الوقت- مع بدء خطة استجواب الرئيس الأمريكي من قبل مجلس النواب الأمريكي، في ملف طلب ترامب إلى رئيس أوكرانيا للتحقيق في فساد جو بايدن ونجله المالي، تستمر بشدة عملية جمع المعلومات والأدلة من قبل لجنة التحقيق التابعة لمجلس النواب، وإلى جانب استدعاء مختلف الأشخاص إلى الكونغرس، نشرت هنالك تقارير مختلفة خلال الفترة الأخيرة عن قبول موظفين من مختلف القطاعات الحكومية التعاون مع التحقيق، الأمر الذي جذب انتباه وسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي.
في هذا الصدد، بالأمس أعاد "غوردون سوندلاند" سفير أمريكا لدى الاتحاد الأوروبي كتابة نص شهادته في الكونغرس، واعترف فيه بأن مطالبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوكرانيا للتحقيق في أنشطة نجل جو بايدن في هذا البلد ووقف المساعدات العسكرية لكييف، كان صفقةً واضحةً، وكان غوردون قد نفى في السابق علمه بهذا الموضوع.
وقد جاء هذا الاعتراف بعد أن كشفت السفيرة الأمريكية في أوكرانيا "ماري يوفانوفيتش" بأن سوندلاند قد طلب منها دعم ترامب من أجل الحفاظ على وظيفتها.
کانت يوفانوفيتش قد قالت: "قال لي (سوندلاند) أنت تعلمين أنه عليك إما القيام بعمل كبير، أو (خلاف ذلك) العودة إلى المنزل (الطرد)، عليك أن تعلني عبر تغريدة أنك تدعمين الرئيس (ترامب"(.
ولكن على الرغم من تشديد ضغط الكونغرس على الرئيس، فلا يوجد حتى الآن إجماع بين الخبراء والسياسيين الأمريكيين حول نتيجة الاستجواب.
فرصة ضئيلة للنجاح.. مقامرة الديمقراطيين الكبيرة
يتطلب النجاح في عزل ترامب أغلبية ثلثي الأصوات في مجلس الشيوخ، وبالنظر إلى أن أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ يشغلها الجمهوريون، فيبدو من المستبعد جداً أن يحصل هذا الإجماع بين أعضاء مجلس الشيوخ، بالنظر إلى أن عزل ترامب سيقلل من فرص الجمهوريين في الفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 إلى حد كبير.
من ناحية أخرى، ثمة حقيقة تتراءى أمام الديمقراطيين باستمرار، وهي أن جزءاً كبيراً من التوجه السياسي للناخبين الأمريكيين من الطبقات الوسطى والرمادية، يركز على الظروف الاقتصادية الحالية.
لقد شهد الاقتصاد الأمريكي نمواً مقبولاً في السنوات الأخيرة، وأخيراً اقترب معدل التضخم مما يتطلع إليه الاحتياطي الفيدرالي، وانخفض معدل البطالة الكلي، وبلغ معدل البطالة بين السود ومن هم من أصول إسبانية أدنى مستوى له في القرن الماضي.
وقد أدّى هذا الوضع الجيد إلى زيادة طفيفة في الأجور الحقيقية للعمال، ونسيان الكثير منهم الأيام الصعبة التي تلت الأزمة المالية في عام 2008. لذلك، يمكن القول إن الديمقراطيين سيبذلون قصارى جهدهم لعدم وصول ترامب إلى انتخابات عام 2020.
مع ذلك، رغم أنه يبدو أنه إذا نجح ترامب في الخروج من تحدي الاستجواب سليماً، فإنه لن يجد عقبةً أمامه للفوز في انتخابات 2020، ولكن هذا ليس كل شيء.
الحرب الدعائية.. هجوم الديمقراطيين المضاد على "أمريكا أولاً"
دائماً ما أثار المراقبون والمحللون الأمريكيون حقيقة أن الانتخابات في أمريكا ترتبط ارتباطاً مباشراً بمسألة مدى الاستفادة من المال والدعاية، وبعبارة أخرى، إن الحملة الانتخابية الأكثر تكلفةً ستزيد من فرص النجاح.
في هذه الأثناء، فإن الديمقراطيين وعن طريق البدء في إجراءات عزل ترامب، حتى لو لم يحصلوا على ما يريدون، فبالنظر إلى أهمية الموضوع والاهتمام الذي لا مفر منه لجميع وسائل الإعلام لتغطية الحادث، يمكنهم الحصول على حملات دعائية مبكرة ومجانية، والهجوم على سياسات ترامب.
من ناحية أخرى، يمكن أن يكون عزل ترامب أداةً جيدةً لتحدي شعار حملته الانتخابية الأكثر أهميةً، أي استراتيجية "أمريكا أولاً".
لقد اتهم المنتقدون ترامب مراراً وتكراراً بأنه يستفيد من الموارد الحكومية لتعزيز مصالحه المالية والسياسية، وقد تجلّى ذلك بوضوح في قضية استضافة اجتماع مجموعة السبع، حيث سعى ترامب إلى جعل ملعبه الشخصي للجولف في ميامي مكاناً للقاء قادة مجموعة السبع.
الآن أيضاً وفيما يتعلق بقضية "أوكرانيا غيتس"، يقال إن ترامب قد ربط تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وقدرها 250 مليون دولار، بالتحقيق في الفساد المزعوم لبايدن وابنه، ما يعني استخدام وزارة الخارجية للفوز في انتخابات العام المقبل، وقد يوفّر ذلك ذريعةً جيدةً للديمقراطيين لتحدي شعار ترامب، أي "أمريكا أولاً".
كذلك، فإن محاولة ترامب لفتح الباب أمام الحكومات الأجنبية للتدخل في الانتخابات الأمريكية، بالإضافة إلى أنها تعيد إثارة موضوع اتهام روسيا بالتدخل في انتخابات عام 2016، ستعزز موقف القوميين الديمقراطيين في المضي قدماً بخطة الاستجواب، كما أعلنت زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس "نانسي بيلوسي" في يوم الإطلاق الرسمي للتحقيقات، أنه لا يوجد أحد فوق القانون.
من ناحية أخرى، لم تغلق كل نوافذ الأمل أمام الديمقراطيين، كما تمكّنوا من الفوز بالأغلبية في انتخابات الكونغرس العام الماضي، على الرغم من تحسُّن الوضع الاقتصادي الأمريكي في عهد الجمهوريين.