الوقت- كان صادماً موقف السلطة الفلسطينية قبل أسبوعين، عندما أعادت التنسيق الأمني مع العدو الاسرائيلي، ومثّل ذلك حينها انقلاباً على المصالحة الفلسطينية التي كانت في طريقها إلى النجاح، وكاد الفلسطينيون يتحدون مجدداً في وجه الصهاينة، ولكن يبدو أن المصالح الشخصية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تفوقت على أولويات القضية الفلسطينية، إذ إن إعادة العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى طبيعتها تعتبر خنجرا مسموما في ظهر القضية، فالاسرائيلي أكثر ما يخشاه هو أن يتوحد الفلسطينيون، ومن الطبيعي أن يقدم الاسرائيلي بعض التنازلات عندما يشعر بالخطر، ولكن لم يقدم الاسرائيلي هذه المرة اي تنازلات ومع ذلك أعادت السلطة التنسيق معه، هل الأمر متعلق بنجاح جو بايدن بالانتخابات الأمريكية، ماذا يمكن أن يقدم بايدن للفلسطينيين؟.
قبل مدة أعلن رئيس السلطة محمود عباس، استعداده لفتح صفحة جديدة مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن من أجل تعزيز العلاقات الثنائية، ويبدو أن هذا الأمر هو ما دفع محمود عباس للقيام بزيارة إلى الأردن ولقاء العاهل الأردني عبدالله الثاني قبل التوجه نحو مصر، وقال مسؤولون أردنيون أن الزعيمين يعلقان آمالا عريضة على سعي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى إحياء محادثات السلام لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.
في مصر الأمر لا يختلف كثيراً، إذ عُقد يوم أمس الاثنين، اجتماع قمة بين رئيس السلطة محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتشاور حول مجمل التطورات على الساحة الفلسطينية، وجملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا".
وأشاد عباس، خلال الاجتماع، "بمواقف مصر ودورها في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وأهمية الاستمرار بالسعي نحو تحقيق السلام العادل والشامل".من جهته، أكد الرئيس المصري استمرار بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، حتى نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وكان عباس، قد استقبل في مقر إقامته بالعاصمة المصرية القاهرة، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير خارجية مصر سامح شكري، وأطلعهما على آخر المستجدات على صعيد القضية الفلسطينية، إضافة إلى لجهود المبذولة سياسياً ودبلوماسياً لحشد الدعم الدولي للموقف الفلسطيني.
يجب ألا ننسى أن عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مجمدة، منذ نيسان 2014، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، والقبول بحدود 1967 كأساس للتفاوض على إقامة دولة فلسطينية، هل يعتقد محمود عباس أن اسرائيل في عهد بايدن ستتوقف عن الاستيطان، أكثر ما يمكن أن يفعله بايدن هو تغيير شكلي في العلاقة بين الجانبين، فمن الممكن أن إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، أو تقديم منح مالية للسلطة من هنا وهناك لردعها عن المصالحة، ولكنها ستدفع ثمنا باهظا في المقابل، لأن الاسرائيلي لن يتوقف عن الاستيطان، ولا حتى عن اعتقال الفلسطينيين والتهجم عليهم في سيارات الاسعاف، وسيكون هناك شرخ كبير بين السلطة والشعب، الذي لن يقبل بعودة الوضع إلى سابق عهده مع الاسرائيلي، فهم لا يريدون تنسيقًا أمنيًا مع إسرائيل يفشل في حماية الفلسطينيين من عنف المستوطنين، أو العودة إلى مسار مفاوضات مفتوحة، فالسلطة تعيد علاقاتها مع الاسرائيلي دون حتى اي مكاسب.
السلطة تفتقر لأي رؤية حقيقية وواضحة للشعب الفلسطيني، اذ فشلت في تحقيق طموحات الشعب الفسلطيني، ووجودها لم يقدم اي شيء يذكر للشعب الفلسطيني، وهذا الامر لايبشر بالخير في الفترة المقبلة، بالنسبة لفتح وقيادة السلطة الفلسطينية الحالية، فإنهم لا يحبون شيئًا أكثر من إعادة العلاقات مع أمريكا إلى وضعها الطبيعي، حتى لو كان ذلك يعني العودة إلى المسار التقليدي لإدارة الصراع بدلاً من حله. يعتمد نهج "إدارة الصراع" على السعي لتقليل حدة الصراع بين الطرفين قدر الإمكان، مع تأخير حله إلى لحظة مستقبلية، وإن كانت غير واقعية، يمكن فيها الوصول إلى تسوية سياسية مقبولة. لذلك، يعتمد مسار "إدارة الصراع" على إبقاء خيار حل الدولتين على قيد الحياة، لأنه يمثل غطاء مناسبًا، وغالبًا ما يكون مرغوبًا فيه، لجميع الأطراف.
الجميع يعول على فوز بايدن وانه المنقذ القادم، لكن الوضع لن يكون كذلك، لأن الادارات الامريكية المتعاقبة تكن بالولاء للاسرائيليين وليس لفلسطين، لذلك على محمود عباس النزول عند تطلعات شعبه، فلا ينبغي للقيادة الفلسطينية أن تقرر خطوتها التالية ومستقبل ملايين الفلسطينيين بناءً على النتائج. إذا كانت القيادة الفلسطينية الحالية غير قادرة على اتخاذ قرار بشأن المسار الأقل ضررًا، فعليها التنحي وإجراء الانتخابات عاجلاً وليس آجلاً. على أي حال، لا ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تتراجع عن وعدها بإجراء انتخابات وإصلاح مؤسساتها السياسية. يستحق الفلسطينيون حياة سياسية مستقرة يحكمها القانون الذي يدعم صمود الفلسطينيين، على الرغم من وجود الاحتلال وبغض النظر عمن يوجد في البيت الأبيض.