الوقت - توقع «صندوق النقد الدولي» أن يكون للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والإجراءات المضادة التي اتخذتها دول أخرى تأثير شديد على النشاط الاقتصادي العالمي هذا العام.
كما خفض معدل النمو المتوقع للاقتصاد العالمي خلال العام الحالي إلى 2.8% مقابل 3.3% في توقعاته السابقة في يناير/كانون الثاني الماضي. وتوقع ارتفاع الدَين العام العالمي بمقدار 2.8 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي، مما يرفع معدل الدَين العام إلى أكثر من 95% من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 95%. كما رَجَّح استمرار هذا الاتجاه التصاعدي، مع وصول الدَين العام إلى ما يقرب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد.
وبحسب تقرير الصندوق من المتوقع أن تساهم الاقتصادات الرئيسية ومنها الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا بشدة في زيادة الدين العام العالمي.
واعتمد الصندوق الذي يتخذ مقرا له في واشنطن مقاربة حذرة، إذ تحدث في تقرير صدر أمس الأول عن «توقعات مرجعية» بدلاً من توقعاته «الأساسية» المعتادة، وذلك بسبب «تعقيد المرحلة الراهنة وسرعة تبدّلها» حسبما جاء في التقرير.
وفي إشارة إلى صعوبة الوضع الراهن، أوضح الصندوق أنه أخذ في الاعتبار التغييرات في الرسوم الجمركية حتى الرابع من نيسان/ابريل فقط، بدون أن يشمل ذلك بالضرورة التدابير المتبادلة بين بكين وواشنطن.
وقال كبير الاقتصاديين في الصندوق، بيار أوليفييه غورينشا، خلال مؤتمر صحافي «ندخل مرحلة يُعاد فيها ضبط النظام الاقتصادي العالمي كما نعرفه منذ 80 عاماً. ولكن إلى جانب الزيادة الهائلة في الرسوم الجمركية، يُلقي عدم اليقين بثقله على الاقتصاد، وإذا استمر الوضع على حاله، فسيؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو العالمي».
وفي إشارة إلى التأثير الكبير للرسوم الإضافية على التجارة العالمية، بات الصندوق يتوقع نموا بنسبة 1.7% فقط في تجارة السلع والخدمات هذا العام، في حين كان النمو المتوقع 3.2% قبل ثلاثة أشهر فقط.
وبينما من المتوقع أن «يتجنب الاقتصاد العالمي الركود» في المستقبل القريب، فإن تأثير الرسوم الجمركية سيكون «سلبياً في كل المناطق هذا العام والعام المقبل»، وفق غورينشا.
ومع ذلك، فقد ازداد خطر الركود بشكل حاد، سواء بالنسبة للاقتصاد العالمي أو للولايات المتحدة خصوصاً.
وفي التفاصيل توقع «صندوق النقد الدولي» أن ينمو النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة بنسبة 1.8% هذا العام، ما يمثل انخفاضا بمقدار 0.9 نقطة مئوية مقارنة بتقديراته السابقة، في حين توقع أن ينمو الاقتصاد الكندي بنسبة 1.4% (بتراجع 0.6 نقطة مئوية).
وقد تسجل المكسيك لتي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الصادرات إلى جارتها الأمريكية، ركوداً مع نقلص بنسبة 0.3% (بتراجع 1.7 نقطة).
وشهدت اليابان، وهي شريك تجاري رئيسي آخر للولايات المتحدة، تخفيضاً في توقعات الصندوق لنموها من 1.1% إلى 0.6% هذا العام.
وفيما يخص الصين خفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصادها في العام الحالي إلى 4%، وهي نسبة أدنى بكثير من الهدف الرسمي الذي حددته بكين والبالغ 5% ،كما أنها أقل من توقع الصندوق السابق بنمو نسبته 4.6%.
وقال الصندوق أن الصين تأثرت «بشكل غير متناسب» بالتعرفات الجمركية الجديدة، فيما لم تسلك ثقة المستهلك الصيني طريق «التعافي» منذ انخفاضها في أوائل عام 2022. كما راجع الصندوق توقعاته للنمو الصيني في عام 2026 إذ خفضها إلى 4% مقارنة بـ4,5% في التوقعات السابقة.
لكن التغيرات في توقعات الصندوق كانت أقل حدة لمنطقة اليورو، مع تخفيض لم يتخط 0.3 نقطة مئوية، وسط توقعات بأن تشهد ألمانيا عاماً آخر بلا نمو قبل التعافي المؤجل إلى عام 2026 على أقرب تقدير.
أما بالنسبة لفرنسا، فمن المتوقع حالياً أن يبلغ نموها هذا العام 0.6%، وهو مستوى أقل من توقعات بنك فرنسا المركزي البالغة 0.7%.
وقال غورينشا إن «الرسوم الجمركية من شأنها أن تضعف التعافي الاقتصادي المتواضع في منطقة اليورو، على الرغم من زيادة الإنفاق العام في بعض البلدان مثل ألمانيا»، مضيفاً «المزيد من الإنفاق على البنية التحتية من شأنه أن يساعد في تسريع النمو».
والاستثناء الوحيد هو إسبانيا التي شهدت أفضل نمو في المنطقة على مدى العامين الماضيين، وجرى تعديل توقعاتها برفعها إلى 2.5%، وهو المستوى الأعلى بين اقتصادات البلدان المتقدمة. ومن بين العواقب الأخرى للرسوم الجمركية، من المتوقع أن يصل التضخم في الاقتصادات المتطورة إلى 2.5% هذا العام، مع رفع التوقعات أيضاً. ويعود ذلك أساساً إلى الولايات المتحدة، حيث قد يظل التضخم عند نسبة تناهز 3%.