الوقت- في وقت كانت الحكومة البريطانية من أول الأطراف الدولية التي أيدت الحملة الأمريكية على سوريا على خلفية الإتهامات باستخدام أسلحة كيميائية، وما أكده وزير خارجيتها بوريس جونسون أن بمقدور أمريكا استهداف الأراضي السورية مجددا إذا أرادت، جاءت تصريحات سفير بريطانيا السابق في سوريا بيتر فورد التي يقول فيها أن بشار الأسد ليس مجنونا ليقوم باستخدام السلاح الكيميائي في سوريا.
ففي مقابلة للسفير بيتر فورد مع مجلة “Meaddle East Eye” وهو الذي شغل منصب سفير بريطانيا في دمشق بين أعوام 2003 و2006، والذي عرف الرئيس السوري عن قرب طيلة ثلاث سنوات، يقول فورد أن الرئيس بشار الأسد ليس مجنونا ليقوم بهكذا عمل في وقت الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب قد اتخذ مواقف أكثر ليونة اتجاه سوريا مقارنة لسلفه أوباما وفتح الباب أمام التفاهم مجددا مع النظام السوري. وبشار الأسد يعلم أن استخدام السلاح الكيميائي سيكون مخربا لهذا التوجه الأمريكي، وفق تعبيره.
ويضيف فورد لقد التقيت بالأسد مرارا في دمشق، هو طبيب عيون وليس شخصا يمشي بمسير دون أن يمعن النظر فيه. ولديه ذهنية تحليلية وحسابية ويعلم جيدا أن أي فعل ستقابله ردة فعل.
أما عن الادعاءات عن قيام النظام السوري باستهداف معارضيه بأسلحة كيميائية يقول فورد أنه من الممكن أن تكون المقاتلات السورية قد استهدفت عن طريق الخطأ أحد مصانع الأسلحة الكيميائية في المناطق التي تسيطر عليها أطراف معارضة، ولكن هذا الأمر لا يجب أن يجر إلى حرب، ومن الأفضل التحقيق والتفحص قبل اتخاذ أي قرار متسرع.
وفي خطاب آخر لفورد الأربعاء الماضي خلال مؤتمر تحت عنوان "سوريا: من التدمير إلى إعادة البناء" أشار فورد إلى أن بريطانيا كانت ولا زالت في مقدمة الدول المدمرة لسوريا. والحكومة لا تقدم أي معلومات عن حجم الدعم وطبيعته الذي تقدمه للمجموعات المسلحة. ويضيف تعتقد الحكومة أننا حمقى لأنه لا يوجد تيار مخالف لها داخل البرلمان كما أن الإعلام قد خُدع إلى حد كبير.
وأضاف فورد مخاطبا الحضور إن العقوبات التي فرضتها الحكومة البريطانية على سوريا لها تأثيرها الشديد على الشعب السوري، وجعلت الكثير منهم يتحولوا إلى منكوبين وطالبي لجوء. مطالبا بإنهاء هذه العقوبات، ومعتبرا سياسة حكومته متناقضة ومضحكة، وهي تسعى لإنهاء نظام الأسد وبث التفرقة والعداوة في سوريا.
ختم فورد خطابه بدعوة حكومته وبشكل واضح أن تنهي سعيها في تخريب سوريا مما يزيد الأوضاع وخامة هناك، وأن توقف الدعم للمجموعات المسلحة وتيأس من الوهم بأن هذه المجموعات قادرة على تغيير النظام هناك. فالأحمق يعلم أن هذا الأمر مستحيل خاصة بعد ما حصل في مدينة حلب مؤخرا.
يذكر أن فورد واحد من قدماء الدبلوماسيين البريطانيين الذين انتقدوا سياسة حكومتهم اتجاه دمشق، وحذروا من قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بهدف تغيير النظام. يؤكد فورد لمجلة “MeaddleEast Eye” أنه نادم لأنه لم ينتقد حكومته بشكل أقوى عام 2003 بسبب غزو العراق. في ذلك الوقت كان سفيرا لبلاده في البحرين وقد أرسل رسالتين انتقاديتين لوزارة الخارجية في لندن. يضيف فورد بأنه وصل إلى نتيجة تقول بأنه كان يجب أن تكون رسائله انتقادية وحادة أكثر مع أصحاب القرار في لندن.
كما أن فورد عُرف بانتقاده لسياسة بلاده أثناء فترة عمله في دمشق، ويؤكد اليوم أنه كان يرى أن حكومته لا تدرك حقيقة الواقع العراقي والسوري. وعن فترة عمله في دمشق التي تزامنت مع احتلال العراق يؤكد فورد أن الحكومة السورية كانت تعلم أنها من المرشحين الأساسيين لتكون هدف الأمريكيين بعد العراق وهذا ما كان الأمريكان يصرحون به بشكل أو بآخر ولذلك يقول بأنه كان يدرك السبب وراء دعم الحكومة السورية في ذلك الوقت للمجموعات التي تقاتل في العراق بهدف إنهاك الأمريكيين وإبقائهم في العراق.