الوقت- بعد نجاح إيران في إبرام الاتفاق النووي مع مجموعة (5+1) والانتصارات التي حققتها القوات السورية بدعم من موسكو وطهران ومحور المقاومة والتي تجلت في تحرير مدينة حلب والاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخراً في آستانة لتسوية الأزمة السورية سياسياً جعل الكثير من المراقبين يعتقد بأن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب" باتت أمام اختبار صعب في كيفية التعاطي مع إيران في مختلف المجالات وعلى المديين القريب والبعيد.
في هذا السياق نظمت مؤسسة "هيريتيج" الأمريكية للدراسات والبحوث ندوة تخصصية في واشنطن بحضور خبراء دوليين لمناقشة الآفاق المحتملة لسياسة الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة "دونالد ترامب" مقابل إيران، والدروس التي يمكن استخلاصها من فرض الحظر على طهران، وتداعيات سياسة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" في هذا المجال.
وأشار الخبير المعروف "جيمس فيليبس" إلى أن التوتر الذي ساد العلاقات بين إيران وأمريكا طيلة العقود الأربعة الماضية يعد واحداً من أهم العوامل التي ألقت بظلالها على تطورات الأحداث في العالم لاسيّما في الشرق الأوسط، فيما أكد "جي سولومون" أحد أشهر مراسلي صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن محور المقاومة الذي تقوده إيران والذي وقف إلى جانب سوريا في التصدي للجماعات المسلحة قد تمكن من إرباك المشروع الأمريكي إلى حد كبير في عموم المنطقة.
واعترف العديد من المشاركين في الندوة بأن إدارة روسيا وإيران كانت ناجحة جداً في التعامل مع الأزمة السورية، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة استهداف الاقتصاد الإيراني من أجل إضعافه على غرار الهجمات السيبرانية التي استهدفت بعض المؤسسات العسكرية والعلمية الإيرانية في زمن الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، مشددين كذلك على ضرورة توجيه ضربات لقوات حرس الثورة الإسلامية في إيران من أجل إضعافها.
واعتبر هؤلاء بأن سياسة أوباما قد تسببت في تغيير الموازين الدولية تجاه إيران، مشيرين في هذا الخصوص إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية السابقة لتشديد الحظر على طهران قد تسببت بالضغط على إيران إلى درجة فاقت تصورات السعودية والكيان الإسرائيلي ووزارة الخزانة الأمريكية في هذا المجال.
كما زعم هؤلاء بأن أوباما نجح في جرّ العديد من الدول للوقوف إلى جانبه في سياسته تجاه الملف النووي الإيراني التي مزجت بين التفاوض وتشديد الحظر على طهران. لكنهم اقروا في الوقت نفسه بأن إيران قد تمكنت من تحقيق مكاسب مهمة خلال المفاوضات النووية وباتت اليوم أقوى من السابق رغم الضغوط التي تمارس ضدها من قبل واشنطن.
وتطرقت الندوة كذلك إلى الأوضاع في سوريا، وتحديداً تحرير مدينة حلب والانتصارات الأخرى التي تحققت على يد الجيش السوري بدعم من روسيا وإيران ومحور المقاومة، مؤكدة بأن هذه الانتصارات كان لها دور كبير في تعزيز مواقف دمشق وطهران وموسكو خلال المفاوضات التي جرت مؤخراً بين المعارضة والحكومة السورية في العاصمة الكازاخية "آستانة" لتسوية الأزمة السورية سياسياً.
وأشار المجتمعون إلى أن قدرة أمريكا على التحكم بحلفائها الغربيين والإقليميين قد تراجعت إلى حد كبير بسبب انعدام الثقة بين الجانبين، ونوّهوا كذلك إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تضم في صفوفها الكثير من المتحمسين لتشديد الضغوط على إيران، معربين عن اعتقادهم بأن نتائج هذه الضغوط لايمكن التكهن بها لاسيّما وان الإجراءات التي تتخذها واشنطن تواجه انتقادات حادّة باعتبارها تنتهك الاتفاق النووي مع إيران، بالإضافة إلى أن الأخيرة تعاملت بحزم وهددت باتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذه التهديدات.
وبيّن عدد من المشاركين في ندوة "هيريتيج" بأن الإدارة الأمريكية الجديدة باتت أمام اختبار حقيقي في كيفية التعاطي مع إيران سواء ما يتعلق بالملف النووي أو بالأزمة السورية، مؤكدين بأن النتائج التي ستترتب على هذا الاختبار ستلعب دوراً كبيراً في تحديد نوع العلاقة بين طهران وواشنطن في المستقبل.
وألمح بعض المشاركين إلى أن إيران استطاعت إلى حد كبير أن توحد موقفها الداخلي إزاء الملف النووي بالاعتماد على الثوابت الوطنية والاستدلالات العلمية والاقتصادية المرتبطة بهذا الملف.
وفي ختام الندوة دعا المشاركون إدارة ترامب إلى مواصلة الضغط على إيران وتشديد الحظر المالي بشكل خاص على قوات حرس الثورة الإسلامية والاستفادة من الفرص والإمكانات غير المتكافئة في هذا المجال. كما رجح بعض المشاركين بأن تزيد واشنطن من دعمها للسعودية في زمن ترامب.