الوقت- يبدو أن الحديث عن انتشار الداعشية العسكرية بعد الفكرية في جنوب شرق آسيا بات أمرا محسوما وجديا، فالأخبار التي تتحدث عن سيطرة مجموعة إرهابية مبايعة لداعش على مدينة جنوب الفلبين تؤكد هذا الأمر كما تؤكد الخطر الكبير الذي يتهدد مناطق كثيرة أخرى في تلك المنطقة الحيوية من العالم.
بدأ الأمر بعد إعلان جماعة "ماوتي" المتطرفة مؤخرا مبايعة تنظيم داعش الإرهابي، ومع مبايعة التنظيم بدأت بتنفيذ خطوات عدوانية على الأرض من قبيل الخطف والقتل، هذا الأمر دفع القوات الأمنية الفلبينية الأسبوع الماضي لمداهمة مخبأ للجماعة في مدينة "مراوي" التي تقع على بعد 800 كيلومتر جنوب العاصمة مانيلا.
مدينة مراوي ذات الغالبية المسلمة يقطنها حوالي 200 ألف نسمة من أصل 78 مليون كل سكان الفلبين الذين يشكل المسلمون 10 بالمئة منهم.
وبالعودة إلى ما حصل، بعد المداهمة التي قامت بها القوات الأمنية الفلبينية، حشدت الجماعة الإرهابية عناصرها وبدأت الثلاثاء الماضي هجوم دمرت خلاله وأحرقت أبنية ومؤسسات حكومية وبعض الجسور والمستشفيات إضافة إلى التعرض لكنائس وجامعة وسجنين يُقال أن بهم أعضاء من المجموعة الإرهابية.
وفي رد سريع على هذا الأمر أعلنت الحكومة الفلبينية المدينة حكومة عسكرية لمواجهة ما يحصل كما أرسلت قوات خاصة من الجيش لمواجهة هذا التمرد في الجنوب. كما عززت قواتها هناك بمجموعة مؤلفة من 100 عسكري من القوات الخاصة التي تدربت على أيدي الجيش الأمريكي.
هذا وتشير الأخبار الواردة من هناك أن مواجهات عنيفة جرت وتجري بين أفراد جماعة ماوتي والقوات المسلحة الفلبينية منذ بداية الأحداث، وقد راح نتيجة المواجهات أكثر من 21 قتيلا بينهم مدنيين.
الرئيس الفلبيني "رودريغو دوتيرتي" بدوره والذي كان ضمن زيارة رسمية إلى روسيا هي الأولى منذ انتخابه، فقد أنهى زيارته على عجل وتوجه إلى الفلبين حيث أعلن عن حكومة عسكرية على كافة أنحاء جزيرة "مينداناو" التي تضم مدينة مراوي وهي الجزيرة الثانية من حيث المساحة في الفلبين.
إعلان الحكومة العسكرية يسمح للحكومة بالاستفادة من الجيش في مواجهة الإرهاب، كما يسمح للقوى الأمنية باعتقال أي مشتبه به دون وجود أي أدلة أو تهم واضحة.
بدوره أعلن المتحدث باسم لواء المشاة الأول في الجيش الفلبيني أن الجيش لا يزال يواجه حدود 30 إلى 40 شخصا من أعضاء المجموعة الإرهابية، فهم فقط من تبقى داخل المدينة ويسعى الجيش لتطهيرها بشكل كامل. كما أن الجيش يستخدم المروحيات والطائرات الحربية المقاتلة التي يمتلكها في عملية دك مواقع الإرهابيين داخل المدينة.
في المقابل أعلن تنظيم داعش الإرهابي في بيان له مسؤوليته عما أقدمت عليه مجموعة ماوتي المسلحة في جنوب الفلبين. في تطور وتأكيد على سياسة التنظيم التوسعية في مناطق جنوب شرق آسيا. ففي وقت يستقر التنظيم في سوريا والعراق ويتخذ من مدينة الرقة السورية مركزا له، تمكن من خلال أذرعه المنتشرة في أكثر من مكان من السيطرة على مناطق في صحراء سيناء في مصر، ليبيا، مناطق في وسط أفريقيا، إضافة إلى مناطق في الصومال واليمن.
الأمر المهم الذي يُلاحظ هو التزامن بين الهجوم والزيارة التي كان يقوم بها الرئيس دوتيرتي إلى موسكو، حيث يتساءل البعض حول التوقيت الذي انتخبته جماعة ماوتي ومن خلفها داعش، وكأن هناك رسالة ما للرئيس دوتيرتي ذو التوجه المعادي لهم ولأمريكا، رسالة أريد منها إفشال زيارة دوتيرتي ووضعه أمام أمر واقع من نوع آخر.
يُذكر أن الجيش الفلبيني يعاني من ضعف في التسليح حتى على مستوى الرشاشات والبنادق الفردية ويعود السبب إلى ممانعة الأمريكيين من تزويد الجيش الفلبيني بالأسلحة رغم معاهدة الدفاع المشتركة التي تربط البلدين.
هذا الأمر كان قد صرح به الرئيس الفلبيني دوتيرتي المعروف بعدائه للأمريكيين، حيث اعتبرهم أغبياء وقردة لا يوفون بعهودهم مع حلفائهم، كما أنه تعهد منذ بداية حكمه الذي لم یتخطى العام بتحسين العلاقات الثنائية مع كل من الصين وروسيا وخلال سفره الأخير إلى موسكو طلب شراء أسلحة في خطوة تؤكد توجهه لتقوية الجيش من خلال مصادر تسليح غير أمريكية.