الوقت- منذ اللحظة الأولى التي تم فيها الإعلان عن تشكيل جماعات مسلحة في سوريا، تحت مسميات مختلفة وتبني هذه الجماعات للفكر الإرهابي والتكفيري، كان جلياً أن عمر هذه الجماعات قصير ولاتستطيع الإستمرار بهذا النهج في منطقتنا وخاصة أن جميع أفكارها باطلة، ومابني على باطل فهو باطل، وهذا ماأكدته لنا السنوات الست من عمر الأزمة السورية، وهاهي اليوم الجماعات الإرهابية تتآكل من الداخل وتُخون بعضها البعض وتنقسم فيمابينها إلى ميليشيات أصغر وأصغر إلى أن تزول كلياً، وهذا ماستنبئنا عنه الأيام القادمة.
خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية قتل أكثر من 70 مسلح نتيجة معارك عنيفة حدثت بين "هيئة تحرير الشام" و"جند الأقصى" في ريف ادلب الجنوبي، وقتل خلال هذه المعارك قياديين اثنين على الأقل بحسب تنسيقيات المسلحين.
ماهي أسباب اندلاع هذه الاشتباكات
شهدت الأيام القليلة الماضية مشاحنات وتهديدات من الطرفين، وتم استقدام تعزيزات إلى المناطق المتاخمة للطرفين بالتزامن مع مفاوضات تمت بين الشرعيين التابعين ل "هيئة تحرير الشام" وقياديين في "جند الاقصى"، ورفعت الأخيرة من حدة التوتر عندما هددت بقتل جميع الأسرى المنتمين لفصائل أخرى في سجونها.
وكانت قد طلبت "هيئة تحرير الشام" في المفاوضات التي جمعت بينها وبين "جند الاقصى"المقربة من تنظيم "داعش" الارهابي إعلان براءتها من التنظيم في بيان رسمي، وأن يحضروا إلى محكمة شرعية تحكم بينهم، إلا أن "جند الأقصى" رفضوا هذا الطلب بحجة أنه لايوجد قاضي يرتضون حكمه، كما كفروا جميع الفصائل الأخرى، وبناء على ذلك أعلنت هيئة تحرير الشام أنها ستقاتل "جند الأقصى" لرفضها الصلح.
نتائج المعارك بين الطرفين
بعد ثلاثة أيام من المعارك تمكنت هيئة تحرير الشام من السيطرة على قرية معرزيتا الواقعة شمال كفرسجنة، وبذلك يكون قد ارتفع عدد القرى والبلدات التي خسرها "جند الأقصى" خلال 24 ساعة في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي إلى 6 قرى وهي كفرزيتا والتمانعة والركايا ومعرزيتا وكفرسجنة وتل عاس.
وكان تنظيم جند الأقصى قد انسحب، الأحد، من بلدة الهبيط وقريتي مدايا وكفر عين بالريف الجنوبي لإدلب، فيما لا يزال يسيطر على مقر الحسبة شمال خان شيخون، كما يبسط التنظيم المسلح نفوذه على بلدات وقرى خان شيخون ومورك وطيبة الإمام ولطمين ولحايا والمصاصنة والبويضة ومعركبة والصياد وتل جعفر شمال شرق خان شيخون ومحيط قرية حيش من أصل 17 بلدة وقرية على الأقل كان قد استكمل السيطرة عليها يومي 9 و 10 فبراير/شباط الجاري.
في المقابل، شنت عناصر"جند الأقصى" هجوماً على عدة مواقع لـ"هيئة تحرير الشام"، وامتدت الاشتباكات بينهما إلى بلدة مورك وخان شيخون ومحيطها، حيث صعّد مسلحو "تحرير الشام" هجماتهم على مواقع جند الاقصى في محاولة لإقصائهم من تلك المناطق، وأفضت هذه المعارك إلى فرار مسلحي "جند الأقصى" من بلدة كفرزيتا إلى قرية الصياد. وكان انتحاريان تابعين ل "جند الأقصى" قد فجرا نفسيهما بأحزمة ناسفة في مقرين لـ"تحرير الشام" في بلدة كفرزيتا في ريف حماه، وجرى تفجير مفخخة في موقع لها في بلدة التمانعة. وأفادت تنسيقيات المسلحين بأنّ "لواء الأقصى" اقتحم سجناً تابعاً لـ"هيئة تحرير الشام" في محيط خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، وأطلق سراح المساجين داخله.
كما قام مسلحو "جند الأقصى" بإعدام 16 عنصرا من "هيئة تحرير الشام" خلال اقتحامهم مقراتهم، وذُكر أن معظم الإعدامات جرت في الهجوم على مقر الحسبة في منطقة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي.
من جهة أخرى استمر الاقتتال بين الجماعتين المسلحتين في ريف حماة وأسفرت المعارك بينهما عن مقتل العشرات بالإضافة إلى مقتل الشرعي في جند الأقصى المدعو أبو ريحانة.
وبذلك تكون المواجهات بين الطرفين قد أسفرت عن مقتل مايزيد عن 70مسلحا من الطرفين، بالإضافة إلى مقتل عدد من القياديين.
تجدر الإشارة أن ميليشيا "جند الأقصى" أعلنت بيعتها ل "جبهة فتح الشام"، بعد أقل من 4 أيام على اندلاع الاشتباكات بينه وبين حركة أحرار الشام الإسلامية.
وبناء على ذلك أصبح بإمكاننا القول أن مصير هذه الميليشيات بات محتوماً بالزوال في ظل الانقسامات الكبيرة التي تجري داخلها بالإضافة إلى بدء الوصول إلى إجماع دولي بوضع هذه الميليشيات على لائحة الإرهاب ومحاربتها بكل الوسائل الممكنة وهذا ماكانت الحكومة السورية تقوله في جميع المحافل الدولية منذ اندلاع الأزمة السورية قبل 6 سنوات.