الوقت- أخيراً أصدرت محكمة نيجيرية وبعد الكثير من الشجار والنقاش، حكم الإفراج المؤقّت عن زعيم الشيعة في هذا البلد وذلك للقيام برحلة علاجية.
الحركة الإسلامية النيجيرية وفي حسابها الخاص على تويتر، علّقت على هذا الموضوع بالقول، إن المحكمة قد أصدرت تصريحاً له ولزوجته بالسفر إلى الهند لمتابعة العلاج.
ووفقاً للحركة الإسلامية النيجيرية، فقد حكم القاضي بأنه يجب السماح للشيخ الزكزكي وزوجته بالحصول على الرعاية الطبية، لأن حياته باتت في خطر بسبب تدهور أوضاعه الجسمية.
سجن غير شرعي للشيخ الزكزكي
الشيخ إبراهيم الزكزكي عالم ديني في نيجيريا، يحظى بشعبية خاصة بين المسلمين وحتى المسيحيين في هذا البلد.
مع ذلك، منذ حوالي أربع سنوات وفي 1 ديسمبر 2009، هاجم الجيش النيجيري حسينية بقية الله(عج) ومنزل الشيخ الزكزكي أثناء مراسيم الأربعين في تلك السنة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من النيجريين، كما أصيب الشيخ الزكزكي وزوجته واعتقلهما الجيش.
ودخل الشيخ الزكزكي السجن خلال هذه السنوات في حين أن المحكمة العليا النيجيرية قد قضت بإطلاق سراحه على الفور، رغم أن زعيم الحركة الإسلامية في نيجيريا كان قد اعتقل قبل ذلك لأكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة بشكل غير قانوني.
من ناحية أخرى، لم تكن الحالة الجسدية للشيخ الزكزكي مواتيةً منذ بداية اعتقاله من قبل الشرطة النيجيرية، وهناك صور تشير إلى إصابته بشكل بالغ في نفس الحادث الذي وقع في ديسمبر 2015، ولكن منذ بضعة أشهر تقريباً، أفادت مصادر محلية وعائلة الشيخ الزكزكي عن تدهور حالته الصحية في السجن بشكل خطير.
بعد هذا التدهور الصحي الذي أصاب الشيخ زكزكي المسجون، أصدرت الحركة الإسلامية في نيجيريا بياناً دعت فيه إلى الإفراج الفوري عن الشيخ وزوجته، وخرج الكثير من مواطني هذا البلد إلى الشوارع مطالبين بإيصال الخدمات الطبية إلى زعيمهم.
وبعد تدخّل الشرطة، اتخذت هذه الاحتجاجات السلمية والهادئة طابعاً عنيفاً، ما أسفر عن استشهاد ستة أشخاص على الاقل.
من ناحية أخرى، دعا العشرات من الشخصيات العالمية في رسالة موجّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، إلى التحقيق في وضع الأمين العام للحركة الإسلامية في نيجيريا، وكان من بين الموقعين العديد من أساتذة الجامعات من كندا وإيرلندا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا ودول غربية أخرى، وفي نهاية المطاف رضخت السلطات النيجيرية للإفراج المؤقت عن الشيخ الزكزاكي في هذا البلد للقيام برحلة طبية.
فشل الضغوط على أتباع الشيخ الزكزكي
فيما يتصل بقبول السلطات النيجيرية طلب الإفراج المؤقت عن الشيخ الزكزكي وقيامه برحلة طبية، ثمة قضايا يجب تسليط الضوء عليها، ويتعين الانتباه إلى أن رضوخ السلطات السياسية والقضائية النيجيرية للإفراج المؤقت عن الزعيم الديني في هذا البلد، قد تم بتأثير من بعض الأرضيات والسياقات السابقة.
بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى أن إطلاق سراح الشيخ الزكزكي للعلاج الطبي، هو نصر كبير للشيعة في هذا البلد، لأنه حتى وقت قريب لم تكن السلطات النيجيرية مستعدةً تحت أي ظرف من الظروف لقبول حكم المحكمة والإفراج عن الشيخ الزكزكي، لكن في النهاية، ومع تصاعد الاحتجاجات المحلية في نيجيريا وكذلك الانعكاس الدولي لحالة الزعيم الديني النيجيري، وافقت السلطات على الإفراج عنه لعلاج وضعه الصحي الخطير، وأظهر هذا الوضع أن أتباع الشيخ الزكزكي تمكّنوا أخيراً من تحقيق بعض أهدافهم.
ولكن لا يمكننا تجاهل بعض أهداف السلطات النيجيرية فيما يتعلق بمنح الشيخ الزكزكي الرحلة العلاجية والإفراج المؤقت عنه.
في الواقع، قد ينظر القادة النيجيريون إلى رحلة الشيخ الزكزكي الطبية والتي قيل إنها ستكون إلى الهند، فرصةً لإبعاده عن الموجة المتزايدة لمؤيديه وأتباعه في نيجيريا، وربما يظن القادة النيجيريون إن الرحلة ستؤدي إلى إحداث فجوة بين الشيخ وأنصاره.
إلا أن هذه الحسابات المحتملة للقادة النيجيريين حول إبعاد الشيخ الزكزكي عن مؤيديه، لا يمكن أن تكون مجديةً كثيراً، لأنه من جهة، لا يقتصر أنصار الشيخ الزكزكي وعشاقه باعتباره العالم الديني الكبير، على الحدود الجغرافية لنيجيريا، وأنصاره يشكلون مجموعةً متنوعةً من المسلمين وحتى الجنسيات غير الإسلامية في بعض البلدان الأخرى، وعملياً، فإن الابتعاد الجغرافي للشيخ الزكزكي عن أنصاره لا معنى له، ومن ناحية أخرى، هناك عدد كبير من المسلمين وخاصةً الشيعة في الهند، هم من أنصار هذا العالم الشيعي.
من جهة أخرى، لا معنى في هذا العصر لإحداث مسافة جغرافية بين الناس، نتيجة انتشار الوسائط الافتراضية ووسائل الإعلام الجماعية، وليس هناك شك في أن مؤيدي وأتباع الشيخ الزكزكي أينما كانوا، سيبقون على تواصل مع هذا العالم الديني الكبير في إفريقيا.
في هذه الأثناء، ما يسترعي الانتباه فيما يخص رحلة الشيخ الزكزكي الطبية إلى الهند وخارج الحدود الجغرافية لنيجيريا، هو تشابه هذه الرحلة برحلة آية الله الشيخ عيسى قاسم الزعيم الديني البحريني إلى بريطانيا.
وهي رحلة طبّية تمّت بسبب القيود التي فرضتها حكومة المنامة على آية الله الشيخ عيسى قاسم داخل حدود البحرين، وبالطبع، كان واضحاً الدور السعودي في فرض هذه القيود على الزعيم الديني في البحرين. وما سيناريو قيام الحكومة النيجيرية بفرض قيود على أتباع الشيخ الزكزكي في هذا البلد إلا اتباع لنفس المسار في البحرين، وليس هناك شك في أن السعودية هي التي تقف وراء فرض القيود على شيعة نيجيريا وعلمائهم، كما هو الحال في البحرين بالضبط.
ولكن لا يبدو أن القيود المفروضة على الزعيم الديني النيجيري ستكون مفيدةً وفعالةً كثيراً، لأنه من جهة، وبعد مضي أربعة عقود على تطور الآراء الإسلامية في نيجيريا، فقد ترسخت هذه الآراء الإسلامية في هذا البلد بشكل أساسي، ولم يعد انتشار الآراء الإسلامية في نيجيريا يعتمد على شخص واحد كما كان في الماضي، بل تعدّ الآراء الإسلامية واسعة الانتشار في هذا البلد.