الوقت - دفعت الإجراءات التي اتخذها الكيان الاسرائيلي خلال صيف عام 2017 على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية الشمالية المحللين الاقليميين الى اعتقادهم ان الكيان الاسرائيلي يستعد لشن حرب ضد حزب الله في لبنان. واعتمد المحللون في تحليلاتهم على ادلة عدة أبرزها الاجتماعات المنتظمة للقادة العسكريين والقادة السياسيين الاسرائيليين من الجبهة الشمالية للتخطيط للحرب القادمة، ايضاً المناورات العديدة التي أجراها الجيش الاسرائيلي في مناطق مشابهة للقرى في جنوب لبنان.
ولكن على مدى الأسابيع القليلة الماضية، وبشكل أكثر تحديدا، بعد المصالحة الوطنية الفلسطينية، وبسبب الاحداث التي يشهدها قطاع غزة والظروف التي تعيشها فلسطين بشكل عام فتح المجال أيضا على إمكانية شن حرب اسرائيلية على قطاع غزة.
ادعاء الكيان الاسرائيلي بامتلاك تكنولوجيا تحديد الأنفاق
تعد انفاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من المشاكل الرئيسية للكيان الاسرائيلي، وربما تعد من ابرز الاسباب لعدم شن الجيش الاسرائيلي حرباً جديدة على قطاع غزة، حيث عانى الصهاينة في حرب الـ 51 يوم عام 2014 على قطاع غزة من ضربات مؤلمة بسبب هذه الانفاق.
ومنذ نهاية حرب عام 2014 على غزة، يسعى الصهاينة إلى تطوير تكنولوجيات للتعامل مع أنفاق المقاومة. ومن اجل حل هذه المعضلة شكلت الحكومة الاسرائيلية فريقاً من الخبراء العسكريين الاسرائيليين والامريكيين ودعمتهم الحكومة الامريكية بالعشرات من الملايين الدولارات لصناعة تكنولوجيا متطورة تكشف الانفاق وتدمرها.
وفي الأيام الماضية، استهدفت الطائرات الإسرائيلية أحد أنفاق المقاومة في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، واستشهد على اثرها ثمانية من مقاتلي المقاومة وجرح اكثر من 12 جريح. وأعلن وزير الحرب الاسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بعد الهجوم ان الجيش الاسرائيلي يمتلك تكنولوجيا متطورة لتحديد مكان أنفاق المقاومة وتدميرها بمن فيها.
إذا كان خطاب ليبرمان هذه المرة صحيحاً ولم يكن شأنه كشأن العديد من الادعاءات السابقة للكيان الاسرائيلي، فيمكن القول ان عقبة كبيرة (الانفاق) من امام الجيش الاسرائيلي قد ازيحت، وبالتالي، يمكن لهذا السلاح بأن يعجل بالهجوم على قطاع غزة وأن يعطي الأولوية لها على الحرب على لبنان.
وما يزيد من فرضية الهجوم على قطاع غزة، نشر الاسرائيليين نظام الدفاع الصاروخي للقبة الحديدية في المستوطنات الاسرائيلية على طول قطاع غزة، ويمكن القول إنه تدبير دفاعي لبدء الحرب.
وحدة "كوماندوز بحرية" اسرائيلية للبحث عن صواريخ المقاومة
قبل ايام من كشف الاسرائيليين عن امتلاكهم تكنولوجيا كشف الانفاق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن وحدة كوماندوز بحري خاصة اسرائيلية، من مهامها الكشف عن الصواريخ التجريبية التي تطلقها حماس باتجاه البحر؛ لا سيما بعد انتهاء العدوان الأخير على غزة (صيف 2014). ومن مهمّات الوحدة أيضًا، تنفيذ مهمات خاصة خارج "إسرائيل"، وتحييد الألغام البحرية، وحماية منصات الغاز "الإسرائيلية"، وزعمت أن الوحدة العسكرية الجديدة تنفذ عمليات غوص على عمق 300 متر تحت الماء، وتفجيرات في الماء.
وكانت إحدى نقاط الضعف التي تلقى الكيان الاسرائيلي ضربات موجعة على ايدي المقاومة خلال الحرب 51 يوم، هي هجوم مجموعة من كوموندوز المقاومة البحرية على قاعدة زيكيم البحرية التي تقع على حدود قطاع غزة. وبالتالي، يبدو أن تشكيل هذه الوحدة، على الرغم من المهام التي حددتها، هو معالجة هذا الضعف في الحرب المقبلة على غزة.
تسليم معابر القطاع الى السلطة الفلسطينية
وفقاً لاتفاق المصالحة الفلسطينية الأخيرة بين حماس والسلطة الفلسطينية، من المقرر أن تتسلم السلطة كل معابر القطاع بما فيها معبر رفح الذي يعتبر المتنفس والشريان الوحيد للقطاع. تسلم السلطة الفلسطينية لمعبر سيكمل الحصار على غزة وسيضع القطاع وحماس تحت رحمة السلطة.
دخول الأمن الفلسطيني للسلطة إلى قطاع غزة
ايضاً بعد اتفاق القاهرة حول المصالحة الوطنية الفلسطينية، تم تشكيل لجنة من مسؤولي الأمن من حماس وفتح لاتخاذ قرار بشأن أمن قطاع غزة. ومع هذا الاتفاق سيخسر الجهاز الأمني لحماس اولاً السيطرة على قطاع غزة، وثانياً ستجد السلطة الأمنية الفلسطينية، التي لديها اتفاق أمني مع الاسرائيليين، موطئ قدم في قطاع غزة.
وهذه المسألة كان لها اهمية كبيرة في لقاء وزير الاقتصاد الاسرائيلي، موشيه كحلون، ورئيس الحكومة الفلسطينية، رامي حمد الله.
الخلاصة
اذا ان ظروف الحياة المقاومة في قطاع غزة أصبحت صعبة في ظل وجود السلطة الفلسطينية، اي وجود الكيان الاسرائيلي داخل القطاع، وإذا حدث ذلك، فإن الاسرائيليين سيتحكمون بشريان حياة المقاومة في غزة بل سيطبقون عليها بكل سهولة، كما ان الكيان الاسرائيلي يعمل ويكتسب قدرات من اجل سد الثغرات التي تعرض لها في حرب ال 51 يوم على غزة، واكتسابه هذه القدرات سيمكنه من مواجهة المقاومة بكل سهولة.
في المحصلة يمكن القول، إن الارضية اللازمة لانهاء المقاومة في قطاع غزة قد اكتملت، وإن الاسرائيليين اصبحوا في موقع افضل لضرب الشرايين الحيوية للمقاومة، وبذلك يمكن القول إن الهجوم على غزة أكثر احتمالا من الهجوم على جنوب لبنان، لأن الهجوم على جنوب لبنان سيكون مفاجئا، لذلك سيكون من الأسهل مهاجمة قطاع غزة.