الوقت- كشفت مجله "ناشيونال انترست" الأمريكية في تقرير نشرته، عن القدرات الروسية الأخيرة في مجال الحرب الإلكترونية وقارنتها بقدرات أمريكا في هذا المجال. حيث كتبت هذه المجلة: "يجب على قوات الجيش الأمريكي أن تعي بأن المعدات والتقنيات التي تستخدمها روسيا في حربها الإلكترونية، تفوق بكثير بعض التقينات الغربية".
لقد كشف قسم الصناعات العسكرية الروسية، عن آخر إنجازاته العسكرية في معرض عسكري دولي اُقيم في عام 2017 خارج العاصمة "مسكو" ولقد تم عرض مئاتٍ من الأنظمة البرية والجوية والبحرية في هذا المعرض. الجدير بالذكر هنا أن نقطة التحول في هذا الحدث الهام، هي التوقيع على عقود تبلغ قيمتها نحو 170 بليون روبل (3 بليون دولار) من جانب روسيا. ولقد قام قسم الصناعات العسكرية الروسية بتقديم احدث أنظمتها في مجال الحرب الإلكترونية والتي تسمى " Krasuha" و" Vitebsk" و" Moskva " لقوات الجيش الروسي لكي يتمكن من التفوق على عدوه.
وحول هذا الصدد نشرت صحيفة " Svobodnaya Pressa" الروسية تحليلاً يكشف عن القدرات الروسية في مجال الحرب الإلكترونية، حيث أشارت هذه الصحيفة إلى أن انه خلال العقد الماضي، تم اختبار وتقييم أكثر من اثني عشر نظام عسكري، مثل أنظمة: " Borisoglebsk" و" Algurit" و" Rtut-BM " و"Infauna " و" Krasuha-4" و" Moskva-1 Parodist " و" Magnyi-REB " و" less" و"Magnyi-REB " و" Pole-21" و" Leer-3" و" Lesochek " و" Hibini " و" Vitebsk".
ومن بين هذه الأنظمة المذكورة، هناك أنظمة مصممة للمعارك القصيرة المدى والمركزة، كما أن هنالك أيضا أنظمة مسؤولة عن حماية الطائرات والسفن والجنود في مناطق معينة وتشمل هذه الأنظمة أيضا معدات وتقنيات يمكنها أن تتعامل وتمنع تفجر صواعق القنابل وغيرها من الأجهزة.
وفي سياق متصل اقر الجنرال "برادلي" من سلاح الجو الأمريكي في عام 2016، بأن البنتاغون قد أهمل قضية الحرب الإلكترونية على مدى العقدين الماضيين وسمح لـ"لكرملين" بتحقيق تقدم مبهر في هذا المجال. ووصف قائد قوات الجيش الأمريكي لمتمركزة في أوروبا الجنرال "بن هاديس"، هذا التقدم الروسي في مجال الحرب الإلكترونية في سوريا، بأنه كان "كارثياً". الجدير بالذكر هنا بأن هذه الأيام يوجد الكثير من الأنظمة المتطورة التي تقوم بنسخ دقيق للإشارات الإلكترونية للعدو والتعامل معها، ليتم إرجاعها بصورة إشارات خاطئة ومشوشة للعدو. ومن هذه الأنظمة يمكن ذكر ما يلي:
أنظمة "موسكفا-1" الروسية:
صرحت صحيفة " Svobodnaya Pressa" الروسية، بأن شركة "كريت" للتكنولوجيا الإلكترونية، هي التي قامت بتطوير أنظمة "موسكفا-1" الروسية، حيث يعمل نظام "موسكفا-1" كنظام رادار سلبي، يقوم بالتقاط الإشارات الصادرة من الأهداف والتعامل معها، ليتم إرجاعها بصورة إشارات خاطئة ومشوشة للعدو. ويحتاج نظام "موسكفا-1" إلى فريق فني يضم أربعة أشخاص ويستغرق نصبه 45 دقيقة وتستطيع هذه الأنظمة، كشف الإشارات المنبعثة من الطائرات ومن صواريخ كروز من مسافة 400 كم وأيضا لها القدرة على تحديد نوع ودرجة التهديد.
من جهة اخرى أشارت هذه الصحيفة إلى أن المواصفات والتفاصيل الفنية الدقيقة لهذا الأنظمة سرية. ولفتت إلى انه في حال وقوع هجوم واسع من قبل العدو، سوف تتمكن أنظمة "موسكفا -1" من جمع المعلومات اللازمة عن جميع أهداف العدو، لتحديدها وتتبعها واستهدافها.
الجدير بالذكر هنا بأن حتى وقت قريب، كان من المستحيل نصب هذا الأنظمة ذات القدرات العالية على هيكل ثلاثية العجلات. ولكن النجاح في صناعة مثل هذا الأنظمة ونصبها على بعض الآليات، يُعد نقلة كبيرة من التكنولوجيا التناظرية إلى التكنولوجيا الرقمية. وبفضل هذه الأنظمة، تزداد قوة العمليات الحسابية ويتم جمع المزيد من المعلومات من الهوائيات وهذا يُسهل على القوات العسكرية، كشف طائرات وصواريخ العدو والقضاء عليها.
