الوقت- يمكن لكل مستخدمي "فيسبوك" وسائر مواقع التواصل الإجتماعي أن يلاحظوا التغيير الكبير الذي تسببه زيادة إستعمال هذه المواقع إن على شخصية الفرد ونفسيته أو حياته اليومية شكل عام. وهذا الأمر كان ولا زال هاجساً للكثير من الباحثين حول العالم ما دفعهم للقيام بالكثير من التجارب التي تربط هاتين المسألتين ببعضهما.
وفي هذا الإطار قام جمع من العلماء في جامعة "شوي يان" في هونغ كونغ، بإجراء تجارب تهدف إلى التحقق من العلاقة بين الفيسبوك والإكتئاب عند مستخديه. قام "تاك سانغ تشاو" و "هاو ين وان" الباحثان القيّمان على هذه الدراسة بإجراء عدد من التجارب لفهم العلاقة بين الإكتئاب وعادات فيسبوكية تحدث عند المستخدين مثل الحسد والقلق وغيرها.
جرت الإختبارات على أكثر من حوالي 300 شخص تطوعوا من حول العالم، وتراوحت أعمارهم ما بين الـ 18 و 73 سنة، وذلك وفقاً لإحدى المجلات العالمية التي أعدت تقريراً عن الدراسة. ووضعت الإختبارات الصفات الشخصية للفرد إلى جانب أرقام كعدد الأصدقاء في الفيسبوك ونسبة الإكتئاب في عين الإعتبار.
فتباينت معلومات المتطوعين بإختلاف عدد الأصدقاء في حسابتهم بين 300 صديق كمتوسط لمعظمهم إلى أن وصل العدد إلى 10 آلاف متابع عند البعض وصفر أصدقاء عند آخرين، أما المدة التي يقضيها هؤلاء في تصفح الفيسبوك فتفاوتت بين 100 دقيقة إلى ساعتين وأكثر في اليوم الواحد، كما أنها تفاوتت بين أيام العطلة وغيرها من أيام الأسبوع فلوحظ معدل وسطي لهذه المسألة.
الغريب في إستنتاجات هذه الدراسة أنها خلصت إلى نتائج تفيد بأن لا علاقة بين الإكتئاب وإستخدام الفيسبوك لفترات طويلة، وجاء في نص الدراسة التالي: "في هذه المرحلة، من السابق لأوانه على الباحثين أو الممارسين أن يستنتجوا بأن قضاء الوقت في "فيسبوك" ستكون له عواقب وخيمة على الصحة العقلية."
إلا أن هذه النتائج لم تنفي وجود خطر يسببه الفيسبوك، إذ أنها وصلت إلى إستنتاجات أخرى تفيد بأن الإستعمال المفرط للفيسبوك يضرّ بالصحة العقلية للفرد إذا ما كان يعاني من مشاكل عصبية، فمثلاً ودائماً بحسب الدراسة، الأشخاص الذين يعانون من مشاكل كالقلق المفرط والشعور بالخوف أو عدم الأمان المستمرين معرّضون لخطر الإصابة بالإكتئاب بنسب كبيرة.
وإقترحت الدراسة على المستخدمين، أنه في المرة القادمة التي يجدون فيها أنفسهم يعانون من أعراض الإنسحاب أو العزلة والخوف في "فيسبوك"، عليهم مراجعة السبب الذي جعلهم يحسّون بهذه الأحاسيس أو جعلتهم يشعرون بأنهم منبوذون، إلى جانب ذلك عليهم أخذ قسط من الراحة، والعودة في أرشيف المنشورات لديهم لإضافة نوع من الإيجابية على حالتهم الذهنية وذلك بتصفح صور الحفلات والرحلات أو الأماكن التي كانوا فيها برفقة أصدقائهم وكانوا فرحين فيها، فذلك سيساعدهم على الإستمتاع من جديد بالذكريات السعيدة.
إلى جانب هذه المشاكل طرحت بعض الدراسات السابقة مشاكل أخرى قد يسبها الإستعمال غير المسؤول لفيسبوك، منها على سبيل الذكر لا الحصر: الإدمان وقضاء أوقات طويلة ومضرة بالحياة اليومية للفرد، تنامي سلوك الغيرة بشكل مبالغ فيه، إتخاذ قرارات جماعية خاطئة، عدم الرضا الذي يقود للحقد على الاخرين فضلاً عن بناء مشاعر مختلطة إتجاه أناس قد تكون مقرّب منهم وهذا قد يفسد حياتك الإجتماعية، والأحساسيس المشوّهة التي تنمو داخل الفرد جرّاء الحملات التشاؤمية التي عادة ما تحكم جدران مواقع التواصل الإجتماعي والتي تخلق مشاعر مزيّفة جرّاء تنامي الإهتمام المجازي وغير الحقيقي بالفرد من قبل آلاف المتابعين ما يجعله يشعر بأهمية وسعادة وفخر لا وجود لخلفية حقيقة تدعمها في الحياة الواقعية وهذا سيوّلد فراغاً وعزلة إجتماعية.