الوقت- كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في تحقيق له، أن نوابًا من "حزب المحافظين "في البرلمان البريطاني تلقّوا رشاوي من السعودية، ما دفع إلى إرسال شكوى لجهاز مراقبة معايير البرلمان، في وقت تشهد فيه بريطانيا ارتفاعاً في وتيرة ما سماه الموقع "جهود اللوبي المؤيد للسعودية".
ويشير التقرير الذي أعده "جامي ميريل" إلى أن الكشف عن هذه المعلومات يأتي في وقت تواجه فيه بريطانيا دعوات "لوقف تصدير السلاح إلى السعودية والضغط عليها لرفع الحصار الذي تفرضه على اليمن حيث تتهم بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب اليمني المظلوم ".
تبرعات أم رشاوي؟!
وتظهر آخر الأرقام الواردة حول سجلّ فوائد أعضاء البرلمان أن 13 نائبًا محافظًا، بمن فيهم الرئيس السابق لـ"مجلس الشرق الأوسط المحافظ"، ليو دوكيرتي، قبلوا ما مجموعه 116.600 ألف دولار من الضيافة في السعودية هذا العام وحده فقط. وبحسب الموقع البريطاني، فإن ذلك قد يثير المخاوف من أن هؤلاء النواب كان يتمّ "استعمالهم لغسل سمعة الحكومة في الرياض".
ومن بين هؤلاء النواب ثمّة نائب واحد عن "الحزب الليبرالي"، هو ليام بيرن، كما يبيّن التقرير، وقد تلقّى "تبرّعات" تعادل قيمتها 8.964 آلاف دولار، ما يرفع فاتورة عملية الضغط وتحشيد الآراء السعودية إلى 126.939 ألف دولار هذا العام.
وإلى جانب رحلات درجة رجال الأعمال والإقامة الفندقية الفارهة، تشمل مصاريف تلك "الضيافة"، الولائم الراقية، والاجتماعات مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وكبار المسؤولين.
إحدى تلك الزيارات، جاءت قبل أسابيع من استجواب دوكيرتي إياه، وزملاء آخرين له في البرلمان، حكومة تيريزا ماي بشأن التعاون الدفاعي مع المملكة، وقد حثّ هؤلاء على بيع طائرات "يوروفايتر تايفون" متعددة المهام من شركة الأسلحة البريطانية "بي إيه إي سيستمز إلى السعودية، مما دفع أعضاء برلمانيين آخرين إلى اتهامهم بأنهم يتلقّون إكراميّات نظير مواقفهم في البرلمان.
ومن اللافت، أن هذا التهافت السعودي على عملية الضغط وحشد الآراء في بريطانيا يتزامن مع علامات الاستفهام الكثيرة التي تُطرح اليوم حول العلاقة بين البلدين، والجدل السياسي الواسع الذي رافق ذلك داخل البلاد، وشقّ طريقه إلى قبة البرلمان أيضًا، ومبعثه التمويل السعودي للجماعات المتطرّفة داخل بريطانيا إضافة إلى الدعم الذي توفّره بريطانيا للسعودية في حربها باليمن، والذي خرج وزير الخزانة السابق في بريطانيا، أندرو ميتشل، لينتقده بشكل صريح هذا الأسبوع، متّهمًا حكومة بلاده بأنها "متواطئة بشكل خطير في سياسة السعودية تجاه اليمن"، والمتمثّلة، حسب تعبيره، بـ"نشر المجاعة والعقوبة الجماعية للسكان كافة".
جهود مكثفة
وفي سياق متصل تشير المعلومات المدونة في سجل "مصالح أعضاء البرلمان" إلى أن المملكة العربية السعودية كثفت جهودها في مجال اللوبي منذ بدء الحرب في اليمن عام 2015، وأن نواباً في حزب المحافظين تلقوا ما يزيد على مائة وثلاثين ألف جنيه إسترليني على شكل ضيافة منذ بدء الصراع المسلح والذي راح ضحيته حتى الآن ما يزيد على مائة ألف قتيل.
وفي شهر سبتمبر/ أيلول، قاد النائب دوتشري وفداً من أربعة نواب في زيارة إلى السعودية استمرت ستة أيام، قابل الوفد خلالها الملك سلمان في قصر السلام. وبحسب ما جاء في السجل فقد دون كل واحد من النواب أنه استلم تبرعاً من وزارة الخارجية السعودية قدره 7,900 جنيه وتضمن ذلك تذاكر سفر في درجة رجال الأعمال وإقامة في فندق فاخر ووجبات وتنقلات وضيافة.
وتنص قواعد السلوك في البرلمان على أنه يتوجب على النواب الكشف عن المصالح المالية أو الفوائد والمنافع التي يجنونها، بشكل مباشر أو غير مباشر، إذا ما شاركوا في حوارات تجرى داخل البرلمان أو إذا ما وجهوا أسئلة إلى الحكومة.
إلا أن التحقيق الذي أجراه موقع "ميدل إيست آي" يكشف عن أن النائب دوتشري، وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني خدم في العراق وفي أفغانستان، لم يعلن عن زيارته إلى السعودية حينما وجه في الشهر التالي للزيارة سؤالاً مكتوباً إلى رئيسة الحكومة حول صادرات السلاح البريطانية إلى السعودية مؤيداً دعم وزارة الدفاع لعلاقات أوثق مع الرياض.
شكوى رسمية
وهذا ما دفع عضو البرلمان الديمقراطي، توم بريك، إلى تقديم شكوى رسمية إلى المفوض البرلماني للمعايير، والدعوة إلى أن يخضع دوكيرتي للتحقيق. وكتب بريك في رسالة الشكوى: "لقد فشل السيد دوكيرتي في لفت الانتباه إلى سجلات مصالحه، وزيارته إلى السعودية، حينما طرح تلك الأسئلة، وأنا لذلك أخشى أن السيد دوكيرتي خرج على قواعد السلوك".
غير أن بريك، مقدّم الشكوى المذكور، كان له رأي آخر حيال ذلك، إذ يعلّق للموقع: "من السيئ جدًّا رؤية الفشل الحكومي المستمر في إدانة سجل حقوق الإنسان المروّع للمملكة، لكننا الآن نرى مجموعة متزايدة من أعضاء البرلمان يتمتّعون برحلات مجاملة مجانية للنظام السعودي"، أضاف قائلا: "مهمة عضو البرلمان هي التدقيق في الحكومة وعلاقاتها مع أنظمة خارجية. أن تكون صديقًا مفضًلا لتلك الأنظمة نفسها فمن الصعب، على الأرجح، أن يقود ذلك إلى تدقيق عادل في أفعال الحكومة البريطانية".