الوقت- يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تحالف الـ«4+1» لمواجهة
الجماعات التكفيرية في سوريا، أو بالآحرى إتحاد روسي إيراني جديد لتغيير قواعد
اللعبة في المنطقة، وهذا بالفعل ما يمكن إستشفافه من خلال إنطلاق المرحلة الثانية
من خطة التحالف بالأمس، حيث أرسلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دفعة أولى من
قوات الحرث الثوري، بعد أن أطلق الجانب الروسي قبل أيام عملياته الجويّة ضد
المسلحين وفقا لما ذکرته جریدة الاخبار.
لم نعتد على واشنطن أن تعترف بأخطائها أو خسائرها سوى بعد مضي سنوات على المسألة شرط أن تقتضي المصلحة الأمريكية ذلك، تماماً كما حصل إبان إحتلال العراق حيث أعلنت واشنطن بعد حوالي الـ7 سنوات عن عدم وجود أسلحة دمار شامل، أو كالحديث الذي صدر مؤخراً عن جنرالات أمريكية بفشل الناتو في أفغانستان، ولكننا اليوم، نشاهد تهليل أمريكي لتغيير قواعد اللعبة في المنطقة على أيادي إيرانية روسية. فهل تغيّرت قواعد اللعبة لدى الأمريكي أما أن قواعدها الحالية تقتضي ذلك؟
من يدرك كنه العقلية الامريكية، يعرف حقّ المعرفة أن واشنطن من المحال أن تتنازل لأي طرف، عدو أو صديق، في أي ساح دون الحصول على أي مكاسب آخرى، لا بل تعتمد في بعض الأحيان على الترويج إلى إنتصارات كاذبة في سبيل حماية مصالحها وتقليص الخسائر.
عند الدخول في تفاصيل المشهد الإقليمي القائم، نرى أن واشنطن، كحال العديد من الدول الأوروبية، تعتمد في العديد رسائلها المبطّنة على المسؤولين المتقاعدين خاصةً إذا كان من الصعب تمرير هذه الرسائل عبر الإدارة الأمريكية. وهذا بالفعل ما نشاهده حالياً في السلوك الأمريكي الجديد حيث إعتبر الجنرال المتقاعد «جاك كين» اتحاد روسيا والجمهورية الاسلامية الايرانية بأنه سوف يؤدي الى تغيير اللعبة في منطقة الشرق الاوسط . وأوضح الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية أن السياسة التي تعتمدها موسكو في المنطقة في الوقت الحاضر ستؤدي الى هبوط نسبة النفوذ الامريكي في هذه المنطقة.
كلام كين يشي بالبحث عن الأسباب التي تهدف القيادة العسكرية الأمريكية للترويج لها، خاصةً أن وراء كل تهويل أمريكية «قطبة مخفيّة»، فما هي أهداف واشنطن؟
الأهداف الأمريكية
يحمل كلام الجنرال الأمريكي المتقاعد رسائل وأهداف داخلية وآخرى خارجية، خاصةً أنها تزامنت وبعض الخطوات الجديدة للإدارة الأمريكية، أبرزها:
أولاً: يأتي الحديث الأمريكي الجديد في سياق السياسة الامريكية، القديمة الجديدة، "إيران فوبيا"، وهذا ما يمكن إستدلاله من تصريح الخبير العسكري الأمريكي كين، الذي أوضح أن اتحاد ايران الاسلامية وروسيا ستكون له تبعات استراتيجية في غاية الأهمية.
ثانياً: يرتبط هذا التهويل الأمريكي بالميزانية الجديدة للبنتاغون الأمريكي بشكل وثيق، حيث تسعى القيادات العسكرية للترويج إلى "تراجع الدور الأمريكي" بغية الحصول على ميزانية أكبر من البيت الأبيض والكونغرس. إن الجنرال الامريكي المتقاعد كين أعلن في اجتماع عقده بمجلس الشيوخ أن موسكو تعتبر خطرا لاشعال فتيل نار حرب ضد أمريكا بالنيابة من الاراضي السورية، فلماذا طرح هذه المسألة في مجلس الشيوخ وفي هذا الوقت تحديداً؟ ألم يكن إنتقاد كين في الكونغرس لأداء واشنطن الضعيف في سوريا ، إشارة واضحة إلى ضرورة الحفاظ على الميزانية العسكرية، بدلاً من خفضها في ظل سياسة التقشّف.
ثالثاً: إن تصريح الرئيس أوباما بإنها مشروع البنتاغون لتدريب المعارضين السوريين، وإلغاء الإدارة الأمريكية برانامجها لتدريب قوات معارضة سوريّة "معتدلة"رصدت له 500 مليون دولار، يؤكد فشل مشروع الصحوات من ناحيةّ، كما انه يغمز في الآن نفسه إلى أهداف البنتاغون حول الميزانية. قرار أوباما، جاء بناء على طلب وزارة الدفاع التي تريد الحفاظ على ميزانيتها دون أي تأثر في الوضع الإقتصادي، لذلك لا بد للكونغرس أن يوافق على أي مشاريع بديلة بإعتبار أن نفوذ واشنطن في خطر، والمنقذ بطبيعة الحال هو الجيش والإستخبارات. هنا لا يفوتنا الحديث عن الدور الفاعل لشركات الأسلحة الأمريكية النافذة في مراكز صنع القرار، حتى أن البعض يعتقد أن أغلب الحروب الامريكية بدأت من هذه الشركات.
رابعاً: لا يخلو كلام أوباما، والترويج الأمريكي عموماً، من رسائل تستهدف أصدقاء واشنطن في المنطقة، لاسيّما السعودية، فقد إعتبر الخبير السياسي في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، جون هانا، أن السعودية تشكل "دمية" للأمريكان في دعم الإقتصاد الأمريكي وتنفيذ مصالح أمريكا بالمنطقة.