الوقت- لا يخفى على أحد حجم التدخلات الأمريكيّة السافرة في الكثير من الدول، والتي كان آخرها ما صدر عن سفيرة أمريكا لدى لبنان، "دوروثي شيا"، من تصريحات وصفتها بعض الصحف اللبنانيّة بالوقحة، حيث حدّدت فيها مواصفات الحكومة اللبنانيّة التي تُرضي بلادها وخياراته السياسيّة، وذلك بأن تكون الحكومة مكوّنة من اختصاصيين وتستثني المقاومة اللبنانيّة المتمثلة في "حزب الله"، كما قرّرت السفيرة الأمريكيّة توجيه تهديدات مباشرة إلى رئيس الحكومة اللبنانيّة، "حسان دياب"، للضغط عليه بهدف تنفيذ السياسة الأمريكيّة على الأراضي اللبنانيّة.
تدخل أمريكيّ سافر
ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانيّة، أنّ سفيرة أمريكا في بيروت، "دوروثي شيا"، أرسلت إلى رئيس الحكومة اللبنانيّة، "حسّان دياب"، عبرَ أصدقاء مشتركين، رسائل شديدة اللهجة تضمنت اتهامات باطلة بأن دياب ينفّذ أجندة "حزب الله" داخل الحكومة.
وفي هذا الصدد، ازدادت وتيرة الرسائل الأمريكيّة، بعد المعلومات الأخيرة التي تتحدث عن إمكان انفتاح لبنان اقتصادياً على التعاون مع العراق، بالإضافة لمسألة قبول الاستثمارات صينية.
وبحسب مواقع إخبارية، فإنّ السفيرة الأمريكيّة لمست جديّة رئيس الحكومة اللبنانيّة في فتح أبواب تساعد على تخفيف الضغط الاقتصاديّ عن لبنان في ظل الحصار الأميركيّ الخانق، وأكّدت المصادر أنّ حسان دياب يتجاهل رسائل السفيرة الأمريكيّة ولا يجيب عليها، معبراً عن غضبه من تصرفاتها وتدخّلها السافر في الشؤون الداخلية، موضحاً أنّ شيا وبلادها لا يريدان مساعدة لبنان ولا يريدان من بيروت أن تعمل وفق مصالحها.
على مستوى آخر، بيّن وزير الطاقة اللبنانيّ، "ريمون غجر"، أنّ زيارة الوفد العراقي كانت إيجابيّة، وقد بدأت وزارة الطاقة بمتابعة ما اتفق عليه بين الجانبين، حيث تقوم حالياً بتحضير رسالة تتضمن ما تحتاج إليه من "فيول"، كماً ونوعاً، على أن ترسل بعد انتهائها إلى الجانب العراقيّ، ليصار بعدها إلى الاتفاق على التفاصيل اللوجستيّة والمالية لاحقاً.
ونفى غجر أن يكون هنالك أيّ نقاش حول عودة العمل بأنابيب النفط القديمة، مبيناً أنّها لم تعد صالحة، خاصة أن محطات الضغط في سوريا والعراق قد تعرضت للتدمير، وأوضح أنّه جرى الاتفاق على استيراد الفيول، وسيتم ذلك عبر محافظة البصرة العراقيّة، وختم تصريحه بالتحدث جودة الفيول العراقيّ.
محاصرة اللبنانيّين
أوضح رئيس الحكومة اللبنانيّة، "حسان دياب"، قبل أيام، أنّ هناك جهات داخليّة وخارجيّة لم يسمها، عملت ولا تزال تعمل على محاصرة اللبنانيّين وإدخال لبنان في صراعات المنطقة.
وخلال جلسة لمجلس الوزراء، في السراي الحكومي، قال دياب: "سكتنا كثيراً عن الممارسات الدبلوماسيّة التي تخترق للأعراف الدولية بشكل كبير، حرصاً على الصداقات والعلاقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف في العلاقات الأخويّة والديبلوماسيّة"، على حد وصفه.
أكثر من ذلك، أشار دياب إلى مطالبة بعض الجهات التي لم يحددها بالإصلاح، وفي المقابل يمنحون حمايّة للفساد وحصانة للفاسدين ويمنعون حصولنا على ملفات الأموال المنهوبة، متسائلاً: "هل أصبحت هذه الحكومة عاجزة وانتهى دورها وخسرنا المواجهة؟.
وعلاوة على ما تقدّم، أشار رئيس الحكومة اللبنانيّة إلى أنّ ما أسماها "لعبة الدولار" أصبحت مكشوفة ومفضوحة.
ومن الجدير بالذكر أنّ مختلف المناطق اللبنانية تشهد تقنيناً قاسياً للتيار الكهربائيّ، بسبب شح الوقود خاصة مادة المازوت، وكانت شركة "كهرباء لبنان" قد حذرت في وقت سابق من توقف إنتاجها، في الوقت الذي يعاني لبنان من أزمة اقتصاديّة صعبة لم يعش مثلها من قبل، حيث خسرت الليرة اللبنانية ما يزيد عن 80% من قيمتها، في حين لامس سعر صرف الدولار الواحد في "السوق السوداء" عتبة 9 آلاف ليرة لبنانيّة.
في الختام، تُصر أمريكا ممثلة بسفرائها، على التدخل الوقح والسافر في الشؤون الداخليّة للدول، بعد أن تُثقل كاهلها بالعقوبات والحصار، وفي حال جربت بعض العواصم أن تبحث عن مخرج يخلصها من جبروت وظلم واشنطن، تنهال عليها رسائل الأوامر التهديديّة والفتنويّة، لكن وكما تقول الوقائع، لابد للعصا الأمريكيّة الترهيبيّة أن تُكسر في الأيام القادمة، لأنّ أسلوب التجويع الذي تمارسه الإدارة الأمريكيّة لا شك أنّه سيرتد عليها، وينقلب السحر على الساحر، وهذا ما سيؤكّده المستقبل القريب.