الوقت- تمر العلاقات بين الدول بالعديد من المراحل. أما بالنسبة للطرف الإيراني فقط تميز دوماً بنسجه العلاقات بناءاً لمواقف ومبادئ واضحة. حيث لا مكان للمصالح على حساب المبادئ. وهو الأمر الذي يؤكده مسار التطور والتعاظم الإيراني في المنطقة لا سيما دور ايران في الأزمة السورية. في حين تُثبت إيران مجدداً أنها قادرة على العمل وعلى أكثر من صعيد، وهو ما برز في التعاون الإيراني السوري، والذي بات واضحاً انه ليس فقط في المجالين السياسي والعسكري بل أيضاً في المجالات الإقتصادية والإجتماعية. الأمر الذي يمتد أيضاً للطرف السوري الذي بات يعتبر أنتصارات سوريا بسبب تضحيات الشعب السوري والدعم الإيراني. فماذا في زيارة رئيس الوزراء السوري الى طهران؟ وما هي آفاق التعاون التي فعَّلتها الزيارة؟ وكيف تُعتبر العلاقة السورية الإيرانية أبعد من المصالح السياسية؟
رئيس الوزراء السوري: إنتصارات سوريا تحققت بفضل تضحيات الشعب السوري والدعم الإيراني
أکد رئیس الوزراء السوری عماد خمیس علی ضرورة استمرار المحادثات مع المسؤولین الإیرانیین معتبراً أن ایران وسوریة هم في خندق واحد لمواجهة الإرهاب وهذه النقطة المشترکة یجب أن تکون نموذجاً للجمیع. وفي حديثٍ له خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء فی طهران مع النائب الأول لرئیس الجمهوریة اسحاق جهانغیري، أكد رئيس الوزراء السوري على الدور الکبیر للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی مکافحة الإرهاب ودعم الشعب والحکومة فی سوریا علی جمیع الأصعدة السیاسیة والعسکریة والإقتصادية. كما اعتبر خميس أن الحرب الحالیة فی سوریا الحقت دماراً شاملاً بها. فيما تحققت الإنتصارات بسبب تضحيات وصمود الشعب السوری وجیشه علی مدی 6 سنوات مع ما قدمته إيران في هذا المجال.
رغم الأزمة السورية: التعاون بين البلدين يطال العديد من المجالات
لم يكن التعاون السوري الإيراني على الصعيدين السياسي والعسكري فقط، بل طال العديد من المجالات الأخرى. وهو ما اعتبره رئيس الوزراء السوري بأنه يُشکل نواة لکتلة کبیرة من التعاون المشترک بین البلدین فی مجال التعاون الصناعي والإستثمارات وتفعيل استثمار الشرکات الإیرانیة فی سوریا وإنشاء المصانع وإعادة الاعمار. حيث وقع النائب الأول لرئیس الجمهوریة اسحاق جهانغيري ورئیس الوزراء السوري عماد خمیس 5 وثائق للتعاون الثنائي. وتشتمل واحدة من هذه الوثائق علی تفویض منجم الفوسفور في المنطقة الشرقية بسوریا وأبرمها وزیر الإقتصاد علي طيب نيا ونظیره السوري اديب ميالة. کما تتضمن الوثائق الموقعة تفویض 5 آلاف هکتار من الأراضي الزراعیة وتفویض رخصة شرکة "همراه اول" لخدمات الهاتف المحمول وتفویض 55 آلاف هکتار من الأراضي للخزانات والمحطات النفطیة وتفویض حقل تربیة الأبقار "زاهد" والأراضي المحیطة.
تحليل ودلالات: العلاقات الإيرانية السورية أبعد من المصالح السياسية والعسكرية
عدة دلالات لهذا التعاون يمكن ذكرها بالتالي:
أولاً: يوجد تعاون وثيق وقوي بين الطرفين الإيراني والسوري يتخطى في طبيعته واقع الأزمة الحالية. بل يمتد من كون هذا التعاون استراتيجي ومبدأي. وهو ما يُعتبر مُغاير في طبيعته للأطر التي تبني الدول علاقاتها على أساسها.
ثانياً: إن التعاون المشترك بين سوريا وإيران يتخطى الملفات العسكرية والسياسية. بل يطال كافة المستويات والملفات الأساسية. وهو ما تُثبته الزيارات المشتركة التي يقوم بها الجانبات. مما يؤكد وجود علاقة وثيقة ومتينة بين البلدين تتخطى المصالح السياسية نحو المصالح والعلاقات الشعبية والإستراتيجية.
ثالثاً: إن مفتاح الحل للأزمة السورية هو بيد الأطراف إيران، روسيا وسوريا. وإن أياً من الذين يسعون للدخول في مسار الحل أو المباحثات الجارية فهو يسعى للتأثير على توافق هذه الأطراف الثلاثة. بل إن الطرف الإيراني يعتبر الطرف السوري المعني الأول بتقرير مصيره ومستقبله ويقوم بخطوات دعمه بناءاً لذلك.
رابعاً: إن اللقاءات التي تجري بين الطرفين، تمتد الى كافة مسؤولي البلدين. وهو ما يؤكد الإحترام المتبادل والسعي لإيجاد تكامل يُساهم في نقل الوضع في سوريا الى مرحلة تُساعد على تخطيه الأزمة.
إذن، يبدو واضحاً أن تطور العلاقات بين إيران وسوريا تعبيرٌ عن تعاظم الدور الإيراني ونجاحه في قيادة الحلول السياسية من جهة، وشهادة انتصارٍ للطرف السوري الذي استطاع تخطي التحديات لا سيما الأزمة السورية. علاقة تكاملية باتت تُترجم في أماكن بعيدة عن المصالح السياسية. وهو ما سيكون بداية التحوُّل في الأزمة السورية، نحو مستقبل ما بعد الأزمة في سوريا.