الوقت- "بسبب وقاحة الصين في سرقة التكنولوجيا، يجب على الصينيين أن يقلقوا بشأن تأمين أسرارهم التكنولوجية"، بهذه الكلمات عنون مايكل أسلين مقالة له نُشرت في موقع "سبكتاتور"، قال فيها: "بكين قلقة اليوم خشية من أن تقوم دول العالم بسرقة التكنولوجيا الصينية، لذلك بات الجيش الصيني يُطالب بدعمٍ أكبر للملكية الفكرية للبلاد وخاصة فيما يتعلق بالأسرار الدفاعية الحساسة"، مشيراً إلى أنّ الحواسيب الفائقة والطائرات بدون طيار وقاذفات الصواريخ وما شابه ذلك؛ وهي نتاج عدّة أجيال من البحث اعتبرت "مناطق حساسة للغاية وخاصة بالبحوث الصينيّة" ولا يمكن السماح بأن تتعرض للخطر.
المنافسة عن طريق الغش...
ويرى (أسلين) أنّ الصين تستحق أن تُكرّم، وهذا التقدير ليس بسبب ما اخترعته في مجال التكنولوجيا، ولكن بسبب قوتها، فالصين في المرتبة الأولى أو الثانية في الاقتصاد العالمي، وذلك نظراً لاتساعها، من حيث القوى العاملة الشاقة، والتركيز على تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM Education)، سياسة الحكومة الوحشية وما إلى ذلك من أسباب القوة، ولكن في نفس الوقت كلُّ ذلك مبنيُّ على الغش.
وعلى مدى عقود كانت الصين تسرق وبحريّة من الغرب، كانت تسرق كل شيء من الابتكارات التجارية الخاصة بما فيها جميع برامج الدفاع الأمريكية تقريباً، هل تساءل أحد لماذا تبيع الشركات الصينية الألواح الشمسية أرخص من نظيرتها الأمريكية؟ كيف تمكنت الصين من بناء الطائرة المقاتلة للجيل القادم من "لوكهيد مارتن إف-22 رابتور"، الإجابة بكل ببساطة لأن الصين تسرق الملكية الفكرية.
ويذهب (أسلين) إلى أنّه ولسنوات عديدة؛ كانت الـ "تيرابايت وبيتابايت" من أكثر المواد التي سُرقت من الولايات المتحدة والدول الرئيسية المُصنعة لها، ومعظم هذه السرقات كانت بدعم مباشر من قبل الحكومة الصينية، بالإضافة لوحدات خاصة من الجيش التحرير الشعبي تحولت إلى كتائب إلكترونية تستهدف الشركات الغربية.
صنع في الصين...
حتى عندما لا يسرق الصينيون، فإنّهم يستخدمون أدوات أخرى للوصول إلى أي نوع من التفوق لتحل محل الشركات الأمريكية، حيث تتعرض الشركات الأمريكية العاملة في الصين لضغوط كبيرة تهدف إلى إجبار تلك الشركات على التخلي عن حقوقها الفكرية، وإذا لم تتخلَ تلك الشركات فغالباً ما يلجأ الصينيون إلى سرقة تلك الحقوق.
سياسة "صنع في الصين 2025"، باتت السياسة المعتمدة من قبل الحكومة الصينية لجعل الصين الدولة الرائدة في مجال التصنيع، والمنتِج المهيمن على مجموعة من القطاعات الاقتصادية وخاصة تقنيات الجيل المقبل من تكنولوجيا المعلومات وآلات التحكم العددي والروبوتات، بالإضافة لأجهزة الفضاء ومعدات الطيران، وتقنيات الطاقة "الذكية" وتقنيات الموارد المتجددة، وأجهزة الطب الحيوية والأجهزة الطبية عالية الأداء.
ويتساءل (أسلين) عن مقدار التقدم الذي تحقق في القطاعات المذكورة والتي بُنيت على "سرقة الملكية الفكرية"، إلا أن أي تقييم واقعي لنقاط القوة في الصين يجب أن يعترف بالفوائد الهائلة التي تحققت من خلال تخطي مرحلة التجارب الأولية من البحث والتطوير، حيث إنّ هذه المرحلة تكلف الكثير من المال وتتطلب الكثير من الخبرة.
خسائر بالجملة...
اللجنة الأمريكية لـ "سرقة الملكية الفكرية الأمريكية" قدّرت الخسائر السنوية التي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي جرّاء سرقة الملكية الفكرية من 200 دولار إلى 600 مليار دولار، وحسب مكتب مديرية الاستخبارات الوطنية فإنّ تكلفة التجسس الاقتصادي عن طريق القرصنة تصل لما يُقارب الـ 400 مليار دولار سنوياً، ومما لا شك فيه أن معظم هذه الخسائر بحسب (أسلين) يعود سببها إلى الصين، وعلى الرغم من الوعود العامة التي قطعها الرئيس "شيه جين بينغ" لإنهاء هذه الممارسات، فإن المراقبين من القطاعين العام والخاص لا يرون أي تراجع بعمليات القرصنة التي تقوم بها الصين.
واليوم فإن الصين تحوّلت وبشكلٍ جدي من مُقرصِنة إلى مُقرصَنة، حيث أصبح لديهم شيء يخافون عليه ويريدون حمايته، كما أدركوا أنّ مسألة الزعامة صعبة للغاية، وأصعب من أن تكون تابعاً يُمكنك القيام بعملٍ غير قانوني بهدف أن تتقدم.
ويختم (أسلين) مقالته بأنّه يتوجب على الغرب أن يفعل كل ما في وسعه ليجعل الصين تعيش في حالة قلقٍ دائم من أجل الحفاظ على أسرارها، وبعد ذلك يمكن العودة إلى اللعب النظيف، كما أنّ واشنطن ولندن تراقب جيداً مدى تقدّم الصين في الحواسيب الفائقة، والذكاء الاصطناعي، وما شابه ذلك، وربما يجدون بها بعض الفائدة والنقاط الإيجابية التي سوف تجد طريقها إلى مختبرات ومراكز البحوث في أمريكا وبريطانيا، وهنا قد يعرف الصينيون أنّ قرصنة وسرقة أي شيء تصل إليه أيديهم ليست فكرة عظيمة – وربما يُعطي الآخرين العديد من الأفكار.