الوقت- بات الجانب السلبي الذي يؤثِّر على نفسية غالبية الناضجين في مجتمعاتنا والناتج عن كثرة المسؤوليات والأعمال والمهام الصعبة لديهم بالاضافة لتشتت أذهانهم في العديد من جوانب الحياة سبباً أساسياً في تشكل ضغوطات أو اضطرابات نفسية لهذه الفئة، والملاحظ أن الأمر في تزايد مستمر وذلك بحسب ما أكدته الكثير من العيادات النفسية التي استندت لزيادة نسبة الأشخاص الذين يخضون للعلاج لديهم في الأعوام الأخيرة.
الضَّغط النفسي هو ردة فعلٍ طبيعية للجسم يقوم بها من أجل الدِّفاع عن نفسه أمام أيّة مخاطر وهذه الحالة طبيعيّة جداً في حالة حدوثها، إذ انها تسمح للجسم بالقيام بالتدابير اللازمة لحمايته من أي مستجدات تحمل احتمالات مضرة، ولكن إذا بقيت هذه الحالة دون أي نتائج إيجابية، فيبدأ الجسم بالتعرض للتعب والإرهاق والضغوطات النفسية التي قد تسبب بعض الأمراض الجسدية لاحقاً.
وتختلف الضغوطات النفسية بحسب شخصية الفرد وطريقة تفكيره، فما يعتبر ضغطًا نفسيًا لشخص ما قد لا يعني بالنسبة لشخص آخر شيئًاّ وقد لا يؤثر على نفسيته، وعلى أساس ذلك يتولد الضغط النفسي من مصادر عديدة بالنسبة لأصحاب الاستيعاب الأكبر.
لذا فإن بعض هذه الضغوطات قد تكون طبيعيّة وقد تحدث للجميع ومن ثم تختفي من دون أي تدخل أو علاج من أخصائي نفسي، أو قد تكون متراكمةً منذ فترة وهذه الضغوطات تسبب الكثير من الآلام والأمراض الجسديّة، وهناك بعض الضغوطات النفسيّة التي تحدث بعد التعرض إلى صدمةٍ معيّنةٍ بصورةٍ مفاجئة وغير طبيعيّة.
في الأسباب
وفي هذا الإطار، فإن أسباب الضغوطات النفسية كثيرة ومختلفة منها يأتي بسبب تغيّرات طارئة أو متراكمة في حياة الشخص بشكلٍ عام أو جرّاء عدم انتظامها مما يولِّد توتراً وانزعاجاً، فضلاً عن أن الضائقات الماليّة يعد سبباً أساسياً للقلق والخوف مما لقلة المال الكافي لتغطية متطلبات الحياة من أثر كبير على النفس البشرية بشكل عام.
ومن الأسباب الأخرى هي العمل ومشاكله من ساعات عمل طويلة أو تفانٍ مبالغ فيه أثناء العمل، إذ تعتبر هذه المسألة من أكثر الأسباب التي تسبب الضَّغط النفسي للشخص وتزيد من حالته سوءاً، حيث أنَّ كل شخص يسعى إلى أن يكون الأفضل في عمله وأن يقدم الأحسن من أجل اثبات نفسه وجدارته في العمل وهذا الأمر قد يرتد سلباً عليه لاحقاً من الجانب النفسي، وأيضاً من مسببات الأزمات والضغوط النفسية هي المشاكل الأسرية فعدم وجود علاقة أسرية ناجحة وهادئة في حياة الشخص تؤثر سلباً على حياته وسلاسة سيرها مما قد يؤدي أو يزيد من الضرر في حالته النفسية.
أشكالها وتجلياتها في الفرد وسلوكياته
الضغوطات النفسية تظهر على الفرد المصاب بأشكال وارتدادات نفسية وسلوكية مختلفة فقد تأتي على شكل إصابة بالاكتئاب والتوتّر، أو عدم المقدرة على النوم بشكل طبيعي والشعور بالقلق المتزايد، أو الوحدة والانعزال، أو عدم القدرة على الإبداع في العمل والتقدم، فضلاً الحساسية الزائدة بسبب المواقف التي يتعرض لها، او على شكل خوف وبكاء وربما ضحك من دون سبب، أو مثلاً الشعور بالعجز والنقص، واظهار العنف، وعدم القدرة على التعامل مع الآخرين، وأخيراً الإحساس بالفشل.
الأعراض العضويّة والعقليّة
أما الأعراض العضويّة والعقليّة المصاحبة للإصابة بحالات الاضرابات النفسية فهي حدوث اضطرابات في الذاكرة، والتركيز، والانتباه، والاحساس الدائم بالتهرّب ونسيان الواقع والحياة التي يعيشها، خاصة عند التفكير الزائد بالعديد من الأفكار المزعجة، فضلاً عن ظهور بعض الآلام في بعض المناطق بالجسم، كمنطقة الصدر، والعضلات، وحدوث مشاكل في جهاز المناعة، كما يحدث جفاف متكرر في الحلق، وصداع رأس الحاد، ومشاكل في التنفس، ومشاكل في الجهاز الهضمي، واضطرابات في نبضات القلب، بالاضافة إلى زيادة في ضغط الدم، وزيادة التعرّق، وحدوث مشاكل جلدية مما قد يسبب تساقط الشعر وغيرها من المشاكل الضارة بالجسم.
في العلاج وطرقه
إن علاج الاشخاص المصابين بالضغوطات النفسية لا تعني أن يتخلص منها فهي جزء من حياة الجميع، وإنما يتم بتعلم مجموعة من التقنيات الإيجابية للتعامل معها والتخفيف من سلبياتها، فمن الطرق المهمة لعلاج الضغوطات النفسيّة هو زيادة الايمان بالله تعالى والالتزام بتأدية الصلاة وقراءة القرآن الكريم أو حتى الالتزام بالعبادات والروحانيات في أي ديانة أخرى، فهذا يساعِد على الاسترخاء وعدم التفكير بالأمور السلبيّة، والأهم من ذلك هو الرضا والقناعة وتقبّل الأمور بأن كل شيءٍ بيد الله تعالى في نهاية المطاف، وما على الشخص إلّا الأخذ في الأسباب.
وأيضاً يجب تغيير طريقة التفكير بالضَّغط النفسي وعدم التفكير بشكل سلبي، فالتفكير بشكل إيجابي والتركيز على الأمور الإيجابية باستطاعته أن يغيِّر من تأثير الضَّغط النفسي سلوكياً وجسدياً.
كما أن بناء علاقات اجتماعيّة أمر مهم جداً فالجلوس مع الناس والتحدّث معهم يساعد الشخص في الخروج من دائرة الضَّغط النفسي.
بالإضافة إلى ذلك، ينصح بالقيام بممارسة التمارين الرياضية وتمارين التنفس، والحرص على تناول غذاء صحي متوازن، وتجنب التدخين والتقليل من الكافيين.