الوقت- يبدو أن الكيان الإسرائيلي ينوي رفع مستوى التوتر تجاه لبنان تعزيزا لفرص الحرب المحتملة التي يتنبأ بها بعض المحللين والمراقبين في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة. حيث يجد الإسرائيلي الظروف مناسبة للضغط في ملفات الاشتباك مع لبنان بسبب الظروف اللبنانية السياسية الداخلية من جهة والحروب المنتشرة في المنطقة التي تشغل الرأيين العام العالمي والعربي إضافة إلى التقارب العربي الإسرائيلي الذي بدأ يظهر علنا على هوامش المناسبات الدولية.
وفي جديد التوتير الإسرائيلي ما يعتزم الكيان القيام به من فرض لسيطرته على مناطق بحرية متنازع عليها تقع قبالة الحدود المشتركة مع لبنان. فحسب صحيفة "يديعوت احرونوت" فإن وزيري الطاقة والبيئة سيطرحان على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية والكنيست اقتراحا للمصادقة على ترسيم الحدود البحرية – الاقتصادية لتشمل منطقة بلوكات لبنانية ثلاثة متنازع عليها. ويأتي المشروع بعد الاتفاق بين الوزارتين المذكورتين على أن تتنازل وزارة حماية البيئة لوزارة الطاقة على صلاحيات المراقبة في هذه المنطقة، مما يؤكد الأطماع الاقتصادية وراء هذا القرار.
والخلاف على تلك المنطقة قديم بين لبنان والكيان، وتبلغ مساحتها ما يزيد عن 865 كلم مربع. والطمع الإسرائيلي يعود إلى النفط والغاز الموجود في تلك المنطقة. ولكن الأمر لا يقف عند الطمع الاقتصادي خاصة في هذه الفترة التي على فيها التوتر بين الجانبين وتصاعدت مواقف التنديد بموقف رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الذي يرفض نزع سلاح المقاومة.
ففي نفس السياق وجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غدي ايزنكوت، تهديدات للمؤسسات الحكومية اللبنانية معتبرا أنها أهداف إسرائيلية خلال أي حرب قد تنشب في المستقبل. وأتى هذا التهديد خلال مراسم استبدال قائد الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي. وتذرع ايزنكوت بتصريحات أطلقها الرئيس اللبناني مؤخرا، حول رفضه نزع سلاح حزب الله وأن الحزب جزأ من منظومة الدفاع عن لبنان.
وهذا التطور يؤكد الأطماع الإسرائيلية المتجددة بحريا وبريا. وهذا يستوجب استنفارا لبنانيا للتصدي لهذه العدوانية الجديدة. عدوانية علنية في ظل انشغال العرب بخريفهم المفتوح الجبهات، والمشاكل الداخلية اللبنانية.
أما لبنانيا فقد أكد النائب محمد قباني "إن موقف لبنان واضح وقد وقع اتفاقية مع قبرص تقضي بأن لا يقوم أي طرف بتوقيع اتفاق مع دولة ثالثة إلا بعد مراجعة الطرف الأول. ولكن قبرص أخلت بالاتفاق حيث وقعت اتفاقا مع الكيان الإسرائيلي دون الرجوع إلى لبنان" مضيفا أن لبنان أبلغ الأمم المتحدة بحدود لبنان البحرية التي يتمسك بها، والتي بدأ بخطة تلزيمها لاستخراج الموارد الطبيعية الموجودة فيها.
وكذلك وزير الطاقة اللبناني سيزار أبي خليل الذي أعلن بصرامة أن لبنان لن يتخلى عن إنش من المساحة المتنازع عليها معتبرا أنها ضمن الحدود البحرية اللبنانية التي للبنان الحق باستخراج نفطها وغازها. من المؤكد أن أبي خليل يضرب اليوم بسيف المقاومة والجيش اللبناني. الذين أكدا مرار وتكرارا أن أي تجرأ إسرائيلي على سرقة الموارد اللبنانية سيقابل برد قاس وللمقاومة القدرة على ضرب منصات الاستخراج التي قد تنصبها إسرائيل.
إسرائيل ورغم التهويل والتهديد بشن حرب على سوريا ولبنان، إلا أن الرأي الأرجح اليوم هي أن الأخيرة تريد الاستفادة من الفرص المؤاتية للضغط واستعادة زمام المبادرة في الصراع مع المقاومة. حيث أنها تمكنت بعد وصول ترامب إلى سدة الحكم من توطيد علاقاتها مجددا مع الإدارة الأمريكية، إلا أن هذه الإدارة من الأكيد أنها ليست جاهزة لتحقيق حلم "إسرائيل" بضرب ايران، لذلك تكتفي الأخيرة بتهديد محور المقاومة والداخل اللبناني لتحصيل ما أمكن من أرباح كانت قد خسرتها. فالمنطقة البحرية المذكورة كانت قد تخلت عنها "إسرائيل" لسحب الذرائع من حزب الله باستهدافها.
ختاما وكما أشرنا من الواضح أن الكيان الإسرائيلي ينوي التصعيد في قراراته بل ويريد الخوض بمواجهة مباشرة مع الجانب اللبناني، في عملية جس للرد اللبناني الداخلي، وفرض أمر واقع دولي وهذا الأمر يجب أن يقابل برد لبناني واحد وحازم، ووضع خطة تجهض هذا المشروع الذي إن مر سيكون فاتحة لسرقة الموارد اللبنانية الأخرى الموجودة في الأعماق اللبنانية.