الوقت- يعتقد الكثير من الخبراء ان أهمية تحرير حلب تفوق أهمية باقي التطورات التي شهدتها الساحة السورية و ان أهم تأثير لتحرير هذه المدينة هو انقطاع كلام اعداء سوريا الخارجيين والجماعات المسلحة في الداخل عن اسقاط النظام السوري عبر الحرب العسكرية واستبعاد حدوث هذا الامر بشكل نهائي، وهذا ما كانت تروج له وسائل الاعلام العربية والغربية منذ بداية الازمة السورية.
ويعتبر هؤلاء الخبراء التأثيرات الميدانية للانتصار الذي حصل في حلب هي مقدمة للإنتصار السياسي لأن معركة حلب رفعت معنويات الجيش السوري ومحور المقاومة وفي المقابل بات الارهابيون في موقع الضعف، وفي الحقيقة فإن خروج الارهابيين فوجا بعد فوج من معاقلهم يعني تقبل الهزيمة وترك الحرب مع النظام السوري والقبول بالنزوح وهذا سيرفع بالتاكيد من قدرة الحكومة السورية على التفاوض في المفاوضات القادمة فاليد العليا في السياسة هي لمن يمتلك اليد العليا في الميدان.
مع تحرير حلب انحصرت التطورات والأحداث بين 3 لاعبين فقط تقريبا هم ايران وروسيا وتركيا وتقلص دور بقية اللاعبين لكن الدور الايراني هو الأبرز والأقوى تأثيرا وقد انحسر الدور الامريكي والسعودي، اما ايران وروسيا فما زالتا مصرتان على استمرار النظام السوري وبقاء الرئيس الأسد في الحكم وهما تحترمان السيادة السورية وارادة الشعب السوري وتعيين مصير بلادهم ومحاربة الارهاب، ورغم اختلاف ايران وروسيا بعض الشيء في تعريف الارهاب والارهابيين لكن البلدين متفقتين على ضرورة مكافحة الارهاب ومحاربته.
اما الموقف التركي ازاء سوريا فهو موقف تكتيكي، فأنقرة تنظر الى الأزمة السورية كفرصة لتحقيق اهدافها الاستراتيجية في المنطقة لكن مع تغيير المعادلات الميدانية في سوريا وحدوث الازمات الامنية في تركيا تحولت هذه الفرصة الى تهديد وخطر بالنسبة الى تركيا وهناك بادر الاتراك الى تغيير تكتيكي دون التخلي عن اهدافهم الاستراتيجية، فهؤلاء تخلوا الان عن هدف اسقاط الأسد وبات هدفهم الرئيسي ادارة الازمة في سوريا لأن ادارة هذه الأزمة قد خرجت عن يد الاتراك حين عاد الاكراد الى نشاطهم المناوئ لتركيا وعشعش الارهاب على امتداد الحدود التركية ووجه ضربات أمنية في داخل تركيا، فلذلك يعتقد بعض الخبراء ان الاتراك حافظوا على هدفهم الاستراتيجي وباتوا الان يبدون المرونة لكي يتمكنوا من ادارة الازمة السورية وليس إنهائها.
ان الانتصار الميداني في حلب زاد من وزن الدول الداعمة لسوريا وهم دول محور المقاومة والممانعة وزعزع مكانة اعداء سوريا وهذا يثبت بأن الحل في سوريا ليس الا المقاومة ولذلك حينما نتحدث عن المفاوضات السياسية يجب ان نعلم بأن التفاوض السياسي يتبع المقاومة وليس استراتيجية بديلة أو موازية لاستراتيجية المقاومة.
وتلعب المفاوضات السياسية دورا مكملا للمقاومة وهذا ما تتبناه ايران الداعمة لسوريا كفكرة واستراتيجية لكن الطرف الآخر كان يريد استبدال المقاومة بالمفاوضات وخلع سلاح المقاومة ولذلك فإن المرحلة المقبلة ستشهد شد حبال بين الجانبين لكن كلمة الفصل تبقى للدولة السورية والشعب السوري لأن اصرار الدولة والشعب على عدم التنازل للجماعات المسلحة وعدم منح امتيازات لهم سيجبر باقي الاطراف على الرضوخ للإرادة السورية.