الوقت- مع اقتراب الاحتجاجات والمظاهرات السلمية في البحرين من عامها السادس على التوالي، لم يتوقف نظام آل خليفة عن استخدام كافة أساليب القمع والاضطهاد ضد الشعب البحريني الذي ما زال محافظاً على سلمية مظاهراته رغم كل أساليب الاستفزاز التي يمارسها عليه النظام البحريني والتي كان آخرها مهاجمة المعتصمين السلميين في محيط منزل المرجع الديني آية الله عيسى قاسم، في بلدة الدراز، والقيام بإعدام ثلاثة شبان، في خطوة اعتبرها الكثير تجاوز للخطوط الحمر، في حين رأى البعض أن نتائجها ستكون كارثية على نظام آل خليفة وستقلب الطاولة عليهم وعلى داعميهم.
الشعب البحريني وعلمائه ومراجعه الدينية أكدوا منذ اليوم الأول أنه يجب الحفاظ على سلمية المظاهرات، إلا أن التطورات الأخيرة وتجاوز السلطات البحرينية للخطوط الحمراء سيغير قواعد اللعبة ويقود البحرين إلى مصير مظلم ومجهول.
وفي تطور مسبوق شهدت البحرين تظاهرات شعبية حاشدة ضمت الالاف، أكد فيها المتظاهرون التفافهم حول علمائهم ورموزهم الدينية ورفضهم المساس بمعتقداتهم، في حين أكد علماء البحرين في بيان لهم أن شعار "الدفاع حتى الموت" عن الزعيم الديني آية الله الشيخ عيسى قاسم هو الموقف الشرعي الذي أعلنته المرجعية الدينية إلى شعب البحرين.
وهذا ما أكدت عليه مساء يوم الأحد الحشود الغفيرة التي غصت بها شوارع البحرين معلنة تضامنها مع آية الله الشيخ عيسى قاسم، ورفض المحاكمة الظالمة بحقه التي عقدت جلستها الإثنين.
وكانت قد أعلنت جمعية الوفاق الإسلامية في البحرين أن ما يزيد عن أكثر من 150 الف مواطن بحريني شاركوا في تظاهرات الأحد وذلك في 48 منطقة وبلدة من البحرين من أجل الدفاع عن حقوق المواطنين .
واعتبر علماء البحرين أن المحاكمة لاتستهدف شخص الشيخ قاسم فحسب، بل انها محاكمة للشعب ومساس بمعتقداته، واستفزازاً لكل المشاعر، ودفعاً بالوطن إلى المنزلقات المدمرة، وأضافوا "نقول هذا وقلوبنا على الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وصلاحه وازدهاره".
كما قال كبار العلماء إن الشعب لم يرتدِ الأكفان ليتركها بل إنها محفوظة حتى يتحقق هدف ارتدائها وهو حفظ صمام الأمان والضمانة الوطنية وحصن الإسلام في هذا البلد سماحة آية الله قاسم، وذكر العلماء في بيان لهم أن شعب البحرين أوصل رسالته بكل قوّة لكلّ المعنيين، وأثبت بأوضح لغة أن هنا شعبًا لا يتخلى عن دينه وعزته مهما كان حجم التهديد، فيما دعا ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير إلى ضرورة استمرار الحضور في الساحات والاحتشاد عند منزل آية الله قاسم دفاعاً عنه.
وقال نائب الأمين العام للوفاق الشيخ حسين الديهي: "ونحن هنا نقف إجلالاً واحتراماً وتقديراً لهذا الشعب العظيم وهذا العطاء والوفاء الذي يعبر عن أصالة هذا الشعب ونقائه ووطنيته وصموده وشجاعته وفداءه، ونوجه له شكرنا وتقديرنا"، وأردف: "شعبنا العظيم نقبل أيديكم ورؤوسكم على هذا الموقف الأسطوري التاريخي الكبير ونؤكد اننا معكم ولن نخذلكم".
وفي حوار مع وكالة تسنيم الدولية للانباء، أكد ممثل آية الله عيسى احمد قاسم في إيران، الشيخ عبد الله الدقاق إن النظام قد "بيت نية خبيثة لاخراج اية الله الشيخ قاسم، من البحرين".
وحول امكانية تراجع النظام وانهاء المحاكمة السياسية رأى الشيخ الدقاق أن النظام قد حصر نفسه في زاوية ضيقة "ان تراجع ذهب ماء وجهه و ان تمادى وواصل فهذا انتحار و زلزال سياسي".
وأفادت مصادر في المعارضة البحرينية أن المتظاهرين السلميين خرجوا في أكثر من48 منطقة في البلاد وجابوا الشوارع حاملين صور الشيخ قاسم ولافتات تحذر من المساس به، فيما رد النظام بعنف شديد واستخدم "مرتزقة النظام" الرصاص الإنشطاري وقنابل الغاز ما أدى لإصابة متظاهرين، وعلى رغم ذلك واصلت التظاهرات في الخروج في العديد من المناطق وسط حضور لافت.
وردد المتظاهرون شعارات مناوئة لرأس نظام آل خليفة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي يحمّلونه مسؤولية الانتهاكات التي تمارسها الحكومة بحق السكان الأصليين.
وفي الدراز، حيث يحيط آلاف المعتصمين بمنزل آية الله عيسى قاسم، ارتدى المصلون أكفانهم، وأكدوا استعدادهم للموت في الأزقة التي أصبحت ساحة اعتصام منذ أن قرر النظام البحريني إسقاط الجنسية عن آية الله الشيخ عيسى قاسم في يونيو/ حزيران الماضي.
وبناء على ما تم ذكره من أحداث يمكننا القول أن المشهد البحريني بات ضبابياً ويذهب إلى المزيد من التعقيد والتوتر في ظل تعنت النظام البحريني بقرارته المجحفة بحق الأكثرية البحرينية وقمعه المستمر للمتظاهرين السلميين، خاصة مع تصاعد حالات الإعدام والتعذيب الأخيرة، ووصول الشارع البحريني إلى حالة من الفوران والغضب بات من الصعب الرجوع عنها حتى تحقيق كل المطالب المحقة.