الوقت – لقد تشكلت حكومة الانقاذ الوطني في اليمن والغاية منها كانت المواجهة والتصدي للعدوان السعودي وترتيب الاوضاع الداخلية، وتولى رئاسة هذه الحكومة عبدالعزيز بن حبتور الذي يعلم تماما ان أمامه مهمة صعبة وهي التغلب على المشاكل البشرية والاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية الناجمة عن العدوان.
خصائص حكومة الانقاذ الوطني
لقد تم تشكيل المجلس السياسي الاعلى في اليمن في صيف 2016 وخلال الشهر الماضي اختار هذا المجلس العضو السابق في حزب المؤتمر الشعبي عبدالعزيز الحبتور (من أبناء جنوب اليمن) كرئيس للوزراء مكلفا اياه بتشكيل الحكومة لكن حدثت هناك خلافات بسيطة بين انصارالله وحزب المؤتمر حول التشكيلة الحكومية وحينها امتنع الحبتور عن تشكيل الحكومة لكن المفاوضات التي جرت بعد ذلك أقنعت الحبتور بتقبل المسؤولية وعندئذ تم تشكيل الحكومة المؤلفة من 42 وزيرا، وتولى الحقائب الوزارية الهامة والسيادية موالون لأنصارالله وحزب المؤتمر بشكل متوازن وقد كانت وزارات الاعلام والعدل والتجارة والصناعة والتعليم والتربية من حصة انصارالله بينما حصل حزب المؤتمر على وزارات الخارجية والنفط والداخلية والعمل والثقافة.
وما يلفت الانتباه في هذا التقسيم هو إشراك الجنوبيين في السلطة فالعديد من وزرائها هم أبناء الجنوب، وستتولى هذه الحكومة مهمة انشاء المؤسسات لليمنيين لمواجهة التحديات والأخطار وهذا يبطل مفعول حكومة عدن المستقيلة والتي اعلن مرارا وتكرارا عن استقرارها في عدن ومن ثم فرارها وهروب اعضائها الى السعودية.
ان حكومة الانقاذ الوطني تمتاز ايضا بعدم وجود تدخل سعودي او امريكي في اعمالها فهي ترجمة للإرادة الشعبية ما يزيد من قدرة البلاد على الصمود أمام الضغوط الخارجية فالحفاظ على الوحدة الداخلية يفشل التحالف السعودي المتشكل ضد اليمن، كما أنهى تشكيل هذه الحكومة احتمال حدوث الخلافات بين انصارالله وحزب المؤتمر ورفع من قدرة الجانبين على التفاوض وكسب الامتيازات من الجهات الخارجية.
العوائق وسبل النجاح
يعاني اليمن من فقدان الوحدة والتضامن الوطنيين فالخدع السياسية الخارجية والاستعمار الداخلي الذي مارسه حكم علي عبدالله صالح في السابق جرح مشاعر الجنوبيين الذين رفعوا صوتهم بالانفصال كلما كانت الازمة الداخلية تشتد وتعلو، كما ان انتشار الشيعة في الشمال والسنة في الجنوب أضعف النسيج القومي الموحد في البلاد وهذا تسبب بعدم وجود موقف يمني موحد في وجه العدوان السعودي ليحترق اليمن بنيران الاعتداء الأجنبي والصراع الداخلي، ولذلك يجب على حكومة الانقاذ ان تنفتح على الجنوب والجنوبيين وحل المشاكل الموجودة بين الشمال والجنوب واعطاء الجنوبيين حصتهم في الثروات والسلطات لأن معظم آبار النفط في اليمن موجودة في الجنوب لكن حصة الجنوبيين من هذه الثروة ضئيلة قياسا مع أبناء الشمال.
ومن الحلول الأخرى يمكن الإشارة الى ضرورة قيام أنصارالله بعقد لقاءات بين قادة قبائل الشمال والجنوب بالاضافة الى رفع مستوى الخدمات وتحسين الاوضاع الإقتصادية التي إزدادت تفاقما مع بدء العدوان السعودي، فإذا استطاعت حكومة الإنقاذ القيام بهذه الأعمال فإنها ستزيد حتما من رصيدها وستعزز شرعيتها.
ان ايجاد لجان مختصة لبسط الأمن وتكليف الوزارات المعنية بالعمل الدؤوب لخدمة المواطنين سيعتبر هزيمة للسعودية والحكومة المستقيلة، كما من الضروري ان تتحرك هذه الحكومة لكسب المشروعية على الصعيد الدولي ايضا والتعامل مع باقي البلدان فإذا تم الاعتراف دوليا بهذه الحكومة فهذا يؤدي الى مضاعفة النجاح الداخلي لكن مقدمة ذلك هي تسجيل الانجازات الداخلية وكسب تأييد المجتمع اليمني.
وبتعبير آخر اذا نجحت حكومة الانقاذ الوطني في كسب دعم وتأييد أغلبية أبناء الشعب اليمني عبر نجاحها في انجاز المهام واظهار جدارتها فإن ذلك سيؤدي حتما الى اعتراف الآخرين بها وقبول المجتمع الدولي بشرعية هذه الحكومة.
وينبغي لحكومة الإنقاذ ايضا ان ترتب الزيارات واللقاءات مع مختلف دول العالم وممثليها ومسؤوليها لتبادل الآراء والتشاور والتفاوض لكي تنتزع الاعتراف بشرعيتها، كما يجب على هذه الحكومة ان تعلن مواقفها حيال الأحداث الاقليمية والدولية ومراعاة الاعراف الدبلوماسية في التعامل مع الحكومات والمؤسسات الدولية والعمل على اعادة فتح السفارات الأجنبية في اليمن وعودة السفراء الاجانب الى البلاد لأن هذا يعتبر اعترافا بشرعية حكومة الإنقاذ.