الوقت- بالتزامن مع الحديث عن المصالحة الخليجيّة وتراجع السعودية عن مواقفها بعد 3 سنوات على قرار المقاطعة العربيّ أو ما تسميه قطر "الحصار"، وتأثيراته الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة على البلاد في الوقت الذي لم يطرأ أيّ تغيير على سياسات حكام الدوحة، كشف موقع "تاكتيكال ريبورت" المعني بشؤون الاستخبارات أن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، حسم أمر القاعدة العسكريّة التركية المختلف عليها مع بقية دول مجلس التعاون الخليجيّ، وأشار تميم بن حمد إلى أنّ القاعدة العسكريّة التركية في بلاده لن تخضع لمقايضات لإزالتها، وذلك في ظل التقارب الإخوانيّ الشديد بين أنقرة والدوحة.
رد جميل
من المعروف أنّ تركيا وقعت مع قطر اتفاقية تعاون عسكريّ عام 2014، باسم "اتفاقية التنفيذ" لنشر القوات التركيّة على الأراضي القطرية، ما أتاح لتركيا إنشاء قاعدة عسكريّة في قطر، يوجد فيها 90 جندياً تابعين لفرقة طارق بن زياد التركية برفقة مدرعاتهم، وتستوعب القاعدة 3000 جندي، وتعد مقراً لتدريبات عسكرية مشتركة بين الجيشين التركي والقطري.
واليوم بالتزامن مع السعي الأمريكيّ للتقريب بين الدول الخليجيّة المتصارعة للضغط على طهران، تشير المعلومات أنّ الأمير القطريّ يرى أنّ القاعدة التركيّة تمثل جزءاً من العلاقات العسكريّة الاستراتيجيّة بين قطر وتركيا، وأنّ الدوحة متفقة مع البنتاغون في هذا الشأن، وفق موقع "تاكتيكال ريبورت"، وهو ما اعتبر "رد جميل" قطريّ لتركيا إن صح التعبير، عقب المساعدة اللامحدودة التي قدمتها أنقرة للدوحة في ظل المقاطعة العربيّة.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه الموقع المعني بشؤون الاستخبارات أنّ الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، لن يطلب من أمير قطر إزالة القاعدة التركية طالما أنها لا تشكل أيّ تهديد للمصالح الأمريكيّة في المنطقة، وألمح تميم إلى أن هذه القاعدة مماثلة لقواعد عسكريّة أمريكيّة أو فرنسيّة أو بريطانيّة أخرى في المنطقة، أفادت تقارير غربية أن السعودية والإمارات والبحرين (دول المقاطعة) تشترط إزالة القاعدة التركيّة لإتمام المصالحة ورفع الحصار عن قطر.
وكانت دولة الكويت أعلنت أنّ القمة الخليجيّة السنويّة ستعقد في السعودية، في 5 كانون الثاني المقبل، ما يعني تأجيل القمة الخليجية لمدة شهر، حيث كان من المعتاد عقدها في كانون الأول من كل عام، في إجراء قالت وكالة "رويترز" أنه يأتي بهدف إتاحة الوقت لأطراف الأزمة الخليجيّة للإعلان عن اتفاق ملموس لتجاوز الخلافات.
ومن الجدير بالذكر أنّ الكويت كثفت جهود الوساطة لمحاولة حل الخلاف، بعد إعلان الإدارة الأمريكية دعمها الكامل للأمر، وأسفرت الجهود عن تقريب وجهات النظر بين السعودية وقطر، حيث تبادل مسؤولو البلدين الرسائل الإيجابية، فيما تتسارع محاولات إيجاد أرضية مشتركة لحل الخلافات بين دول المقاطعة وقطر، والتي أفرزت عن أعنف أزمة سياسيّة تضرب الدول الخليجيّة.
شرط المصالحة
يتمحور الخلاف بين مملكة آل سعود ومملكة آل ثاني حول التنافس على النفوذ الإقليميّ، وقد ازداد توتر العلاقات بين البلدين في بداية ما يسمى "الربيع العربيّ" الذي خلق استماتة عند تلك الدول لإيجاد موطئ قدم لنشر نفوذها في العالم العربيّ، وبين هذا وذاك كانت أمريكا الحليف المشترك للدولتين معاً، ونأت بنفسها في الظاهر عن هذا الصراع للحفاظ على مصالحها.
وحاليّاً تسعى السعوديّة إلى إنهاء الحصار الذي فرضته مع الإمارات ومصر والبحرين على قطر الغنية بالغاز منذ حزيران 2017، في محاولة من ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، لكسب ود الإدارة القادمة للرئيس الجديد جو بايدن من جهة، وتقديم ذكرى الوداع إلى ترامب الذي حول المملكة إلى "بقرة حلوب" في عهده، من جهة أخرى، فيما قدمت السعودية والإمارات قائمة من 13 مطلباً لإيقاف العقوبات على قطر، على رأسها إغلاق القاعدة العسكريّة التركيّة.
لكن الإمارات التي تقود جبهة متحفظة على المصالحة، لم تعبر حتى اللحظة لم تعبر بشكل واضح عن موقفها الصريح من إعلان الكويت، بعد أن عطلت الأخيرة قبل أشهر، اتفاقاً خليجياً بوساطة أمريكية لإنهاء الأزمة الخليجية، بعد سلسلة من المناقشات بين كبار قادة قطر والسعودية والإمارات وأمريكا، حيث تسعى إدارة ترامب منذ أشهر لإعادة المياه إلى مجاريها مع قطر، لكن الإمارات غيرت المعادلة في اللحظة الأخيرة، وطلبت من الرياض أن ترفض مقترح المصالحة الأمريكيّ، الذي يحاول تعزيز الجبهة المعاديّة للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة.
وما ينبغي ذكره أنّ أستاذ العلوم السياسية الإماراتيّ، عبد الخالق عبد الله، المعروف بقربه من ديوان محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وحاكم الإمارات الفعلي، أشار في وقت سابق إلى أنّ قطار المصالحة الخليجية لن يتحرك مليمتراً واحداً دون علم وموافقة ومباركة الإمارات المسبقة، وجاءت التصريحات الإماراتيّة بعد أيام من إعلان دولة الكويت عن وجود تفاهمات لإنهاء الأزمة الخليجية.
خلاصة القول، لن تقبل قطر ذات الإيديولوجيّة الإخوانيّة المشتركة مع نظام أردوغان، أن تضحي بعلاقاتها مع أنقرة التي ساعدتها في ظل الحصار، مقابل شراء "ود كاذب" من دول المقاطعة، حتى وإن كان الثمن فشل المصالحة، وخاصة في ظل التطور الاستراتيجيّ للعلاقة بينهما، وفي الوقت الذي تحاول فيه قطر جاهدة مساعدة تركيا في حل مشكلاتها الاقتصاديّة وتقديم الدعم الماليّ اللازم.