الوقت- في منطقة ملتهبة تتآكلها الحروب والإرهاب من كل جهة، تبقى إيران جزيرة آمنة ينعم شعبها بالطمأنينة والاستقرار، وسط هذا المحيط الملتهب حضر اليوم الشعب الإيراني للتعبير عن رأيه في الانتخابات الرئاسية الإثني عشر بتاريخ الجمهورية الاسلامية
ليس فقط الإرهاب والحروب هو ما يتآكل البلاد المحيطة بإيران بل إن فساد الأنظمة المنقرضة أيضا بدورها تفتك في أبدان شعوب دول الشرق الأوسط. وحدها إيران تمكنت اليوم من تقديم استعراض منقطع النظير في الديمقراطية والتحام الشعب حول نظامه الإسلامي.
أما الظريف والمضحك هنا أن إيران هي المتهمة من قبل الغرب بالدكتاتورية وقمع الشعب، في وقت أن الدول الحليفة لأمريكا وبريطانيا وخاصة دول الخليج الفارسي لا تعطي الحق للنساء بالقيادة، فكيف بهم بإعطاء الحق باختيار ممثليهم لتبوأ السلطة، وكيف لهم ذلك وأنظمتهم الحاكمة قد انقرضت منذ قرون.
العالم اليوم يشهد ملحمة تاريخية اسمها الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ملحمة تُثبت وتُعلم الغرب قبل دولنا حقيقة احترام الشعوب ورأيهم، وكيف أن الشعب هو الذي يقرر وينتصر لنظامه من خلال المشاركة الملحمية في الانتخابات. ولو أن الأمر غير ذلك لكان مصير هذا النظام كمصير غيره من دول المنطقة، منها ما سقط ومنها ما ينتظر شعبه الفرصة للانقلاب عليه.
لقد أثبت الشعب الإيراني اليوم ومن خلال حضوره الصاعق أنه هو من يضمن الأمن والاستقرار في البلاد، وكما صرح مرشد الثورة الإسلامية: "الخوف من حضور الشعب في الميدان هو السبب الرئيسي وراء تحاشي الأعداء الوقحين الإقدام على أي خطوة صعبة في مواجهة إيران، لأن الأعداء يدركون بشكل واقعي حقيقة ومعنى حضور الشعب في الميدان".
فالحضور والمشاركة في الانتخابات هو تقرير للمصير، وهو الميزة التي لا تمتلكها شعوب دول المنطقة، وهذا الذي أدى ويؤدي إلى إضعاف هذه الأنظمة يوما بعد آخر.
هنا من الجيد العودة إلى السنوات الماضية وكيف أن الحضور القوي للشعب الإيراني في ميدان الانتخابات أدى إلى زيادة قدرة النظام الإسلامي في إيران وأفشل مخططات الأعداء.
هذا النظام تمكن ومن خلال الدفعة التي قدمها الشعب له في الانتخابات المختلفة من الوقوف بقوة وصرامة مع خط المقاومة في المنطقة بتأييد شعبي داخلي، وهو ما أدى إلى الانتصارات التي شهدتها جبهات محور المقاومة إن في حلب أو غيرها من الجبهات في وجه المجموعات المسلحة التي يدعمها ويوجهها الغرب المدعي للديمقراطية.
نعم حضور الناس في الميدان مكّن النظام الإيراني من الوقوف بقوة إلى جانب محور المقاومة، وأمّن الشرعية اللازمة لتطلعات هذا النظام، الذي تمكن بمساعدة روسيا من إفشال مخطط إسقاط النظام السوري، وهو اليوم لا يزال يقف حجر عثرة في وجه المخططات الغربية التي قطعت الأمل من إسقاط ذلك النظام المقاوم.
في العراق أيضا تمكن الشعب العراقي وقواته المسلحة بمساعدة إيران من مواجهة التقدم الداعشي الذي اقترب من بغداد حدا مرعبا، ليصل اليوم إلى مرحلة تطهير كامل الأراضي العراقية من شر تنظيم داعش الإرهابي. هذا الخيار الذي اتخذه النظام الإيراني في حينها وافق عليه الشعب الإيراني من خلال حضوره الملحمي المنقطع النظير اليوم أمام صناديق الاقتراع في جواب واضح يقول نحن نقف مع نظامنا وقائدنا.
وهنا لا بد من استكمال الحديث عن محور المقاومة، فالحرب الكونية التي تدور على أرض سوريا، كانت مخططا لها أن تستمر لإسقاط بغداد بعد دمشق وصولا إلى طهران آخر معقل لنظام شعبي بحق في الشرق الأوسط.
ومن أجل بلوغ هدفهم المشؤوم، لم توفر الدول العربية والغربية أي مسعى وأي وسيلة في هذا السبيل، بل أنهم توسلوا بأبشع الحركات والتنظيمات الإرهابية، والدول الغربية بدورها زادت دعمها وتأييدها لدول وأنظمة هي من أفسد الأنظمة وأشدها قمعا لشعوبها على مدى التاريخ.
لم تعد المشكلة أن الدول الغربية تقوم بدعم الحركات الإرهابية، فهذا أمر ليس بجديد، بل باتت المشكلة اليوم أن الغرب لم يعد يستحي من إعلان تحالفه الوقح مع التيارات الوهابية والتكفيرية بل ويتباهى بذلك. وهذا ما تؤكده الزيارة المرتقبة لدونالد ترامب في أول زيارة خارجية له إلى الدولة التي ابتكرت الوهابية وكانت الملجأ ولا زالت للحركات المتطرفة إلى اليوم.
اليوم لم يعبأ الشعب الإيراني بما بُث من شعارات وتهويلات كاذبة من قبل الأعداء، فوجه من خلال حضوره الغير مسبوق إلى الغرب وكل العالم صفعة محكمة يؤكد لهم فيها تمسكه بعزته واستقلاله وأمنه واقتداره. ومؤكدا لهم تمسكه بنظامه الإسلامي في وجه جميع أشكال الاستعمار والتخلف غربيا كان أو عربيا.