الوقت- إن مسلسل الإجرام الدموي العابر
للقارات تستكمله داعش من العراق الى سوريا و اليمن و لبنان و مصر، والى ليبيا التي
شهدت مؤخراً مشهدا جديدا من مسرحية الرعب الممنهج حيث كان أبطالها هم أنفسهم، انما
اختلفت الضحية.
تحت عنوان "حتى تأتيهم البينة"، نشر تنظيم داعش الإرهابي في بلاد المغرب العربي،
فيديو يوضح عملية قتل مجموعتين من الأثيوبيين المسيحيين، في منطقتي فزان وبرقة في ليبيا. وعرض الفيديو لقطات جمعها
للضحايا الذين أسماهم "رعايا الصليب من أتباع الكنيسة الإثيوبية المحاربة". فكان الإعدام رمياً بالرصاص من نصيب المجموعة الأولى
والإعدام ذبحاً من نصيب الثانية. في تكرار لنفس المشهد لعملية ذبح 21 مسيحياً مصرياً
في ليبيا قبل أشهر.
الحوادث الإجرامية التي يصورها التنظيم
بطريقة سينمائية هوليوودية أصبحت أمراً متكرراً، والغاية أيضاً هي نفسها، نشر الرعب
بهدف احكام السيطرة على المناطق التي يحتلها و تسهيل الأرضية لتوسعه نحو مناطق جديدة.
هذا بالنسبة للتنظيمات الارهابية التي تعيش
حلم تحقيق الخلافة الاسلامية على الطراز الذي رأينا منه مثالاً حيا في الموصل. أما
بالنسة الى صانعي ورعاة التكفير، فالهدف كما بات واضحا حسب اعترافات صدرت من داخل البيت
الأمريكي منذ عام 2006 عندما وعدنا الرئيس السابق للسي آي اي "جيمس وولسي"،
وتحدث بكل وقاحة غير آبه بآذان العرب الصماء، وقال أنهم سيصنعون لنا الإسلام الذي يناسبهم
لتحقيق مصالحهم دون أن يضطروا لإراقة دماء جنودهم، كما خرجت وقتها وزيرة الخارجية السابقة
كونداليزا رايس أثناء عدوان تموز 2006 لتبشر أصدقاءها العرب بأن المنطقة تشهد مخاضاً
لولادة الشرق الأوسط الجديد.
نعم إنها الفكرة التي يغفل عنها الكثيرون.
هي أصل الموضوع والمفتاح لمعرفة ما يجري. وما
تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، الا ورقة رابحة الآن، سيحرقها اللاعب الأمريكي
عندما يحين الوقت ليأتي و يلعب دور المنقذ للبلدان والمخلص من خطر هذه التنظيمات. حتماً
بعد أن يضمن مصالحه و يضع شروطه المسبقة.
يرى البعض أن إعدام الأثيوبيين هو جزء من
خطة اسرائيلية في إفريقيا لتعميق الهوة بين الأعراق والديانات وتغذية الصراعات بين
المسلمين والمسيحيين. فدور الكيان الإسرائيلي كان واضحاً في تقسيم السودان، وزرع بذور
الفتنة بين العرب والبربر. وذلك لتأمين
"محيطها الجديد". هي خطة إستراتيجية
إسرائيلية لضمان تفوق الكيان الإسرائيلي في المنطقة والتي تقتضي إعادة تكوين البيئة
الجغرافية السياسية للدول المحيطة بالكيان الصهيوني و تقسيمها لتحويلها إلى دويلات أصغر وأضعف.
اذا ما يجري في منطقتنا ليس صدفةً، وإنما
هو مخططٌ مدروس لتهجير المسيحيين من منطقة الشرق الأوسط. هو مخطط تدعمه وتغذيه وتموّله
"الصهيونية العالمية" والتي تهدف
لخلق أكبر قدر ممكن من معطيات التمزيق والتفريق،
وتهجير الأقليات وإغرائهم بالعيش في
أوروبا. الأمر الذي يلغي دور الكنيسة المشرقية وتصبح المرجعية هي الفاتيكان. و بالتالي
تعطي المبرر للكيان الإسرائيلي لتقول أن مرجعيتها هي القدس لدولة يهودية .
هذا التهجير المبرمج والمنظم وإستهداف الكنائس
يراد له أن يُصور بطريقة مأساوية ليتسبب بردود أفعال ضد المسلمين في البلاد الغربية
و يتم الصدام بين المهاجرين المسلمين والمسيحيين. وندخل في حرب يتم الإعداد لها بعناية
وهي حرب الحضارات كما يروجون لهذا المصطلح في أعلامهم .
اذا أصبح جلياً حدود دور الدول العربية في المشروع
الأمريكي الإسرائيلي. دورٌ هو في الأساس تمويلي عبر عائدات النفط اضافة الى دورهم في
نشر الفكر التكفيري الذي ما زال يُدرس في مدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم. كما أصبح جلياً
أيضاً المشروع الأمريكي الاسرائيلي الكبير الذي يطبخ للمنطقة، وما جريمة اعدام العمال
الأثيوبيين و قبلهم الأقباط المصريين و غيرها من المجازر التي ارتكبت من قبل تنظيم
داعش الإرهابي وحركة الشباب وبوكو حلرام وجبهة النصرة، الا وقود لإتمام طبخة السم تلك،
التي إن نضجت فإن أول من سيتذوقها هم حكام الدول الذين ساعدوا في طبخها.