الوقت- یحاول الکیان الاسرائیلي التأكيد كلُّ عام على المجازر التي اُرتكبت بحق اليهود إبان الحكم النازي في ألمانيا، شارحا للعالم أجمع كميّة العذابات التي تلقاها اليهود على أيدي الجنود الألمان في معسكرات الاعتقال، وعلى هذا فإنّ أي عملٍ عُنصري من شأنه أن ينسف تلك الرواية من أساسها، وهو ما نشهده اليوم في كافة مفاصل الحياة بکیان الاحتلال، فالعنصرية لدى سكان وسياسيي ذلك الكيان أشبه بما يمكن وصفه بالهواء الذي يتنفسونه، والروايات عن عنصريتهم تكاد تستحوذ على تغطية وسائل الإعلام.
عنصرية ضد اليهود!
واهمٌا من يعتقد أنّ المجتمع الإسرائيلي هو ذلك المجتمع المُتجانس كما تُصوّره وسائل الإعلام الإسرائيلية، الواقع هناك يروي قصصًا أخرى أكثر قُتمًا، فاليهود الأوروبيّون هم اليهود فقط، وهم المواطنون ذووا الدرجة الأولى، أما بقيّة اليهود؛ فهم ليسوا أكثر من مواطنون درجة ثانية.
اليهود الأحباش أو "الفلاشا" هم المثال الأبرز على العُنصرية والذي يُمكن مشاهدته في دولة الاحتلال بوضوح، وكثيرًا ما تشهد مدن ومستوطنات الكيان مظاهرات يُنظمها اليهود من أصول إثيوبية ضد التمييز الذي يُعانونه من قبل باقي مُكونات المجتمع الإسرائيلي، ومن أبرز الشعارات التي يرفعها هؤلاء أنّ ما يُقاسونه هناك يُعتبر عقوبة من دون محاكمة، مُطالبين بإيقاف تعسف شرطة الكيان مع اليهود السود.
ويُعاني اليهود السود تسلط الكنيسة الأرثوذوكسية اليهودية المُتطرفة، التي غالبًا ما تتهم يهود إثيوبيا بأنّهم "مُرتدين"، إذا يقول أحد أحبار هذه الكنيسة أنّ اليهود الإثيوبيين يأتون إلى "إسرائيل" وهنا يقومون بتغيير دينهم ويعتنقون الدين المسيحي، غير أنّ هذا الحَبر لم يسأل نفسه عن أسباب ارتداد الأحباش عن دين موسى، ربما لم يدري كميّة العنصرية التي عاناها هؤلاء قبل ارتدادهم عن دينهم.
عنصرية ضد المسيحيين
منذ وصولهم إلى فلسطين المُحتلة حمل اليهود العابرون أمراضهم العنصرية معهم، وهنا لن نتطرق للعنصرية ضد المسلمين السّكّان الأصليين لتلك الأرض، حيث تجاوزت عنصرية هذا الكيان لتصل إلى المسيحيين، حيث عملت دولة الاحتلال على تفريغ المدينة المُقدسة من سكانها المسيحيين، ناهيك عن التضييق على الكنائس ولا سيما كنيسة القيامة -مهد السيد المسيح عليه السلام-، وذلك من خلال سن قوانين من شأنها أن تُحمل الكنائس أعباءً غير قادرة على تحملها، ولا سيما الضرائب.
مسيحيو الأرض المقدسة وبعد القوانين المُجحفة التي يُحاول اليمين تمريرها في الكنيست الإسرائيلي؛ بدأ بحملة احتجاج ضد القوانين الإسرائيلية القاضية بفرض الضرائب على الكنائس من خلال قانون (ضريبة أملاك)، الأمر الذي من شأنّه أن يُغيّر اتفاقا تجاوز عمره مائة وثمانية وستون عامًا، يمنع فرض أيّ نوع من الضرائب على الأماكن المقدسة والأديرة والمدارس والمستشفيات التابعة لها، حيث لا تتلقى الكنائس هناك أي تمويل من حكومات، إنّما تقوم بتلبية احتياجاتها من خلال التبرعات الشخصية الضئيلة أصلًا.
والعرب أيضاً
العنصرية ضد العرب؛ حدث ولا حرج، إذ يزخر المجتمع الإسرائيلي بألوان العنصرية، ضد العرب الذين يعيشون في داخل الكيان (عرب 48)، ومن أبرز أمثلة هذه العنصرية ما كتبه الطبيب الإسرائيلي "رومان بادييف" وهو العامل بمشفى الكرمل بمدينة حيفا بموقع فيسبوك حيث يقول: "لا يوجد داعيا لاستقبال المرضى العرب"، داعيًا إلى عدم الالتفات للمرضى العرب الذين يأتون إليه في قسم عمليات الصدر والقلب!.
أكثر من ذلك؛ ما كشفت عنه صحافة الاحتلال ذاتها، حيث أكدت صحيفة "هآرتس" وجود سياسة ممنهجة داخل المُستشفيات الإسرائيلية مفادها الفصل بين الأمهات الوالدات العربيات واليهوديات، وهي سياسة تعتمدها مشافي الكيان بهدف زيادة حالة العنصرية داخل دولة الاحتلال.
خلاصة القول؛ يمكن مشاهدة عنصرية هذا الكيان من خلال آخر قوانينه التي سنّها برلمانه (الكنيست) والذي أقر فيه "يهودية الدولة" ليصبح هذا الكيان أوّل دولة في العالم قائمًا على أساس ديني، مُتناسيًا التعدد الديني والعرقي الموجود داخل الأراضي الفلسطينية منذ آلاف السنيين، وهو بهذا القانون ضرب بكلّ ذلك التعدد عرض الحائط، مؤكدًا على لون واحد يستحق الحياة على تلك الأرض –حسب زعم القانون- وهم اليهود، أما باقي الأعراق الأديان من عرب وآراميون وسريان وأوروبيون وزنوج ومسلمون ومسيحيون فهم ليسوا أكثر من (عبيد) عند اليهود كما يُقرئون أبنائهم في مدارسهم، وهو ما أكّد عليه قانون يهودية الدولة، حيث يقوم اليمين المُتطرف صاحب الكلمة العليا في دولة الاحتلال بحملة كبيرة ساعيًا لتغيير القوانين بما يُساهم بدعم قانون يهودية الدولة.