الوقت- لم يكن يوم توقيع اتفاق التطبيع بين العدو الصهيونيّ و كل من الإمارات و البحرين عاديّاً، فبعد فشل الأخيرتين في تبرير تحالفها مع "إسرائيل" بذرائع واهية، فضحت مراسلة صحيفة "هآرتس" العبريّة، نوعا لانداو، التي تواجدت في العاصمة الأمريكيّة واشنطن، الثلاثاء المنصرم، المحاولات المتكررة لأعضاء الوفد البحرينيّ داخل الفندق، لكي يعرفوا ما هي النسخة الفعليّة التي سيوقعها وزير خارجيّتهم في البيت الأبيض، ما يدل بشكل جليّ على طريقة التعامل الرخيصة مع العملاء والخانعين.
لم يمضِ بضعة أيام على تصريحات وزير الخارجيّة البحرينيّ، عبد اللطيف الزياني، على ما يسمى "اتفاق السلام"، الذي أبرمته مملكة آل خليفة مع العدو الغاصب، وادعائه أنّ الاتفاق يمثل خطوة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطينيّ، ويعمل على تجسيد المبادرة العربيّة، لكن من سوء حظه، فضحت الصحافيّة الإسرائيليّة التي تواجدت في واشنطن لتغطية مراسم الجريمة التي ارتكبتها المنامة وأبو ظبي، أسلوب التعامل الأمريكيّ مع من يرضخ لإملاءاتها ويخنع لضغوطاتها، فماذا تركت تلك العواصم من كرامة لشعوبها، عندما وقعت على اتفاقات الذل والعار، دون أن تقرأ بنداً من بنودها، أو تُصغْ سطراً من سطورها.
وفي الوقت ذاته، أكّدت فضيحة الوفد البحرينيّ كذب الادعاءات التي تحدثت عنها دولة الإمارات، بعد إعلانها تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، في 13 آب المنصرم، حيث أوضحت حينها أنّ "اتفاق الاستسلام" سيسهم في إيجاد حل لما أسمته "الصراع الفلسطينيّ – الصهيونيّ"، ما يشي بشكل واضح إلى قذارة الدور الذي تلعبه تلك الدول رغماً عن عروش حكامها في صفقة تصفيّة القضية الفلسطينيّة.
وفي هذا السياق، لم تختر مملكة البحرين بنفسها الإعلان عن اتفاق الاستسلام للعدو الغاشم في هذا التوقيت بالتحديد، بل مرغمة بسبب الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، على ملوك الخليج من أجل الرضوخ لقراراته وإعلان "اتفاق العار" مع الصهاينة، حيث أكّدت الإذاعة العبريّة، في وقت سابق، أنّ ترامب يمارس ضغوطاً على المنامة، وسيعلن اليوم موافقتها على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، وهذا ما حصل في نفس اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكيّ عن الاتفاق بين المنامة وتل أبيب.
وما ينبغي ذكره، أنّ ما نقلته الصحافية الإسرائيليّة أثار سخرية واسعة من الوفد البحرينيّ، لأنه كان يجهل طابع الوثيقة التي سيوقع عليها في البيت الأبيض، وهذا ينطبق بكل تأكيد على الوفد الإماراتيّ، فيما أعد ترامب ونتنياهو الوثيقة مسبقاً بدون علمهم، لتصبح مهمتهم التوقيع على الاتفاق فقط، دون أدنى دراية على ماذا سيوقعون.
وعلى هذا الأساس، يستغل الرئيس الأمريكيّ، خنوع واستسلام المنامة وأبو ظبي، بالتوقيع على اتفاق العار مع العدو دون علمهم ببنوده، تحت عناوين "السلام"، كورقة رابحة لتحقيق الهدف المنشود و هو رفع أسهمه الهابطة أمام شعبه، خلال الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة القادمة، والتي يحاول جاهداً أن يفوز بها بخلاف بعض التوقعات الصادرة عن بعض وسائل الإعلام العالميّة.
كذلك شكل هذا الاتفاق انتصاراً لرئيس وزراء العدو الصهيونيّ، بنيامين نتنياهو ومعتقداته السياسيّة، وهي وفق زعمه "السلام مقابل السلام"، بالإضافة إلى منطق العلاقات بين العدو الصهيونيّ وكلّ دولة عربية على حدة، دون أيّ ارتباط بإنهاء الاحتلال أو التوصل إلى حلّ للمأساة الفلسطينيّة، وهذا يفند بشكل كامل المزاعم الإماراتيّة والبحرينيّة التي أصدعوا رؤوسنا بها في الفترة الماضية.
علاوة على ذلك، أشار العديد من المستخدمين الصهاينة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، إلى أنّ" ترامب استخدم أسلوب الشركات العقاريّة لتوقيع هذه الاتفاقية، حيث أنّه حصل على الكثير من الأموال في نيويورك على مر السنين وبهذه الطريقة بالتحديد"، كما غرد آخرون، "عندما يكون نتنياهو هو خصمك، فيجب عليك أن تمسك عقد الاتفاق في يدك حتى لحظة التوقيع الأخيرة، ولا تتركها"، في إشارة إلى قذارته وخُبثه.
من ناحية أخرى، تتشابه تفاصيل هذه القضيّة مع ما حدث للرئيس الصربيّ، ألكسندر فوتشيتش، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكيّ في لقاء مشترك وقتها، نقل السفارة الصربيّة إلى القدس المحتلة، معتبراً ما حدث "إعلاناً كبيراً"، فيما أظهرت تعابير وجه الرئيس الصربيّ حينها، تفاجؤه مما قاله ترامب إذ سارع للنظر إلى أوراق الاتفاق التي أمامه، واضعاً يده على رأسه، ما يشي بقذارة الإدارة الأمريكيّة وكيانها الغاصب، وحماقة وجُبن من يتعامل معها ويسلمها رقبة شعبه ومستقبله.