الوقت- وصل صباح أمس الثلاثاء إلى مطار القاهرة، السيد عمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني العراقي على رأس وفد في زيارة رسمية إلى مصر تستغرق ثلاثة أيام، تتبعها جولة أخرى إلى كل من الجزائر وتونس.
ومن المقرر أن يلتقي الحكيم بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما سيلتقي الوفد العراقي كبار المسؤولين المصريين والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وشيخ الأزهر أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس الثاني.
وتأتي هذه الزيارة لبحث التحديات المشتركة التي تواجه دول المنطقة، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وهذه الدول، خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، كما سيقوم الحكيم بإطلاع القادة العرب على مجريات العملية السياسية في العراق، وتعتبر هذه الزيارة تتمة لجولته السابقة وزيارته لكل من الأردن وإيران.
الحرب على الإرهاب
انتشر الإرهاب والعنف في المنطقة كالنار في الهشيم، وفي كل يوم وإن بالغنا بالقول كانت تخرج علينا أسماء جديدة لمجموعات إرهابية جديدة، كان أخطرها وأكثرها دمويةً تنظيم" داعش" الإرهابي، التظيم الذي تعمل مصر على محاربته بكل الوسائل المتاحة وإحباط مشاريعه ومخططاته كما فعلت في الأمس حيث أحبطت 12 عملية إرهابية لاستهداف الكنائس وشخصيات عامة.
ولأنه لا يمكن لأي دولة مهما بلغ شأنها ومكانتها أن تحارب الإرهاب وتواجه هذه التحديات بمفردها، كان لابد من البحث عن ألية للعمل المشترك ووضع خطط ضمن جدول زمني محدد يتم الاتفاق عليه لمواجهة خطر الإرهاب الذي أصبح يهدد المنطقة بأكملها.
ومن هنا تكتسب زيارة السيد الحكيم أهمية كبيرة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة من كل حدب وصوب، وفي مايلي سنستعرض أسباب الزيارة وأهدافها ودلالاتها:
يمكننا القول أن الزيارة ستتمحور حول أربعة مواضيع حساسة بالغة التأثير على الداخل المصري خصوصا وعلى المنطقة عموما.
أولا: الوضع الاقتصادي؛ مما لاشك فيه بأن مصر تواجه في الوقت الراهن تحديات اقتصادية كبيرة وتمر بظروف أقل ما يمكن القول عنها صعبة جداً، ابتداء بغلاء الأسعار مرورا بضعف الانتاج وقلة الموارد الاقتصادية وصولا لهبوط الجنيه المصري، لذلك سيقوم وفد التحالف الوطني بدعم ومساندة الحكومة المصرية من خلال دعوة الشركات المصرية للاستثمار في العراق وزيادة الواردات المصرية والتعاون في مجال الطاقة خاصة بعد التوتر في العلاقات بين مصر والسعودية، وضخ المزيد من النفط إلى مصر.
ثانيا: الوضع العسكري؛ نحن نعلم بأن كل من العراق ومصر يواجهان في الوقت الحالي أخطر تنظيم إرهابي والمتمثل بـ"داعش"، لذلك كان لابد من هذه الزيارة لبحث آليات التصدي لهذا الفيروس الخطير الذي يفتك بالبلاد ونقل تجربة العراق الناجحة في محاربة "داعش" الذي بدأ يتلاشى من آخر معاقله هناك.
ومن ناحية أخرى ليس خافيا على أحد بأن "داعش" يستهدف مصر بين الفينة والأخرى، وكان آخرها استهداف الكنائس في مدينتي طنطا والاسكندرية، كما أن التنظيم ينشط في شبه جزيرة سيناء بشكل ملحوظ، وتواجه مصر خطر الإرهابيين العائدين من سوريا والعراق، بالإضافة إلى أن مصر تحتوي الألاف من السلفیین المتعاطفين مع داعش بشكل أو بأخر، وبناء على ذلك نجد أن مصر تواجه مخاطر كبيرة في هذا الموضوع، ومن هنا تأتي أهمية التعاون بين مصر والعراق، حيث يملك الأخير قاعدة بيانات ومعلومات عسكرية وأمنية كثيرة يمكن أن تستفيد منها القاهرة بشكل كبير.
ثالثا: الموضوع الديني؛ مما لاشك فيه بأن المرجعيات الدينية تملك أثرأ كبيرا في قلوب المسلمين، حيث ساهمت هذه المرجعيات في القضاء على الإرهاب ومحاربة التنظيمات الإرهابية عن طريق اتخاذ مواقف حاسمة في هذا الصدد وتوجيه الناس وحثهم على حماية أوطانهم من هذا الخطر المحدق بهم، وهذا ما ظهر جليا في مواقف المرجعية الدينية في النجف الأشرف.
أما بالنسبة لمصر، فالأزهر يعد مرجعية دينية كبيرة، وله تأثير كبير على المسلمين السنة، وبالتالي ستكون مواقفه فعالة جدا وذات تأثير كبير على الداخل المصري من خلال دعم المؤسسات العسكرية والأمنية والدعوة لإلتفاف المواطنين حولها وتقديم المعلومات لها للحفاظ على الأمن والاستقرار، ومن المرجح جدا أن يناقش السيد عمار الحكيم والوفد المرافق له هذا الموضوع مع إمام الأزهر، الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس الثاني.
رابعا: الموضوع السياسي؛ الجميع يعلم المكانة والدور الكبير لمصر في المنطقة فهي تملك ثقلا كبيرا، وبالتالي فإن مواقفها تؤثر وترخي ظلالها على جميع الدول المحيطة بها، وفي الوقت الحالي نشهد تقارب وتعاضد ملحوظ في مواقف عدة دول تجاه أزمات وقضايا المنطقة لاسيما محاربة الإرهاب، نذكر منها مصر والعراق ومصر والجزائر وتونس، هذه الدول بدأت تشكل موقفا سياسيا موحدا مع محور المقاومة، لاسيما فيما يخص موضوع محاربة الإرهاب، في مقابل هذا التحالف الجديد نجد توتر كبير في العلاقات بين السعودية ومصر، حيث بدأت الأخيرة تنافس السعودية التي بدء تأثيرها ودورها يخفت ويتلاشى في المنطقة.
ومن هنا تكتسب زيارة الحكيم أهميتها والتي تعبر ضمنا عن دعم وتأييد الحكومة المصرية في محاربة الإرهاب، بالإضافة لبحث مشروع التسوية الوطنية في العراق بعد "داعش"، وتفعيل الدور العربي حول هذا المشروع المهم.