الوقت- بعد هجوم حركة أنصار الله اليمنية على مصفاتين سعوديتين مشهورتين ومهمّتين في أرامكو تحت عنوان "خريص" و"بقيق" يوم السبت الماضي 23 سبتمبر، تحدّثت وسائل الإعلام عن تدمير واسع النطاق وأضرار مالية هائلة قد لحقت بالسعودية.
يعتقد خبراء النفط والطاقة أن الهجوم الأخير استهدف العمود الفقري للاقتصاد ومحور رؤية ولي العهد السعودي، بحيث يتحدثون عن عواقب لا تعوَّض خلَّفها هذا الهجوم على الاقتصاد السعودي في المستقبل القريب.
أبعاد أهمية أرامكو
تم إنشاء شركة "أرامكو" في 29 مايو 1933، بعد عقد حصري مع شركة "ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا"(شيفرون)، وتغيّر اسمها في عام 1944 إلى "شركة الزيت العربية الأمريكية" أو "أرامكو".
وفي عام 1980، استحوذت الحكومة السعودية على 100٪ من حصة أرامكو، وفي نوفمبر 1988، غيّرت شركة الزيت السعودية الأمريكية اسمها إلى "شركة النفط السعودية" أو "أرامكو السعودية".
شركة أرامكو السعودية، المملوكة من قبل الحكومة السعودية، والتي تتراوح قيمتها بين 2 و10 تريليونات دولار، هي الشركة الأكثر قيمةً في العالم في الوقت الحالي.
سنوياً تحقق أرامكو دخلاً صافياً يزيد عن 100 مليار دولار، عن طريق إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل من النفط يومياً، وخلال العقود القليلة الماضية، كانت أرامكو مصدراً رئيساً لإيرادات وامتيازات الحكومة السعودية.
حجم الأضرار التي لحقت بمنشآت أرامكو
وفقاً للإعلان المبدئي للحكومة السعودية، فإن 50٪ من صادرات النفط السعودية قد تعطّلت، وتضررت 15 منشأة نفط لشركة أرامكو في تلك المناطق.
مع ذلك، ووفقاً لأرامكو، فقد توقّفت 18٪ من إنتاج الغاز الطبيعي و 50٪ من إنتاج الإيثان ومكثفات الغاز في السعودية بعد ضربات الطائرات من دون طيار، وبلغت صادرات النفط السعودية 5.7 ملايين برميل يومياً، كما تم تعليق ستة في المئة من إمدادات النفط العالمية منذ الهجوم على أرامكو.
النقطة المهمة هي أن هذا الهجوم لم يلحق الضرر بصناعة النفط السعودية فحسب، بل قلل أيضاً من حجم التداول في سوق رأس المال السعودي بأكمله، وأثّر على سوق الأسهم في هذا البلد.
فبعد هجوم الطائرات من دون طيار، وخفض إنتاج النفط الخام إلى النصف، تراجعت البورصة السعودية 2.3 في المئة مع افتتاح السوق يوم الأحد الماضي، كما أعلنت وكالة "سي إن بي سي" أن خسائر أرامكو قد بلغت 4 مليارات دولار.
كذلك، لا يزال حجم الأضرار التي لحقت بشركات التأمين في السعودية وغيرها من البلدان العربية غير واضح حتى الآن، ولكن بالنظر إلى الأخبار المسرّبة من الهجوم، فمن الممكن معرفة مدى الأضرار الكبيرة التي لحقت بشركات التأمين هذه، وتقديرها بمئات الملايين من الدولارات أو حتى ما يقرب من مليار دولار.
الكشف عن ضعف نظام الدفاع الجوي السعودي
لقد أظهر نجاح ضربات الطائرات المسيرة الفشل التام للمعدات الدفاعية الأمريكية المتمركزة في السعودية أمام غارة جوية بسيطة، ولكن السؤال هو لماذا لم يستطع نظام الدفاع الصاروخي السعودي التعامل مع طائرات أنصار الله المسيرة المزودة بنظام تحديد الموقع العالمي (جي بي إس)؟
للرد على هذا السؤال، يمكننا ذكر عدة أسباب أهمها؟
1- لدى قوات أنصار الله صور ومعلومات دقيقة وكافية عن المناطق الحساسة المستهدفة في السعودية.
2- استخدام قوات الجيش اليمني محركات جديدة ومختلفة للطائرات من دون طيار.
3- استخدام أنصار الله لقوات التجسس في المناطق المستهدفة.
4- فشل تصوير أمريكا على أنها قوة لا تنافَس في مجال التكنولوجيا العسكرية.
اتهام أمريكا لإيران نتيجةً لضعف معداتها العسكرية
بعد أن عجز نظام الدفاع الصاروخي السعودي عن الصمود في وجه هجمات الطائرات من دون طيار، أشارت الإدارة الأمريكية بأصابع الاتهام إلى إيران، لكن الأخيرة قد نفت ذلك بشدة.
الرئيس الأمريكي "ترامب" رد بعدة تغريدات على هجوم الطائرات المسيرة على المنشآت النفطية في السعودية.
ففي تغريدة، أكد على ترخيص الاستفادة من احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي، وفي تغريدة أخرى، أكد على استعداد أمريكا العسكري لاتخاذ إجراءات ضد مرتكبي الهجوم.
من جانبه نفى وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" أي دور لقوات اللجان الشعبية اليمنية في الهجوم، مدعياً أن إيران هي المسؤولة عن هجمات الطائرات من دون طيار!
وفي المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف": إن الفشل في "الضغط القصوى" قد دفع بومبيو إلى "الخدع القصوى".
آثار الهجوم على أرامكو
وفقاً لمراقبي الاقتصاد السياسي، إذا فشلت السعودية وأمريكا في إصلاح هذه المصافي على المدى القصير وإنتاج النفط إلى مستويات قبل هجوم الطائرات المسيرة، فسنرى التداعيات والآثار التالية:
- من المرجّح أن يرتفع سعر النفط بشكل كبير إلى حوالي 100 دولار للبرميل )في نفس اليوم الأول بعد الهجمات، شهدنا زيادةً بنسبة 5-8٪ في أسعار النفط وارتفاع محتمل إلى حوالي 65 دولارًا للبرميل(.
- تضاعف سعر البنزين في المدن الأمريكية (50٪ من واردات أمريكا من النفط من السعودية(.
- الاضطراب في نظام العرض والطلب في سوق الطاقة العالمي.
- انخفاض كبير في إنتاج السعودية للبنزين، ومشكلة توفير البنزين للمواطنين السعوديين.
- فقدان الدول المستوردة للنفط الثقة بالسعودية.
- فشل خطة محمد بن سلمان لبيع 5٪ من أسهم أرامكو، إذ لا يبدو في الوقت الحالي أن هناك شركةً مستعدةً لقبول شراء شركة أرامكو، بتكلفة عالية للغاية.
وفي هذه الظروف، تفيد الأنباء بضغط محمد بن سلمان على أغنياء السعودية لشراء أسهم أرامكو.
- تعقُّد مستقبل حل الأزمة اليمنية أكثر فأكثر: من المحتمل أن يقوم التحالف العربي بقيادة السعودية بهجمات انتقامية، كما يحتمل تدخل أمريكا في الأزمة أيضاً.
- اتساع الفجوة بين إيران والسعودية، وتبعاً لذلك زيادة التوترات في المنطقة بشكل ملحوظ.