الوقت- رجب طيب أردوغان الذي واجه في نهاية رئاسته للوزراء وبعد إغلاق عدد من المدارس التابعة لفتح الله غولن، أزمة داخلية حادة من قبل حركة غولن، واصل بعد وصوله إلي رئاسة الجمهورية في تركيا القتال ضد فتح الله غولن بسرعة وحجم أكثر. وفي ذكرى أزمة الفساد المالي في ديسمبر 2014، أمر باعتقال ومحاكمة وسجن العشرات من أتباع غولن، والذي كان من بينهم الصحفيون والممثلون والكتاب وأفراد الشرطة والجهاز القضائي أيضاً، وذلك بتهمة المشاركة في الانقلاب ضد الحكومة التركية، الإرهاب، التنصت في مكاتب المسؤولين الحكوميين، التجسس لصالح المعارضين في الداخل والخارج والتعاون مع الكيان الإسرائيلي وأمريكا .
التعامل العنيف للشرطة والسلطة القضائية وقوات الأمن مع أنصار غولن متواصل حالياً، ويبدو أنه سيستمر حتي قبل الانتخابات البرلمانية في يونيو من هذا العام مع سرعة وأبعاد أوسع. مذكرة اعتقال فتح الله غولن البالغ من العمر 73 عاماً، صديق أردوغان القديم والذي تحول الآن إلي عدوه الأول ويعيش في المنفى منذ عام 1991 في ولاية بنسلفانيا بأمريكا ، قد صدر غيابياً في 19 ديسمبر من عام 2014. والحقيقة هي أن أردوغان يعتزم من خلال هذا الإجراء بالإضافة إلى القول إن غولن شخصية خطيرة لتركيا، الإظهار بأن التعامل معه قضية أمنية وقانونية، وليست سياسية .
يتهم أردوغان أنصار فتح الله غولن بالتنصت غير الشرعي ومحاولة الانقلاب، والذي بدأ منذ الكشف عن تحريات واسعة النطاق عن الفساد المالي لكبار المسؤولين في أنقرة في ديسمبر 2013. حيث قال اردوغان: إن أنصار غولن لا يسمحون للمنظمات والجمعيات الدينية بأن تنشط وتعمل .
يمكن أن نفهم من نهج وسلوك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في الساحة المحلية التركية، أن تطرف حزب العدالة والتنمية الحاكم تجاه جمهور وأنصار غولن والأحزاب المعارضة سيشتد في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية . إن الجانب الإيجابي من المشهد السياسي التركي هو أنه بالتوازي مع عمليات الاعتقال والاحتجاز والمحاكمة والسجن بحق الأشخاص المرتبطين بفتح الله غولن، الذين لهم حضور بشكل رئيسي في المؤسسات الأمنية والقضائية والدوائر الإعلامية في تركيا، فإن معارضي الحكومة أيضا يتمتعون بإمكانية إبداء وجهات نظرهم وانتقاداتهم من أداء وكيفية تعامل الحكومة .
ويتمثل الهدف الرئيسي لأردوغان في الفوز في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 7 من يونيو بالأغلبية الساحقة، أي بثلثي المقاعد في الجمعية الوطنية التركية على الأقل، وهدفه الثانوي هو إضعاف الأحزاب المعارضة وإبعاد أنصار وجمهور غولن من الساحة، علي الرغم من أن هذا النهج الأردوغاني كما يعترف داود اوغلو، قد تسبب في تقارب أحزاب المعارضة مع فتح الله غولن. هذا في حين أنه لا يوجد أي توافق أيديولوجي وسياسي بينهما، وفقط على أساس نظرية "عدو عدوي صديقي" يمكنهم تأسيس تحالف تكتيكي بينهم حتى الوصول المحتمل إلي السلطة .
فإذا كان ترتيب مستلزمات النصر في الانتخابات البرلمانية من قبل أردوغان وداوود أوغلو بحيث كانت الغالبية العظمى من الشعب التركي لديها رضا جزئي من أدائهما في مواجهة أنصار وجمهور غولن والأكراد والعلويين، وبما أن هناك نظرة إيجابية نسبية تجاه البرامج والأداء الاقتصادي للحزب الحاكم، فسوف تزيد فرص فوز اردوغان في الانتخابات البرلمانية .
ومن الأسباب الرئيسية لجهود أردوغان للحصول على ثلثي المقاعد في البرلمان المقبل من قبل حزب العدالة والتنمية، هو وضع تعديلات في الدستور بهدف إقامة نظام رئاسي وزيادة صلاحيات رئاسة الجمهورية، الأمر الذي اتخذت أحزاب المعارضة حياله موقفاً معارضاً. وعلى الرغم من أنه من المؤمل إلى حد كبير الحصول علي الأغلبية النسبية (50 + 1) مقعداً في المجلس المقبل من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولكن لا يمكن التنبؤ بدقة بالوصول إلي ثلثي المقاعد في الوضع السياسي الحالي في تركيا على الأقل. ومع ذلك سيستخدم أردوغان للفوز الكاسح في الانتخابات البرلمانية كل إمكاناته علي مستوي التوجهات الشعبوية والواقعية والدين والمذهب والعرق والجنسية والتاريخ .