي والسعودية تدمير اليمن وإبادة الشعب اليمني الذي يرغب بيمن مستقل وغير خاضع.
لكن كل ما تحقق على الأرض حتى الآن هو التدمير والإبادة فقط ولم يتمكنوا من إركاع هذا الشعب المظلوم لذلك كان المخطط البديل عن طريق المجيء بحكومة ومنحها صفة الشرعية لتتمكن من نهب الأموال الدولية المحولة لمساعدة الشعب اليمني و تجويع هذا الشعب الذي يفتقر لأدنى مقومات الحياة بعد ضرب البنية التحتية في اليمن وتوقف الاقتصاد والأعمال بشكل شبه كامل.
لكن من عادة التاريخ أن يعيد نفسه فكما حدث في فيتنام وكان إرادة الشعب فوق إرادة طواغيت العالم التي اجتمعت عليه وكما حدث في سوريا والحرب الكونية ضد شعبها المقاوم مشابه تماماً لما حدث في الزمن القديم مع البربر الذين انشقوا عن قرطاجة وقاتلوا ضدها إلى جانب الغزاة الرومانيين ولكن ماذا حدث بعدما دمر الرومانيين قرطاجة؟ اتجهت روما إلى البربر ودمرت مملكتهم أيضاً واستعبدتهم وهذا بالضبط ما سيحدث في المستقبل مع من تآمر وانشق عن الشعب اليمني من القوى التي وقفت مع العدو السعودي والأمريكي وتحالفهم ضد الشعب المظلوم.
فلا عدوانهم العسكري سيجلب لهم السيطرة على اليمن العزيز ولا حصارهم الإقتصادي لأن إرادة الشعوب الحرة كانت دائماً هي المنتصرة عبر التاريخ.