أنظمة " كراسوخا -4" الروسية
أشارت هذه الصحيفة أيضا إلى أن نظام "كراسوخا -4" ُصمم على أساس التكنولوجيا الرقمية لكي يحمي المنشآت العسكرية والصناعية والإدارية من أي هجمات محتملة. حيث تقوم هذا الأنظمة على إيقاف عمل الأهداف الإلكترونية الثابتة والمتنقلة وذلك لكي يتسنى للقوات العسكرية الكشف عن الإشارات الإلكترونية التي يرسلها الأصدقاء في مناطق العمليات العسكرية.
أن هذه الأنظمة لها القدرة أيضا على التشويش على أنظمة الطائرات الحربية وقاذفات القنابل، كما أن لها القدرة أيضا على التشويش على الرادارات الأرضية ورادارات طائرات "اواكس" والتشويش أيضا على أقمار التجسس الصناعية، وذلك لأن النطاق الأفقي والرأسي لأنظمة "كراسوخا-4" هذه، يبلغ 300 كيلومترا، كما أن هذا الأنظمة لها القدرة على مواجهة الطائرات بدون طيار للعدو. وتعد أنظمة " كراسوخا-4" من اكثر الأنظمة تعقيدا والدليل على ذلك أنها استغرقت الكثير من الوقت لتطويرها "1995-2012". ويمكن وضع هذه الأنظمة بسهولة على هياكل بعجلتين لنقلها بشكلٍ اسرع واكثر راحة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن طائرات "اورلان-10" التي تسع شخصين أو ثلاثة أشخاص، تعد أيضا واحدة من اهم التطورات الأخيرة في مجال الحرب الإلكترونية في روسيا وهذا الطائرات لها القدرة على التشويش على الهواتف المحمولة.
من ما لا شك فيه أن القوات الأمريكية، كانت تراقب وترصد عن كثب هذه الأنظمة، عندما استخدمتها القوات الروسية في شرق أوكرانيا وسوريا. ولقد قامت القوات الروسية في عام 2015، بنشر أنظمة "كراسوخا -4" في قاعدتها العسكرية في سوريا. وتجدر الإشارة هنا بأن تقارير إعلامية مختلفة كشفت أن أنظمة"كراسوخا-4" شوشت على بعض من صواريخ "تاماتشو"، التي استخدمتها القوات الأمريكية في هجومها على قاعدة القوات الجوية السورية. ولكن النقاد الأمريكيين يرفضون هذه الادعاءات رفضا قاطعا وذلك لإنهم يؤكدون بأن المواقع والأهداف الجغرافية التي ضربتها صواريخ "تاماتشو"، لم تكن تعتمد على أي رادارات، بل اعتمدت على أنظمة إلكترونية بصرية دقيقة. ولكن هذه الصحيفة أكدت بأن تلك الصواريخ كان لديها عُقد إلكترونية، مكنت وساعدة أنظمة "كراسوخا -4" من رصدها.
أنظمة "فيتبسك" الروسية
الأنظمة المتطورة الثالثة التي أشارت إليها هذا الصحيفة الروسية، هي أنظمة الدفاع "فيتبسك" الروسية، والتي تم نصبها على متن طائرات الهليكوبتر "مي-8" لحماية القوات الروسية من صواريخ "من بادس". ولهذه الأنظمة أيضا القدرة على حماية تلك الطائرات والمروحيات التي تحلق على ارتفاع منخفض، من تهديد صواريخ "سنجر" التي تعد من فئة صواريخ أرض-جو. وتتكون هذا الأنظمة من أجهزة كشف الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية للصواريخ ومن معدات كشف الليزر والرادار ومن محطة تشويش للإلكترونيات الضوئية ومن محطة رادار للمظلات ومن أجهزة كشف الأهداف الغير دقيقة. وعبارة أخرى يمكن وصف هذه الأنظمة بأنها "أنظمة دفاع ضد جميع أنواع التداخلات الرادارية والحرارية والليزرية والإلكترونيات-البصرية"
وفي سياق آخر اعلن الجنرال "إدوارد كاردون" في عام 2015، عندما بدأت روسيا في توسيع نشاطها العسكري في سوريا، بأن الولايات المتحدة لم تحرز أي تقدم في مواجهة التهديدات المتزايدة في حربها الإلكترونية مع روسيا. وفي العام نفسه، أصبح من الواضح للجيش الأمريكي أن الاستثمار الروسي في الحرب الإلكترونية، ربما كان قد تجاوز الغرب. وهنا أشار "جيفرى تشورش" قائد فرقة الحرب الإلكترونية في الجيش الأمريكي إلى أن القوات الروسية لديها شركات وكتائب مزودة بمعدات مخصصة للحرب الإلكترونية. وعلى الرغم من الخطوات الهامة التي تم اتخذها بالفعل في وقت سابق، إلا أن التنوع الواسع والطبيعة المتقدمة لقدرات روسيا في مجال الحرب الإلكترونية قد يتحول إلى تحدٍ خطير لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو".
ووفقا لما ذكرته هذه الصحيفة، فإن الخبراء العسكريين يرون بأن قدرات الحرب الإلكترونية سوف تزيد من قدرة القوات البرية إلى الضعف وستقلل من الهجمات الجوية بمقدار 6 مرات. وفي هذا الاتجاه، سوف تصبح المنافسة أكثر سخونة على مدى السنوات المقبلة بين القوى الكبرى.