الوقت- رفض مجلس الأمن الطلب الرسمي السعودي لوضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والقرار الصادر لم يلب تمنيات آل سعود، وبذلك منيت المملكة بفشل ذريع. وطلب القرار من أنصار الله التنحي عن السلطة دون أي شروط مسبقة، والخروج من المؤسسات الحكومية، والمشاركة بحسن نية في المفاوضات التي تجريها الأمم المتحدة لتحقيق حل سياسي للأزمة في هذا البلد.
المواقف المعادية للسعودية تشير إلي عدم رغبة هذا البلد في حل سياسي للأزمة في اليمن أبداً. صحيفة الوطن السعودية الرسمية حاولت تشجيع القبائل اليمنية لدعم تنظيم القاعدة في مواجهة أنصار الله، وتهديد الشعب اليمني بتكرار السيناريو السوري المأساوي في بلادهم، وقالت: يبدو أنه إذا لم تتم تحركات سريعة لوقف تدهور الأوضاع في اليمن، فإن التجربة السورية ستتكرر في هذا البلد. كما اعترفت ضمناً بجهود الرياض لتوحيد القبائل المتحالفة معها، مع تنظيم القاعدة الإرهابي.
وأعربت صحيفة الوطن السعودية بدورها عن غضبها من إخفاق المجموعات المتحالفة مع آل سعود في اليمن، واصطدام السياسات السعودية بالطريق المسدود، مثنية علي إغلاق بعض الدول سفاراتها في صنعاء، والمبادرة الخليجية بشأن الأزمة في اليمن. وذكرت الصحيفة أن السعودية تربط مساعداتها الاقتصادية المهينة للشعب اليمني، بتنفيذ هذه المبادرة.
ولا يمر يوم دون أن لا تنشر وسائل الإعلام السعودية والدول العربية الأخرى في الخليج الفارسي، تقارير منحازة واستفزازية عن اليمن في سبيل أهداف الأنظمة العربية الرجعية. وإن نظرة إلي عناوين وسائل الإعلام السعودية في الأيام الأخيرة، ستكشف لنا عن نوايا وأهداف آل سعود بشأن اليمن. حيث المحاولات لإشعال حرب أهلية بين اليمنيين، ودفع هذا البلد نحو الانهيار في نهاية المطاف، يشير إلي السيناريو الأكثر خطورة للسعوديين تجاه الأوضاع في اليمن.
صحيفة عكاظ السعودية وفي محاولة لتشويه الثوار اليمنيين، اتهمتهم بالعجز في إدارة البلاد، مهددة إياهم بأن الكارثة التي حلت بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، ستتكرر للحوثيين أيضاً.
إجراء المقابلات الاستفزازية مع المسؤولين اليمنيين الموالين لآل سعود، يعتبر الوسيلة الأخرى لوسائل الإعلام السعودية والدول العربية الأخرى في الخليج الفارسي، لتحقيق سياسات هذه الدول. فعلى سبيل المثال أجرت صحيفة عكاظ مقابلة مع محافظ عدن، حيث أثني الأخير علي المواقف المثيرة للانقسام التي تتخذها الأنظمة العربية المطلة علي الخليج الفارسي، وتحدث عن دراسة اقتراح حول نقل العاصمة من صنعاء إلي عدن.
المقابلات التي تجريها وسائل الإعلام السعودية بشأن اليمن، تأتي لتأجيج الصراعات والانقسامات بين مختلف الأطياف اليمنية، ومنع التوصل إلى حل سياسي للأزمة في هذا البلد. وفي هذا السياق زعمت صحيفة الرياض السعودية أن إيران تتدخل في الشأن اليمني الداخلي، وما وصفته الصحيفة باحتلال هذا البلد، داعية إلي التدخل العسكري في اليمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. كما هددت صحيفة عكاظ أنه في حال عدم عودة القوات الموالية لآل سعود، فإن الشعب اليمني سيحرم من المساعدات الغذائية والدوائية.
وتشتد الضغوط الإعلامية والنفسية لوسائل الإعلام السعودية وحلفائها ضد حركة أنصار الله، في حين أعلنت الحركة صراحة أنها لا تسعي أبداً لاحتكار السلطة وعزل الجماعات السياسية الأخري، بل تدعو إلي تحقيق المطالب الحقة للشعب اليمني فحسب، تلك المطالب التي تم تجاهلها منذ انتصار الثورة ومجيء هذه الحكومة المنغمسة في الفساد.
وقد قال الناطق الرسمي باسم حركة أنصار الله اليمنية محمد عبد السلام إن الحركة متفقة حول المرحلة الانتقالية، والمفاوضات تجري بشكل جيد أيضاً. كما اعتبر المسؤول عن العلاقات الخارجية في حركة أنصار الله حسين العزي، أن إقدام بعض الدول علي إغلاق سفاراتها يأتي في إطار الضغوط علي الشعب اليمني، الذي حقق انجازات عظيمة في سبيل العزة والكرامة والسيادة والاستقلال واتخاذ القرار السياسي المستقل.
تزايد الأعمال الإرهابية للقاعدة والمجموعات التكفيرية الأخرى وبتحفيز مباشر من السعودية، يشكل دليلاً آخر علي ادعاءات آل سعود الكاذبة في حربهم على الإرهاب.
السعودية والبلدان الموالية لها بدلاً من اتخاذ نهج التهديد والتوتر تجاه الشعب اليمني، يجب أن تحترم إرادة هذا الشعب وحقه في العيش بكرامة واستقلال، ولا تستغل القضايا المعيشية والاقتصادية لابتزازهم.
ومن الإجراءات الأخرى التي تلجأ إليها الدول العربية في الخليج الفارسي، هي وقف الخطط الاقتصادية وتهديد اليمنيين بالعقوبات، لفرض مطالبهم وشروطهم علي الشعب اليمني الكريم.
إن الضغط الخارجي على الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة المحلية اليمنية وتهديدها بالعقوبات، لن يساعد علي حل الأزمة وستكون لها نتائج عكسية. فعلي من يدعون التعاطف مع الشعب اليمني بدل الاعتماد على ممارسة الضغط والترهيب وحتي التدخل العسكري، أن يبتعدوا عن وضع العقبات التي تحول دون تحقيق التطلعات المشروعة للشعب اليمني.
والكشف عن مخطط السعودية لتسليح القبائل الموالية لها في اليمن والجماعات السلفية التكفيرية بما في ذلك تنظيم القاعدة، وقرارها بالتدخل العسكري في اليمن إلي جانب مصر، يثبت القلق العميق لدي آل سعود من تشكيل دولة مستقلة في اليمن وعدم صحة مزاعم المسؤولين ووسائل الإعلام في السعودية بالوقوف إلي جانب الشعب اليمني وتقديم الدعم له. ولكن ليس هناك أدني شك في أن أي مغامرة عسكرية في اليمن، ستكون لها تكاليف باهظة وغير متوقعة للسعودية وحلفائها.