الوقت- كشف العدوان السعودي المتواصل على اليمن منذ فجر الخميس ان النظام السعودي لا يزال يتخبط في اتخاذ قراراته المصيرية ويتهور في تنفيذها ويفتقد الى ادنى مستويات الشعور بالمسؤولية في كل ذلك .
فآل سعود الذين يدّعون الدفاع عن الشرعية في اليمن ينتهجون سياسة مزدوجة مليئة بالمغالطات ويكيلون بمكيالين في تعاملهم مع القضايا الحساسة التي تشهدها المنطقة الحبلى بالأزمات والتي باتت على حافة الانفجار بسبب السياسات الصهيو إمريكية – الغربية الرعناء وعمالة الانظمة الرجعية في العديد من دول هذه المنطقة .
ولنا الحق أن نسأل حكام آل سعود : اذا كنتم حريصون فعلاً على الشرعية في اليمن ، فلماذا تعارضون انتخاب الشعب اليمني لشكل ونوع حكومته التي اختار ها بمحض ارادته من خلال ثورة سلمية دامت لأكثر من ثلاث سنوات وقدم خلالها التضحيات الجسام من دماء ابنائه وخيرة علمائه وتحمل في سبيلها شتى انواع الآلام كيف تنتصر هذه الثورة وتحقق له ما يصبو اليه من العيش بعزة واستقلال وحياة حرة كريمة ؟ !
ثم لماذا تصر السعودية على تغيير نظام الرئيس السوري بشار الاسد وتدعم الجماعات الارهابية والمتطرفة التي تعارضه بالمال والسلاح وهي تعلم انه نظام منتخب من قبل الشعب عبر صناديق الاقتراع وقد ثبت للعالم أجمع ان الجماعات التي تعارضه لا تتمتع بأدنى مستوى من اللياقة والانسانية كي تحصل على الدعم من قبل النظام السعودي ومن خلفه امريكا واسرائيل وحلفائهما الغربيين وبعض الدول الدائرة في فلكهم لاسيما قطر وتركيا ؟ !
واذا كانت السعودية حريصة على الشرعية كما تدّعي وتزعم فلماذا قبلت بتغيير نظام الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتخب من قبل الشعب و لكنها تعارض في الوقت ذاته خيار الشعب اليمني في تحديد نوع حكومته التي تمخضت عن ثورة جماهيرية عارمة اطاحت بنظام الرئيس المستقيل والهارب عبد ربه منصور هادي ؟ !
ونسأل كذلك : اذا كانت السعودية تبرر وتسوغ لنفسها شن الحرب على اليمن بحجة الدفاع عن الشرعية فلماذا عارضت إذن نظام الرئيس العراقي الاسبق الدكتاتور صدام حينما شن الحرب على الكويت ؟؟ هذه التساؤلات وغيرها الكثير تثبت بالديل القاطع ان النظام السعودي لا يبحث عن الشرعية وانما يتخذها ذريعة لتبرير سياساته الهوجاء التي قادت المنطقة الى الدمار والخراب في وقت ينتظر منها الجميع ان تتحلى بقدر من المسؤولية باعتبارها دولة كبيرة من الناحية الجغرافية وتضم أقدس وأطهر بقعتين في العالم هما مكة المكرمة والمدينة المنورة اضافة الى ما تملكه من ثروة طائلة جداً بفضل الخزين النفطي الهائل الذي تزخر به ارض الحجاز وغيرها من الامور التي جعلت من هذه الارض محط انظار العالم . فكان حري بالسعودية أن تتخذ مواقف متوازنة وحكيمة كي تجنب المنطقة المزيد من الصراعات والازمات ولكنها فعلت العكس تماماً من خلال تقديمها الدعم اللامحدود للجماعات الارهابية كتنظيمي " داعش " و" القاعدة " وخذلت في نفس الوقت الشعوب المظلومة والمحرومة وفي مقدمتها الشعبين الفلسطيني واليمني ولم تفكر ولو لمرة واحدة في نصرة الفلسطينيين والوقوف ضد عدوهم اسرائيل التي اغتصبت ارضهم منذ اكثر من ستة عقود من الزمن وكذلك تدخلت في شؤون اليمن لدعم انظمة لا تحظى بدعم شعبه وتسببت في الكثير من المآسي والكوارث لهذا الشعب بسبب هذا التدخل الذي لا يهدف سوى خدمة اغراض واجندات اجنبية تصب في صالح المشروع الصهيو امريكي في المنطقة .
من هنا ندرك جيداً مدى اهمية الاحتكام الى العقل والمنطق وضرورة مطالبة دول وحكومات المنطقة باتباع سياسات حكيمة قائمة على اساس الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة لشعوبها وعدم الاحتكام الى القوة والسلاح في حل النزاعات وتجنب التدخل في شؤون الدول الاخرى واقامة علاقات سليمة تهدف الى تحقيق التقدم والازدهار لكافة هذه الدول ومواجهة اعدائها الذين يسعون الى زعزعة أمنها واستقرار ها ودق إسفين الخلاف بينها وضرب وحدتها من خلال اثارة النعرات الطائفية والقومية لتحقيق مصالح ومآرب غير مشروعة خدمة لاسرائيل العدو الحقيقي للمسلمين ولحلفائها الغربيين وفي مقدمتهم امريكا التي عاثت في الارض فساداً واهلكت الحرث والنسل بسياساتها الهمجية واسلحتها المدمرة لفرض هيمنتها دون وجه حق على مقدرات المنطقة .
ولكن يبدو من خلال ملاحظة طبيعة العدوان السعودي على اليمن ان المنطقة تسير باتجاه المزيد من التعقيد والتصعيد بعد أن باتت الامكانات الهائلة والاسلحة المتطورة بيد حكومات واشخاص لا يشعرون بالمسؤولية ويستخدمون هذه الامكانات والاسلحة كما يستخدم الاطفال الصغار لُعبهم للهو البريء وكما يلعبون بالنار وهم لا يشعرون بالمخاطر التي تحيط بهم ، ولهذا بات من الضروري جداً الوقوف بحزم بوجه هذه الحكومات والانظمة التي لا تدرك ماذا يعني توريط المنطقة بأزمة جديدة وفتح ابواب الجحيم على شعوبها كما تفعل الحكومة السعودية الآن بحربها غير المشرفة ضد الشعب اليمني المسكين والمنهك اقتصادياً بدلاً من الوقوف الى جانبه لمساعدته في بناء ما دمرته الحكومات السابقة باموال واسلحة اكثرها سعودي .
واخيراً نقول وقلوبنا تعتصر ألماً .. يا آل سعود إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا احراراً في دنياكم إن كنتم عُرباً كما تزعمون .