الوقت- يوماً بعد يوم تتضح الرؤية اكثر بشأن موقف امريكا من الارهاب، فدعم واشنطن للتنظيمات الارهابية لم يقتصر على الاسلحة وحسب، وانما امتد ليطال قرارات امريكية ضد الدول المحاربة للارهاب الداعمة لمكافحته، وذلك عن طريق فرض العقوبات على مواطنيها. فالكونغرس الامريكي اعد مشروع قرار يلزم الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات على دول حليفة لسوريا، وأطلق على المشروع اسم "سيزر"، وفي حال وقع عليه ترامب سيدخل حيز التنفيذ خلال 30 يوماً.
وبحسب وكالة الأنباء الروسية "تاس" فقد جرى التصويت على مشروع القرار بطريقة شفوية دون احصاء الأصوات إلكترونياً، ووفق نص المشروع يتوجب على الرئيس الامريكي ادراج عدد من مواطنين الدول الحليفة لسوريا، اللذين يقدمون دعماً مادياً او تقنياً لدمشق، على لائحة العقوبات، والتي تشمل حظر تأشيرات الدخول الى امريكا ومنعهم من الارتباط بعلاقات عمل مع المواطنين الأمريكيين، اضافة الى الحجز على ممتلكاتهم او ارصدتهم في امريكا بعد تتبعها والعثور عليها.
مشروع القرار الامريكي اثار موجة غضب في البرلمان الروسي، حيث شدد رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور اوزيروف، خلال تصريحات للصحفيين، على أن القانون الامريكي يدعم الإرهابيين في سوريا ولا يدعم الحكومة السورية الشرعية في معركتها ضد الارهاب، مؤكداً ان تنفيذ القرار سوف يؤدي إلى عرقلة الجهود العسكرية والسياسية لحل الازمة في سوريا.
بدوره اعلن رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف ان فرض امريكا عقوبات جديدة ضد روسيا وايران جراء موقفهما الداعم للدولة السورية يزيد من فداحة اخطاء واشنطن السابقة تجاه الأزمة في سوريا، كونها تواصل حربها ضد الحكومة السورية الشرعية بدلاً من تكريس جهودها في محاربة الارهاب ومكافحته.
وفي السياق نفسه أكد عضو لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي ألكسي بوشكوف، خلال تغريدة على موقع التواص الاجتماعي "تويتر"، أن تصويت أعضاء مجلس النواب الأمريكي لفرض عقوبات ضد سوريا وحلفائها، يعتبر خطوة في مسار تقويض التعاون بين روسيا وامريكا في الحرب ضد "تنظيم داعش الارهابي".
الرئيس الامريكي دونالد ترامب اعلن منذ توليه كرسي الرئاسة ان محاربة "تنظيم داعش الارهابي" يعتلي قائمة اولوياته، معرباً عن موافقته على بقاء الرئيس السوري بشار الاسد في الرئاسة، كما دعا ايضا الى الشراكة مع روسيا في مكافحة الإرهاب، لكن اعداد الكونغرس الامريكي لمشروع قرار يقضي بفرض عقوبات على حلفاء سوريا، وهو ما يتناقض مع تصريحات ترامب، فان كل هذه المعطيات تدل على امرين اثنين:
1- وجود انقسامات واسعة في الصفوف الامريكية حول مصير الاسد ومكافحة الارهاب في المنطقة.
2- عدم جدية واشنطن في مكافحة الارهاب وسعيها الدؤوب لدعمه في ظل قرارات مدروسة تهدف الى ارضاء الرأي العام الدولي.
وبناء على ما ذكرناه سابقاً فان صمود الدولة السورية وجيشها طوال سبع سنوات متوالية، والانتصارات المتلاحقة التي حققها الجيش السوري في عدة مناطق على اتساع الخارطة السورية، لم يرق لامريكا، ما دفع واشنطن الى تكريس مساعيها في الوقت الراهن على تجفيف منابع مكافحة الارهاب في المنطقة، والتي تمخض عنها مشروع العقوبات الجديد ضد حلفاء سوريا، الامر الذي ينذر بارتفاع وتيرة التصعيد والانتهاكات والمجازر من قبل التنظيمات الارهابية في المنطقة، وهو ما تفضله واشنطن على ان تكريس جهودها في مكافحة الارهاب والقضاء عليه، حيث بات ظاهراً للعلن ان امريكا ليست جدية في حربها ضد الارهاب، وانما تسعى دائما الى البحث عن قرارات تحت غطاء دولي تساهم في دعم الارهاب بالمنطقة، فلا يمكن انكار ان صمود الجيش السوري في وجه الارهاب لم يكن ليحصل لولا وقوف حلفاء دمشق الى جانب سوريا في حربها ضد التنظيمات الارهابية، فماذا سوف يحصل في حال انحسر الدعم عن الجيش السوري؟
مشروع قرار الكونغرس الامريكي سوف يضع الازمة في سوريا على مفترق طريق جديد. فالعقوبات التي ستنصب على كاهل الدول الداعمة للدولة السورية قد تسبب ضعفاً في دعم وتسليح الجيش السوري، الامر الذي قد يؤدي لاحقاً الى انحسار الجيش على حساب "داعش"، ما يعني ارتفاع وتيرة المجازر والانتهاكات الانسانية بحق السوريين، فهل سوف يوافق ترامب على مشروع الكونغرس ويوقعه دون ان ياخذ بعين الاعتبار مخاطر المشروع ودوره في تنامي الارهاب بالمنطقة؟ وكيف سوف يتعامل مع "داعش" في حال سيطرة على مواقع استراتيجية او اسلحة نموذجية؟.