الوقت- شهدت الساحة الليبية تسارعاً كبيراً في الأحدات على عدة أصعدة، فبعد سيطرة "سرايا الدفاع من بنغازي" على بعض المواقع بالهلال النفطي، وتراجع الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تصاعد الصراع بين الشرق والغرب، وبدأ الخصمان بتبادل الاتهامات فيما بينهما، لتدخل ليبيا من جديد في دوامة من النزاعات المفتوحة على جميع الاحتمالات.
وكان من اللافت الصمت الدولي على تراجع قوات حفتر عن ميناء راس لانوف والسدرة، ما طرح عدة أسئلة حول موقف الدول الداعمة له مما يحصل، وهل تخلت بالفعل عنه هذه الدول، لأسباب تتعلق بإعادة صياغة تحالفات جديدة قد يكون المشير حفتر ضحيتها؟
آخر التطورات على الساحة الليبية
بعد تصعيد التوتر بين أطراف النزاع الليبي في منطقة الهلال النفطي، على خلفية خسارة المشير حفتر موقعاً نفطيا هاماً في شمال شرق ليبيا واستمرار المعارك هناك، على وقع هذه التطورات أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية بياناُ دعا فيه أطراف القتال في منطقة الهلال النفطي للانسحاب الفوري منها، وتوحيد جهاز حرس المنشآت النفطية.
وجاء في نص البيان أنه "يجب الانسحاب فوراً من منطقة الهلال النفطي حرصاً على نزع فتيل الاقتتال وشبح الحرب". وتابع المجلس بالقول : "يجب توحيد جهاز حرس المنشآت النفطية تحت جهاز موحد يخضع لإشراف المؤسسة الوطنية للنفط".
وأضاف البيان أن الجهاز سيعمل على الدفاع عن هذه المنشآت من أي اعتداء أو تهديد ومن أي جهة كانت.
وتابع البيان "مهمة حرس المنشات النفطية هو حماية المواني والحقول وليس له علاقة بأي صراع حالي بين الإطراف المتنازعة، وان دوره يقتصر علي حماية المنشات من أي تهديد بالإضافة الي العمل علي تسهيل إتمام عمليات المؤسسة الوطنية للنفط".
ودعا طرفي النزاع إلى "التحلي بالروح الوطنيّة"، و"الاتفاق على إخراج مقدرات الليبيين من دائرة الصراع بمختلف أشكاله، وتوحيد كافة مؤسسات الدولة الحيوية لتخدم الليبيين جميعاً في كافة أنحاء الوطن، بعيداً عن التجاذبات والصراعات والمساومات".
توتر بين قوات حفتر وسرايا الدفاع عن بنغازي
أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، محمد غانم، أن قوات الجيش تستعد في الوقت الحالي لشن هجوم على المواقع التي انسحبت منها في الهلال النفطي وطرد سرايا الدفاع عن بنغازي منها.
وقال غانم أن "هناك تعبئة كبيرة جدا للقوات المسلحة الليبية لطرد العصابات الإرهابية من منطقة الهلال النفطي". يأتي هذا بعد تراجع قوات حفتر إلى مدينة البريقة، حيث لاتزال تحتفظ بميناء البريقة والزويتينة.
وفي محاولة منها لإخراج مقاتلي سرايا الدفاع من الهلال النفطي، شنت طائرات الجيش الليبي الوطني عدد من الغارات الجوية على مناطق سيطرة سرايا الدفاع.
وقال المتحدث باسم قوات الكرامة أحمد المسماري" إن ضربات جوية نفذت في رأس لانوف والسدرة وبن جواد وهراوة ردا على تقدم كتائب دفاع بنغازي".
أما مجلس النواب المنعقد في طبرق، فأدان من جهته الهجوم معتبراً ذلك "عملاً إرهابياً تنفذه ميليشيات متطرفة تابعة لتنظيم القاعدة فارة من مدينة بنغازي" على حد تعبيره.
من جانبها أعلنت سرايا الدفاع أن قواتها تضم ثلاثة آلاف مقاتل، هدفهم الوصول إلى بنغازي، التي أخرجهم منها المشير حفتر.
وقال قائد السرايا العميد مصطفى الشركسي، "السرايا تحركت لاستعادة بنغازي وضمان التداول السلمي على السلطة، ومنع عودة الحكم العسكري الذي يسعى حفتر لفرضه بقوة السلاح" بحسب تعبيره.
وعلى الرغم من الأحداث الأخيرة أضعفت الموقف السياسي للمشير حفتر، بعد أن كان سيد النفط في ليبيا، إلا أنه من المستبعد أن تتخلى عن الدول الإقليمية والغربية، لأن هذه الدول تعتبر الطرف المقابل غير موثوق ويمكن أن يشكل خطر عليها في المستقبل.
إدانات دولية
أصدر سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بياناً مشتركاً، نددوا فيه تصعيد التوتر في منطقة الهلال النفطي ووجهوا دعوات لجميع الأطراف بوقف إطلاق النار، كما دعوا إلى حماية المنشآت النفطية، وقالوا "إن هناك حاجة لقوة عسكرية وطنية موحّدة تحت قيادة مدنية"، فيما رفض سفراء إيطاليا وألمانيا وإسبانيا المشاركة في البيان، دون توضيح السبب.
وفي السياق دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر إلى وقف الأعمال القتالية. وقال على حسابه في تويتر "أطالب الطرفين بالامتناع عن أيّ تصعيد وضمان حماية المدنيين والموارد الطبيعية والمنشآت النفطية الليبية".
يذكر أن الهلال النفطي يحتوي على 80% من ثروات البلاد النفطية، ووصول انتاجه في الآونة الأخيرة إلى 700 ألف برميل يوميا وهو ما يعادل ضعفي انتاج العام الماضي لكنه لا يزال أقل بكثير من كمية الانتاج قبل انتفاضة عام 2011 والذي كان يبلغ 1.6 مليون برميل يومياً.