الوقت- تضاربت الأنباء حول ما جرى في الواحات وكيف تم استهداف هذا العدد الكبير من رجال الأمن وقتل معظمهم واحتجاز البالقي كرهائن لدى الجهة الخاطفة، وحتى اللحظة لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية، وأيا يكن انتماء المهاجم وأهدافه فإن الفاجعة كبيرة هزت المؤسسة الأمنية المصرية التي استنفرت بكل قواها لمعرفة الجهة المخططة لهذه العملية خاصة أنها ليست الأولى من نوعها في الصحراء المصرية.
وفي انتظار ما ستعلنه التحقيقات والتحريات التي تجريها أجهزة الأمن المصرية لمعرفة الجهة التي استهدفت رجال الأمن، تبقى أعداد الضحايا جرحا ينزف في أم الدنيا التي شهدت عددا لابأس به من العمليات الإرهابية خلال العامين الأخيرين على وجه الخصوص، فبعد ما يزيد على ثلاث سنوات ونصف تقريبا منذ إعلان قوات الأمن المصرية الحرب ضد التنظيمات المسلحة في سيناء، وما تخللها من زيادة في العمليات التي تقوم بها تلك التنظيمات، انتقلت المواجهات أو تمددت بحسب ما يفضل للبعض أن يسميها من هذا النطاق الضيق في سيناء، شمالها كان أو جنوبها، إلى القاهرة ومحافظات الدلتا، وصولاً إلى الصحراء الغربية.
واليوم يقع أكثر من 58 ضابطا ومجندا ضحية للإرهاب خلال الاشتباكات التي وقعت أمس الجمعة 20 من أكتوبر 2017 عقب مداهمة قوات الأمن لأماكن تمركز بعض العناصر المسلحة عند الكيلو 135 طريق الواحات بالصحراء الغربية جنوب غرب القاهرة، بحسب مصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية.
تفاصيل الهجوم وفقا للروايات
الرواية الرسمية تقول التالي: "تعود بداية المواجهات إلى ورود معلومات لقطاع الأمن الوطني تفيد باتخاذ بعض هذه العناصر الإرهابية للمنطقة المتاخمة للكيلو 135 بطريق الواحات بعمق الصحراء مكانًا لاختبائها، ومساء 20 من أكتوبر الحاليّ أُعدت مأمورية لمداهمة تلك العناصر وحال اقتراب القوات واستشعار تلك العناصر بها أطلقت الأعيرة النارية تجاهها، بادلتها القوات إطلاق النيران، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من رجال الشرطة ومصرع عدد من هذه العناصر، وقامت القوات بتمشيط المناطق المتاخمة لمحل الواقعة وجار الإفادة بما يستجد من معلومات"، هكذا قالت وزارة الداخلية في بيانها.
أما الروايات الرسمية التي تسربت عبر وسائل الاعلام فتقول: بأنه أثناء مطاردة "مجموعة إرهابية" غرزت مدرعات الشرطة في الرمال، ما أدى إلى مقتل 15 شرطياً، من بينهم العميد إبراهيم شلتوت والنقيب أحمد زيدان، مشيرة إلى غلق مداخل ومخارج المنطقة بالكامل، نظراً لأن العناصر المستهدفة تعد شديدة الخطورة. وحسب المصادر الرسمية فإن تشكيلات من القوات الخاصة لوزارة الداخلية توجهت بعد عصر أول من أمس إلى مكان البلاغ، وبمجرد الاقتراب بادرتهم العناصر المسلحة بوابل من الرصاص من أسلحة خفيفة وثقيلة، ما أدى إلى مقتل 14 من الشرطة، و18 من العناصر المسلحة التكفيرية، واستمر تبادل إطلاق النار لمدة 8 ساعات متواصلة، ما دفع للاستعانة بطوافات "الأباتشي" التابعة للجيش، وإغلاق وزارة الداخلية للمنافذ الحدودية لمحافظات الوادي الجديد والفيوم والجيزة.
من جهة أخرى تحدثت مصادر رفيعة المستوى في وزارة الداخلية المصرية: أن المجزرة حصلت نتيجة اختراق حدث للأجهزة الأمنية بواسطة عملاء تابعين لتنظيم "داعش". وعلى الرغم من أن تجهيز المأمورية بدأ منذ ثلاثة أيام، إلا أن موعد ساعة الصفر اقتصر على دائرة ضيقة في مديرية الأمن، وجهاز الأمن الوطني، بحسب المصادر الأمنية. وأوضحت المصادر أن ضعف شبكات الاتصال حالت دون التواصل مع القوات. ونقلت المصادر الأمنية رواية أخرى مغايرة للرواية الرسمية، لافتة إلى أن المجموعة الإرهابية نجحت في اختراق الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية، عبر عملاء لهم داخل الوزارة، وإبلاغ هؤلاء العملاء للأمن الوطني عن مجموعة إرهابية اخترقت الحدود الغربية المصرية الليبية، ووصلت إلى حدود محافظة الجيزة جنوب القاهرة، وأنها تتمركز في منطقة الواحات.
أصابع الاتهام
بناءا على التحريات التي قامت بها أجهزة الأمن المصرية حول هذه الحادثة وما حصلت عليه من معلومات حتى مساء السبت، فإن جهاز الأمن الوطني تلقى معلومات وبلاغات من عناصر سرية استقت معلوماتها من "مصادر تكفيرية"، مفادها أن بعض خلايا حركة "حسم"، والتي كان ينتمي أعضاؤها في السابق إلى جماعة الإخوان المسلمين، استوطنت منطقة جبلية بين الكيلو 132 والكيلو 135 على طريق الواحات، المؤدي من أهرامات الجيزة إلى الواحات البحرية. وبناءا على ذلك جرى إعداد وتجهيز قوة الشرطة التي ستقوم بالعملية.
لكن حركة حسم نفت هذا الأمر على الرغم من أنها قامت في السابق بعدة عمليات مسلحة ضد عناصر من الجيش والشرطة آخرها استهداف 3 مجندين في الجيزة وتفجير عبوة ناسفة بمحيط سفارة ميانمار بالقاهرة، في مقابل ذلك استبعد البعض تورط حسم في هذه العملية نظرا لتواضع إمكاناتها وقدراتها التسليحية، مقارنة بما ظهرت عليه تفاصيل حادثة الأمس والتي تظهر حجم الإمكانيات المتطورة لعناصر الجماعة التي قامت بها وهو ما تجسده أرقام القتلى في صفوف قوات الأمن المصرية، حسبما أشار الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية.
وذهب عدد من المحللين والخبراء الأمنيين إلى توجيه أصابع الاتهام إلى مجموعالت مسلحة قامت بمثل هذه العمليات في الآونة الأخيرة منها: تنظيم "المرابطين" بقيادة، هشام عشماوي ضابط الصاعقة المصري السابق، والملقب بـ"أبي عمر المهاجر"، والذي ينضوي تحت لواء لـ"القاعدة" بعد انشقاقه عن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
كذلك من التنظيمات التي توجه لها أصابع الاتهام أيضا في هذه الحادثة، مجموعة عمرو سعد المسؤول الرئيسي والأول عن تفجيرات الكنيسة البطرسية ومار جرجس ومار مرقس بالإسكندرية وطنطا، المنتمية لـ"داعش".