الوقت- أعلن الجيش الإسرائيلي عن نيّته تشغيل مقلاع داوود في الأسبوعين المقبلين، ليُصبح نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المتعدد المستويات قيد التشغيل الكامل في أوائل شهر أبريل/ نيسان المقبل.
ويأتي الإعلان الإسرائيلي بعد أيّام وجيزة على صواريخ أطلقتها المضادات الأرضيّة السوريّة ضد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، التي استهدفت موقعاً للجيش السوري في ريف حمص الشرقي، والتصدّي الإسرائيلي عبر صاروخ حيتس -2 بعيد المدى، الأمر الذي أثار ضجّة غير مسبوقة في الداخل الإسرائيلي يمكن قرائها على الصفحات الأولى للصحف العبرية، ومن ضمنها صحيفة معاريف، التي خصّصت أكثر من نصف صفحتها الأولى لحادثة إطلاق صاروخ "حيتس" المضاد للصواريخ البالستية يوم الجمعة الماضي.
منظومة مقلاع داوود
تعدّ منظومة مقلاع داوود، التي تتولى شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتطورة الإسرائيلية، بالاشتراك مع شركة "رايثيون"، إحدى أكبر شركات السلاح الأمريكية تصنيعها، تعدّ إحدى منظومات الدفاع الجوي الجديدة في الكيان الإسرائيلي. وقد صممت لاعتراض الصواريخ التي تطلق من مسافة 100 إلى 200 كيلومتر، لتكون القطعة الأخيرة في الدرع الصاروخي متعدّد الطبقات الذي يضم بالفعل منظومة القبة الحديدية القصيرة المدى، وصواريخ أرو-2 (أو حيتس وتعني السهم) وأرو-3 البعيدة المدى.
ضابط بارز في القوات الجوية الإسرائيلية، لم يكشف عن اسمه قال: "سنعلن عن تشغيل مقلاع داوود، وفي الوقت نفسه سنكون قد استكملنا المستويات المتعددة للقدرات الدفاعية". وأضاف قائلًا: "أنا واثق أن القبة الحديدية وأرو-2 وأرو-3 ستعزز قدراتنا في التعامل مع التهديدات".
الأسباب والأهداف
هناك أسباب وأهداف عدّة تقف خلف الإعلان الإسرائيلي الأخير، وكذلك زيادة وتعزيز أنظمة الدفاع الجوّي في الكيان الإسرائيلي، نذكر بعضاً منها:
أوّلاً: إن الهدف الرئيسي من " مقلاع داوود" هو سدّ الفجوة القائمة في الدرع الصاروخيّة الموسومة بالقبّة الحديديّة، باعتبار أن أرو-2 وأرو-3 تستهدف الصواريخ بعيد المدى في حين تتعامل منظومة "مقلاع داوود" مع الصواريخ قصيرة المدى والتي تطلق من مسافة 100 إلى 200 كيلومتر. إلا أن فشل هذه المنظومة بعيدة المدى قبل أيام بعد إطلاق المضادات السوريّة عبر اعتراض الصاروخ، لأنه جرى تشخيصه على أنه من نوع أرض ــ أرض، وصواريخ أرض-جو تنفجر في الهواء قبل وصولها إلى الأرض، يقلّل من حجم الاطمئنان الإعلامي للقيادات العسكرية الإسرائيلي الذي كان موضع شكّ للإعلام الإسرائيلي نفسه، قبل أي طرف آخر. على سبيل المثال لا الحصر، أوضحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية" في وقت سابق أن" القبة الحدیدیة "الإسرائیلیة" أمام صواریخ حزب الله ضعیفة جداً ولا تستطيع صدها ولیس کما یجب أن تکون فعالة".
ثانياً: ورغم أن أنظمة الدفاع الجوّي هذه تعدّ الأحدث من الناحية التقنية في العالم، إلا أن الجهات الإسرائيلي المختصّة في القوات الجويّة غير مطمئنّة فعلياً لها. فتجارب الدرع الصاروخيّة من تموز2006 إلى غزّة ،2009 2012، 2014 غير مطمئنة. فالأداء العسكري حينها خيّب التوقّعات المطلوبة وشكّل هاجساً حقيقياً بالنسبة للقيادتين السياسية والعسكرية. هاجس تحاول السلطات الإسرائيلية رفعه اليوم عبر "مقلاع داوود" الذي لم يتعرّض لاختبار حقيقي حتى الساعة، فالتجارب السابقة أثبتت أنّ حساب حقل التجارب لم يكن كحساب بيدر الحروب.
ثالثاً: لا يمكن فصل هذا التطوير الدائم للقدرات العسكرية الإسرائيلية، عما أسمته صحيفة يديعوت أحرنوت " سباق التسلّح"، مع حزب الله وحركة حماس بدعم إيراني، وفق الصحيفة الإسرايئلية. يرى محللون أن تعزيز حزب الله والفصائل الفلسطينية للقدرات الصاروخيّة القادرة على اختراق أنطمة الدفاع الجوّي متعدّدة المستويات، يعد أحد أبرز أسباب التركيز الإسرائيلي على البعد الدفاعي.
رابعاً: يعتقد محلّلون أن دخول منظومة الدفاع الجوّي الإسرائيلية نظام الخدمة بشكل كامل في أوائل أبريل، مقدّمة طبيعية لشن حرب إسرائيلية على غزّة أو لبنان وربّما سوريا. هذه الحرب الذي كثُر صداها في الآونة الأخيرة رغم الأوضاع الحكوميّة غير المستقرّة، فلا تكاد تشرق شمس يوم جديد حتى نقرأ في أبرز الصحف الإسرائيلية تقارير عن اقتراب الحرب. هذه التقارير تأتي نتاجاً لتهديدات السياسيين والجنرالات، ليس آخرها ما كتبته صحيفة يديعوت أحرنوت بقلم غيورا ايلاند تحت عنوان "رياح الحرب"، أو صحيفة معاريف بقلم يوسي ملمان تحت عنوان "الهدوء المخادع"، وعشرات التقارير المماثلة في الصحف الإسرائيلية. ربّما يضع البعض هذه التقارير في سياق التحليل الإعلامي، إلا أن كلام وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن "كل واع يفهم بأن الانتخابات هي آخر ما يريده شعب إسرائيل الآن"، يؤكد نيّة الحرب المبيّتة، لديه بخلاف حليه السياسي نتيناهو الذي يريد تقديم انتخابات الكنيست، ولكن قرار الحرب والسلم لا يقتصر على ليبرمان وحده.
حتى لو اتُخذ القرار في الأروقة الإسرائيلية، فالأمر يحتاج إلى موافقة أمريكية، قد تتّضح معالمها بشكل أكبر بعد مؤتمر "أيباك" المقرّر عقده نهاية الشهر الجاري.