الوقت- مدينة الرقة التي كانت المعقل الأهم لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا باتت اليوم تحت سيطرة الأكراد بيد ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث تتحدث المعلومات الميدانية عن أن التنظيم أخلى المدينة بالكامل منذ أمس الثلاثاء أمام تقدم القوات الكردية التي باتت تسيطر على أحياء المدينة بشكل كامل.
هي إذا ضربة جديدة للتنظيم الذي يتعرض لنكسات متتالية منذ عامين إن في سوريا أو العراق، والخروج من الرقّة وهي إحدى أول المدن التي سيطر عليها التنظيم عام 2014 له وقعه الخاص بعد أن حوّل المدينة لمعسكر كبير طيلة ثلاث سنوات منصرمة. يُذكر أن قوات قسد المؤلفة من عرب وأكراد كانت قد فرضت حصارا على المدينة منذ حدود أربعة أشهر.
حاليا ونقلا عن المتحدث باسم هذه القوات فإن قسد قد سيطرت على ميدان النعيم الذي حوله داعش لميدان إعدامات وتعذيب حتى عُرف بميدان جهنم. ويقول المتحدث أن كل من تبقى من فلول داعش لا يتعدون الـ300 شخصا المتواجدون في بعض الجيوب داخل المدينة.
"قوات سوريا الديمقراطية" التي تشكلت من مجموعات كردية وعربية عام 2015 بهدف محاربة داعش وإخراجه من الرقة والمناطق الأخرى، ومع أن فيها عربا إلا أن معظم مقاتليها وقادتها هم من الكُرد، ولذلك فإن سيطرتهم على الرقة تعتبر سيطرة كردية في حقيقة الأمر. يُذكر أن قسد قد قاتلت خلال السنوات الماضية إلى جانب الدولة السورية كما أنها كانت تحت الحماية الأمريكية والائتلاف الدولي ضد داعش حيث ساعدت أمريكا هذه القوات وغطتها جويا في الكثير من المعارك التي خاضتها.
من جهة أخرى فإن الرقة لها أهميتها الخاصة بالنسبة للأكراد، وكانت هدفا لهم منذ بداية المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي، أما السبب وراء هذا الاهتمام هو أن المدينة تقع جنوب المنطقة الكردية في الشمال السوري، تلك المنطقة التي تقسمها قوات حليفة لتركيا لمنطقتين شرقية وغربية، مدينة كوباني شرق الفرات وعفرين غربه. وكون الرقة تقع جنوب المنطقتين يأمل الأكراد أن يتمكنوا من وصل مناطق انتشارهم عبر الرقة.
طبعا سيطرة الأكراد على الرقة وبقاؤهم فيها لن يكون سهلا، فهناك عدة عوامل لن تجعل من الأكراد مرتاحي البال في تلك المدينة، حيث أن أكثرية سكانها من العرب وليس الأكراد، كما أن تنظيم داعش كان يعتبر هذه المدينة استراتيجية بالنسبة له بسبب واقع وجود حاضنة شعبية سنية في المدينة. كلها تحديات ستواجه الأكراد إضافة إلى تحدي الرفض التركي لأمر واقع كردي في المدينة.
المشكلة الأخرى التي تواجه الأكراد هناك هو احتمال هزيمة داعش النهائية على كافة الأراضي السوري والعراقية، وهذا الأمر قد يجعل الأمريكيين يوقفون دعمهم التسليحي للأكراد، مما يجبرهم على إيقاف القتال ورمي السلاح والعودة إلى الحياة العادية وحلّ قسد نهائيا. وهذا مطلب تركي رئيسي من الأمريكيين. حيث تخشى تركيا أي فكرة لإنشاء كيانات كردية مستقلة جنوبها في الشمال السوري وهذا الأمر واحد من المشاكل التي تؤثر في العلاقة الأمريكية التركية اليوم.
أردوغان طلب وبشكل صريح من ترامب منذ أشهر وخلال اتصال هاتفي إيقاف تسليح الأكراد، فما كان من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون إلا أن أعلنت أنها ستقوم بجمع السلاح الذي وزعته بين الأكراد بعد هزيمة داعش بشكل كامل بهدف طمأنة الأتراك. وقد أكد رئيس الوزراء التركي على هذا الوعد الأمريكي إضافة إلى وعد بمنع أي تغيير سكاني في مدينة الرقة بعد تحريرها.
بناء عليه لا يمكن للأكراد في سوريا أن يتفاءلوا كثيرا فداعش في طريقه للنهاية الحتمية، والضغط التركي والوعد الأمريكي سيجعلهم الحلقة الأضعف في نهاية المطاف، ومسألة سحب سلاحهم أمر محتمل جدا.
إذا تحرير الرقة لا يمكن قراءته نصر كردي وإنما ورقة أمريكية للضغط في المحادثات المقبلة حول مستقبل سوريا. الأكراد اليوم مجرد ورقة رابحة بيد الأمريكيين وتنتهي وظيفتهم بعد انتهاء تنظيم داعش الإرهابي. الأمريكي وحده يريد التفاوض حول الرقة كأرض سورية بيده. من ناحية أخرى وضع النظام السوري مستقر بل وفي أحسن أحواله منذ سنوات إلى اليوم. ولذلك فإن المفاوضات بشأن مستقبل سوريا وعلى رغم تحرير الرقة من قبل الأمريكيين بقوة كردية فإن الميدان السوري بشكل عام يشير إلى سطوة المحور الروسي الإيراني على الأوضاع مقابل إمكانية مناورة أمريكية محدودة جدا تُختصر بورقة الرقة.