الوقت- في الوقت الذي يبقى فيه المبعوث الأممي لدى اليمن "مارتن جريفيث" في صنعاء لعدة أيام دون أي مخاوف أمنية، يغادر عدن الثلاثاء، بعد ساعتين فقط من وصوله إلى المدينة التي أعلنتها حكومة عبد ربه منصور هادي عاصمة مؤقته قبل أكثر من عامين، فـ "جريفيث" الذي وصل مطار عدن صباحاً على متن طائرة أممية محاطاً بحماية أممية مكثفة، التقى هادي لدقائق فقط في قصر المعاشيق الذي يقيم فيه هادي وحكومته منذ عودتهم برضى الإمارات وحمايتها.
لا سلام سوى التصعيد
مصادر مقربة من حكومة هادي أكدت أن هادي استقبل "جريفيث" في مكتب صغير في المعاشيق، والتقاه لعدة دقائق فقط، قدم فيه جريفيث عدة مقترحات للسلام وخصوصاً وقف التصعيد في الحديدة، إلا أن هادي رفض أي وقف للتصعيد العسكري في الساحل الغربي، وأصرّ على المضي قدماً في خوض معركة الحُديدة، رضوخاً للضغوط التي تمارس عليه من قبل التحالف والإمارات تحديداً، التي أعلنت "الثلاثاء" أن لا بديل لوقف الهجوم على الحديدة إلا انسحاب الحوثيين من المدينة، وتسليمها لقوات هادي والقوات الجنوبية، وقوات طارق صالح، قائد كتيبة ما يسمى "حماية الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
أوضحت المصادر أن جريفيث غادر قصر المعاشيق مستاءً من رد الرئيس هادي غير المسؤول على مقترحاته، كما أكدت أن الحوثيين تعاطوا بشكل إيجابي مع مقترحاته وقبلوا مقترح وضع ميناء الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة، إلا أن هادي رد بالقول "المعركة مستمرة ولن تتوقف بالحديدة بل في صنعاء وصعدة".
فاقد الشيء لا يعطيه
مغادرة جريفيث عدن دليل على رفض هادي لأي مساعٍ للسلام يقوم بها المبعوث الأممي للأمم المتحدة مارتن جريفيث منذ أشهر، ودليل على فقدان هادي لحق إصدار القرار، وأن قرار الحرب والسلام بيد التحالف وخصوصاً الإمارات والسعودية، ومن المحتمل عودة مارتن للرياض وإجراء حوار مع فاعلين دوليين للضغط على هادي والتحالف للقبول بخطة السلام المعدّلة، قرار هادي السلبي وإصراره على استمرار الحرب في الحديدة وتدميرها وتشريد أهلها، ينسجم مع موقف الإمارات من مساعي الأمم المتحدة عبر مبعوثها لليمن الهادفة إلى وقف التصعيد العسكري في الساحل الغربي وفي الحديدة.
خسائر ومكابرة
وعلى الرغم من الخسائر العسكرية التي تكبدها التحالف بقيادة السعودية والإمارات في معركة الساحل الغربي والتي تعد من الخسائر الفادحة التي أكدت أن معركة الساحل تحولت إلى مستنقع للقوات الموالية للإمارات وكذلك محرقة للمدرعات الإماراتية، إلا أن التحالف يرفض أي مساعٍ للسلام ويصرّ على استمرار الحرب التي أصبح أبناء الجنوب وقودها، فعلى مدى أكثر من شهر قتل الآلاف من أبناء الجنوب في معركة الساحل الغربي، بينما لم يقتل سوى إماراتيون قلة في معركة الساحل الغربي، ولذلك فإن الإمارات التي تحوّلت مدرعاتها وآلياتها العسكرية إلى طرائد صيد للحوثيين لا تكترث للإبادة الجماعية التي يتعرض لها أبناء الجنوب الموالين لها في معركة الساحل الغربي، فتواجه الهزيمة باستمرار في محرقة الساحل؛ كون القتلى لا يحملون الجنسية الإماراتية بل هم جنوبيون حولتهم الإمارات إلى أدوات لتنفيذ أجندتها الاستعمارية الجديدة بأي ثمن، حتى وإن قتل الآلاف من أبناء الجنوب، فهي لم تخسر شيئاً، بل يخسر الجنوب وقضيته وأهله الآلاف من أبنائه في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
إطلالة بيضاء
في أول تصريح صحفي لنجل الرئيس "علي سالم البيض"، دعا "ينوف البيض" المجلس الانتقالي الجنوبي إلى فرض سيادة المجلس الانتقالي الجنوبي على قصر المعاشيق وإقامة الدولة الجنوبية على كامل ترابها الوطني، كما دعا نجل الرئيس السابق البيض في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر إلى الانقضاض على سلطة هادي وقال: "وفقاً للتطورات الراهنة وتوجه دولة الاحتلال اليمني لإجراء تنقلات لوحداته العسكرية إلى خارج العاصمة عدن، ينبغي استثمار الفرص المتاحة لإحلال قوات جنوبية مخلصة لمشروع الاستقلال واستعادة الدولة، واستمرار التعاون مع التحالف كشريك وليس مع هادي كرئيس لليمن، وأشار ينوف إلى "أن الأمور باتت مهيأة أكثر لفرض سلطات الانتقالي على المفاصل السيادية في عدن، وفي طليعتها القصر المدور وقصر المعاشيق، حيث يمثلان الرمز السياسي لنظام الأمر الواقع الذي يجب على الانتقالي فرضه الآن، وعدم السماح لسلطات ما تسمى بالشرعية اليمنية سلب الجنوبيين رمزية السيادة على وطنهم".