الوقت- ضرب أسوأ جفاف منذ عقود أجزاءً واسعة من شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، ما أدى إلى جفاف الأنهار والبحيرات، وإتلاف المحاصيل، وانقطاع المياه لأيام في المدن الكبرى.
يُعاني الوضع من تدهور حاد في سوريا، التي شهدت أدنى معدل لهطول الأمطار منذ عقود، والتي تُكافح حكومتها الناشئة لإعادة توحيد البلاد بعد حرب أهلية استمرت 14 عامًا، وخلفت ملايين الفقراء الذين يعتمدون على المساعدات الخارجية.
انخفاض حاد في الإنتاج الزراعي
قال جلال الحمود، مسؤول الأمن الغذائي الوطني في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في سوريا، إنه نظرًا لأن الجفاف جاء بعد حرب طويلة، فإن المزارعين، الذين يعانون أصلًا من ضائقة مالية، لم تكن لديهم قدرة تُذكر على مواجهة آثاره.
قبل اندلاع الحرب الأهلية عام ٢٠١١، كان المزارعون السوريون ينتجون ما معدله ٣.٥ إلى ٤.٥ ملايين طن من القمح سنويًا، وهو ما يكفي لتلبية الاحتياجات المحلية للبلاد، وفقًا لسعيد إبراهيم، مدير التخطيط والاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة السورية، انخفض هذا الإنتاج السنوي إلى ما بين ٢.٢ و٢.٦ مليون طن خلال الحرب، وفي السنوات الأخيرة، اضطرت الحكومة إلى استيراد ما بين ٦٠ و٧٠٪ من قمحها لإطعام نحو ٢٣ مليون شخص.
من المتوقع أن يبلغ محصول هذا العام مليون طن فقط، مما يضطر سوريا إلى إنفاق المزيد من مواردها المحدودة على الواردات.
صرح مضر ديوب، المتحدث باسم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، بأن محصول القمح هذا العام لن يكفي سوى شهرين أو ثلاثة أشهر، وتعتمد الحكومة حاليًا على عقود استيراد القمح من الخارج والمساعدات المالية، بما في ذلك من العراق المجاور.
لكن في بلدٍ يُقدّر برنامج الغذاء العالمي أن نصف سكانه يعانون من انعدام الأمن الغذائي، حذّر إبراهيم من أن الاعتماد الكلي على الواردات والمساعدات يُهدد الأمن الغذائي، وهو وضعٌ غير مستدام.
أزمات ذات صلة
الجفاف ليس المشكلة الرئيسية الوحيدة التي تواجه سوريا، فقد عصفت بالبلاد أعمال عنف طائفية منذ سقوط الأسد، وهناك شكوك متزايدة حول قدرة السلطات الجديدة على الحفاظ على تماسكها، فمن دون وظائف أو استقرار، من غير المرجح أن يعود ملايين اللاجئين الذين فروا خلال الحرب إلى ديارهم.
أدت مشاكل المياه في لبنان إلى تفاقم الجفاف في سوريا، التي تعتمد جزئيًا على الأنهار المتدفقة من جارتها الغربية، وأكبر هذه الأنهار هو نهر العاصي، المعروف أيضًا باسم نهر العاصي، وفي محافظة إدلب السورية، يُعدّ هذا النهر مصدرًا رئيسيًا للري ومصدر رزق للصيادين، هذا العام، ملأت الأسماك النافقة مجرى النهر الجاف، وللمرة الأولى، انقطعت المياه، ولم يعد بمقدور العديد من المزارعين تحمل تكاليف حفر الآبار للري، كما أن الجفاف لم يُدمر محاصيل الخضراوات الصيفية فحسب، بل دمّر أيضًا أشجار بساتين عمرها عقود.
صدمات مناخية وطقس أكثر جفافًا
يتفق معظم الخبراء على أن سوريا والمنطقة بأسرها تتجه نحو صدمات مناخية أشد وطأة، وهي غير مستعدة لها.
يُفاقم تغير المناخ من جفاف بعض المناطق وجفاف أخرى، ويُعدّ الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط من بين المناطق التي تُعاني من الجفاف، وتشهد سوريا، على وجه الخصوص، انخفاضًا في هطول الأمطار على مدى الأربعين عامًا الماضية، في حين تستهلك المياه بمعدلات غير مستدامة.
ووفقًا ليورونيوز، قال كومو إنه لا توجد مياه كافية من الأمطار أو ذوبان الثلوج في الجبال لإعادة تغذية المياه الجوفية، وأضاف: "مع تزايد احتياجات الري، تنخفض مستويات المياه الجوفية باستمرار، ما يُصعّب الوصول إليها ويتطلب المزيد من الطاقة لضخ المياه" "في مرحلة ما، قد تنفد المياه الجوفية".
حتى مع محدودية الموارد، يمكن لسوريا اتخاذ خطوات للتخفيف من آثار تغير المناخ، مثل زيادة حصاد مياه الأمطار، والتحول إلى محاصيل أكثر مقاومة للجفاف، والسعي إلى إنشاء أنظمة ري أكثر كفاءة، حتى وإن كانت بسيطة.
ولكن على المدى الطويل، قال كومو إنه إذا استمرت آثار تغير المناخ كما هو متوقع حاليًا، فإن مساحة الأراضي الزراعية التي ستكون صالحة للزراعة في العقود القادمة ستبقى سؤالًا مفتوحًا.