الوقت- تأسس مجلس التعاون كمنظمة إقليمية والذي يضم ست دول هي السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان في مايو/أيار عام 1981.
وعلى الرغم من أن مجلس التعاون كان يهدف في بداية تشكيله إلى تحقيق أهداف سياسية وأمنية واقتصادية، إلاّ أنه وبسبب الأجواء السائدة في المنطقة في تلك الفترة تغلب عليه الجانب الأمني دون الجوانب الأخرى.
وعلى الرغم من توفر الإمكانات الهائلة لتمتين العلاقات بين إيران ومجلس التعاون في مختلف الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية، إلاّ أن هذه العلاقة لازالت تشوبها الكثير من العراقيل التي تحول دون تطويرها حتى الآن.
وبسبب الخوف المتجذر لدى معظم دول مجلس التعاون، والتدخلات الخارجية لاسيّما من قبل أمريكا في شؤون المنطقة بقيت العلاقات بين إيران وهذه الدول متلكئة، وهو ما أثر بدوره على فشل المساعي الرامية لحل العديد من أزمات المنطقة.
وتتلخص نظرة بعض دول مجلس التعاون إزاء الجمهورية الإسلامية في إيران بأنها تمثل تهديداً أمنياً لهذه الدول، ولهذا سعت هذه الدول منذ البداية إلى معاداة طهران، وتبلور ذلك بشكل واضح في دعم نظام صدام في حربه التي شنها على إيران في أيلول/سبتمبر عام 1980.
وفي السنوات الأخيرة لجأت دول مجلس التعاون لعقد اتفاقيات أمنية مع أمريكا ووفّرت قواعد عسكرية لقواتها في منطقة الخليج الفارسي، ما أدى إلى توسع النفوذ الأمريكي في عموم المنطقة والذي ساهم بدوره في زيادة التوترات والهواجس الأمنية لدى هذه الدول.
ويمكن القول بأن انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وما تبعه من دعم طهران للقضية الفلسطينية والحركات الثورية في البلدان الإسلامية قد ساهم أيضاً بإثارة مخاوف الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي. ويبدو أن هناك سبباً آخر لهذه المخاوف يكمن في عدم تفهم قادة دول مجلس التعاون للسياسات الثورية في إيران ولاعتقادهم بأن طهران باتت تشكل قوة إقليمية كبيرة، ما حدى بهم لاتخاذ مواقف سلبية تجاه إيران.
إلى جانب ذلك شعرت معظم دول مجلس التعاون بالقلق بعد نجاح إيران في توقيع الاتفاق النووي مع مجموعة (5+1) والذي مهّد السبيل لتعزيز علاقات طهران مع الغرب، ولهذا سعت هذه الدول إلى إثارة أزمات بوجه إيران بحجة التخوف من تداعيات الاتفاق النووي.
وبالنظر إلى هذه المعطيات يمكن القول بأن سياسات مجلس التعاون لا تتناسب مع طبيعة مصالح إيران. ومما ساهم في بلورة هذه الفكرة لدى الإيرانيين وقوع مجلس التعاون تحت تأثير النفوذ الأمريكي في المنطقة والذي ينتهج سياسة معادية لإيران. وهذا الأمر يعود في الحقيقة إلى طبيعة العلاقات المتعددة الجوانب بين واشنطن ومجلس التعاون.
وتعتقد إيران بان علاقات مجلس التعاون مع أمريكا تتعارض مع سياساتها خارج حدودها، لكنها في الوقت نفسه لا تنظر لهذه العلاقات على أنها تشكل تهديداً مباشراً لطبيعة مجتمعها أو على سياستها الداخلية.
وبسبب الموقع الجغرافي لدول مجلس التعاون وقربها من إيران وامتلاكها مصادر غنية للطاقة ونظراً لأهميتها الجيوبولوتيكية لدى الدول الكبرى، تميزت العلاقات بين الجانبين بنوع من الحساسية التي أثرت سلباً على طبيعة هذه العلاقات.
وفي ظل الظروف المعقدة والشائكة التي تواجهها المنطقة بشكل عام باتت علاقات أمريكا ومجلس التعاون تشكل تهديداً للأمن القومي الإيراني والسياسة الخارجية الإيرانية من وجهة نظر طهران التي تعتقد أيضاً بأن التواجد العسكري والأمني الغربي لاسيّما الأمريكي يحول دون توسيع العلاقات وتطويرها مع دول المنطقة ويحد بالتالي من نشاطها الإقليمي والدولي في مختلف المجالات.
وللتغلب على هذه العراقيل لابدّ لإيران ومجلس التعاون من تبني سياسات جديدة واتخاذ خطوات دبلوماسية حكيمة لإنهاء حالة التوتر الناجمة عن الاختلافات الطائفية والقومية وما يعرف بإيران فوبيا "التخويف من إيران" التي تشجع عليها أمريكا، وتوسيع آفاق التعاون في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية لاسيّما في مجال الطاقة.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمهورية الإسلامية في إيران تبدي رغبتها على الدوام بإقامة علاقات متينة مع كافة دول الجوار لاسيّما دول مجلس التعاون، لكن التدخل الواسع للقوى الأجنبية في شؤون المنطقة والذي يغلب عليه طابع "التخويف من إيران" حال دون تحقيق هذا الهدف حتى الآن.